رأي/ كرونيك

القانون 20-22..عندما تكون الصدمة صدمتين

علي الصدقي

تصر بعض الهيئات السياسية أحيانا على نهج سياسة حجب الشمس بالغربال،خاصة حين يتراءى لها أن ردّ الفعل المجتمعي تجاه موقف من مواقفها تجاوز توقعاتها وأضحى مداه كالسيل الجارف يجتاح ما كانت تظنه في مأمن من ذلك.

ماخلّفه مشروع القانون 20-22 الذي تقدم به الوزير الاتحادي محمد بنعبد القادر من استياء عام وحراك مجتمعي والذي وجد طريقه من خلال الشبكات الاجتماعية والمنصات الرقمية فاق كل تقدير،إضافة لبيانات تندد بمقتضيات هذا القانون.

ما الذي أصاب بصيرة الوزير الذي تقدم بهذا المشروع حتى يرتكب زلة بهذا الحجم ستظل نقطة سوداء في سيرته الذاتية، ونقطة استفهام عريضة في سِجّل الحزب الذي استوزره؛ وكيف للحكومة الذي تبنت هذا القانون أن تفسد على المغاربة نشوة قلّما خبّروها ، ألا هي التلاحم الشعبي ضد جائحة الكورونا .أهو الغباء السياسي أم أنه تحقير لعقول المغاربة، والاعتقاد أنهم سيمتثلون للأمر ويخضعون لواقع الحال؟؟

إنها تساؤلات تجد مشروعيتها في مقتضيات هذا القانون الذي جادت به قريحة الوزيرالاتحادي، وأزكمت رائحته الانوف منذ الوهلة الأولى الذي انكشف فيه أمره علانية، وهوما أدانته بعض هيئات حزب الوزير باعتباره تسريبا. وكأنهم في قرارة أنفسهم غير راضين عن افتضاح الامر، ومنهم من حاول جاهدا التعسف على مدركات المغاربة في محاولة يائسة لإظهارأن هذا القانون قد جاء في سياق دعم وتقوية التدابير الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة جائحة الكورونا.

بعض مواد هذا القانون أثارت تساؤلات عديدة، وبثت الشكوك في النفوس، خاصة منها المادة 14 التي تنص على العقوبات المتعلقة بكل من قام بالدعوة الى مقاطعة بعض المنتوجات اوالبضائع، مما جعل الشبهات تحوم حول من كان وراء القانون. وهي تساؤلات مشروعة، وحيث أن الشبكات الاجتماعية هي التي قادت حملة المقاطعة التي وصل صيتها كل انحاء المعمور، ، فلابد من وضع القفل والمزلاج على هذه الشبكات وعلى كل المنصات الرقمية الأخرى ، ولهذا يمكن القول على أن مقتضيات المادة 14 هي الهدف والمبتغى من قانون محمد بنعبد القادر.

لقد خلف هذا القانون لذى الكثيرمن المتتبعين صدمتين،تتجلى الأولى في كونه يضرب في العمق الحق في التعبير وينسف كل المجهودات المتراكمة في حماية الحريات الأساسية؛ والصدمة الثانية هي كونه صادر من وزير ينتمي لحزب قدّم تضحيات جسام من أجل مغرب تسوده قيم حقوق الانسان واحترام الحق في التعبير،  وهو ما يحزّ في القلب ويندى له الجبين ، ولعل أرواح شهداء الاتحاد الاشتراكي في مثواهم يتحسرون لما لحِق حزبهم من إساءة جراء هذا القانون.

الراحل عبد الرحيم بوعبيد وهو يخاطب أعضاء الشبيبة الاتحادية اياما قبل وفاته قائلا: “لقد قُدْتُ سفينة الاتحاد، وما قمتُ به صدر من القلب والفؤاد، واليوم أوصيكم بحزبكم، الذي هو أمانة في عنقكم”.

فهل حافظ الوزير الاتحادي محمد بنعبد القادر على الأمانة ياترى؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى