ثقافة وفنون

قصة ولادة لعبة الكلمات المتقاطعة ومخترعها والتي ينصح الأطباء اليوم بممارستها

منذ أن بدأت الصحافة الورقية تنتشر بين عموم الناس مطلع القرن العشرين، كان التنافس يحتدم مع مرور الوقت بين الصحف والمجلات لتحقيق الانتشار الأكبر في المجتمعات.

كان هذا الانتشار وما زال السبب الذي يدفع القائمين على هذه المطبوعات إلى التفكير في الوسائل والطرق التي تجعل مطبوعاتهم الأكثر شعبية وشهرة وانتشاراً.

ومع مرور الوقت، يقول الموقع الإلكتروني” الخليج أونلاين”  الذي نشر هذه الدراسة، أنه جرى  انتشار هذه اللعبة بين  المتعلمين في أوساط المجتمعات التي أخذت في مواكبة التطور، وتبني حملات لنشر التعليم والقضاء على الأمية، بدأت الصحافة الورقية تهتم بتقديم محتوى يستهدف القراء من مستويات تعليمية وثقافية مختلفة.

وكانت المسابقات والألغاز تعتبر المنقذ للعديد من المطبوعات الورقية من صحف ومجلات، حيث أصبح في سنوات لاحقة حلّ هذه الألغاز يزيد من إقبال الناس على شراء الصحف، وكانت الكلمات المتقاطعة أبرزها وأكثرها أهمية بالنسبة لمحبي الألغاز.

وبلغ الأمر، تضيف الصحيفة ذاتها،  بكثيرين أنهم يحرصون على اقتناء الصحيفة لغرض هذه التسلية، دون مطالعة الصحيفة؛ وهو ما استغله القائمون على الصحف للاهتمام بهذه الفقرة في صفحات خاصة.

آرثر وين مخترع الكلمات المتقاطعة

أصل الكلمات المتقاطعة

أشار المصدر نفسه، الصحافي البريطاني آرثر وين، المولود في مدينة ليفربول عام 1862، الذي كان يعمل محرراً ومصمم ألعاب ذهنية في الصحف الورقية ببلاده، كان قرر السفر  إلى الولايات المتحدة حيث بدأت هذه البلاد تجتذب أصحاب الكفاءات والخبرات للعمل فيها.

عمل وين بعد سفره لأمريكا في صحيفة “نيويورم وورلد”، وطلب رئيس تحرير الجريدة منه اختراع لعبة جديدة تجذب القراء، فاهتدى إلى لعبة الكمات المتقاطعة، وذلك في عام في 21 ديسمبر 1913، وهو التاريخ الذي يسجل ولادة الكلمات المتقاطعة.

لكنها لم تكن بالشكل الحالي، حيث تحوى مربعات سوداء بل كانت عبارة عن شكل رباعى مكون من مثلثين متساويي الساقين.

تدريجياً حققت اللعبة جماهيرية، وبدأت تقلدها الصحف الأمريكية الواحدة تلو الأخرى، ثم انتقل التقليد لصحف في بلدان مختلفة حتى غزت اللعبة صحف مختلف دول العالم.

على المواقع الإلكترونية

اكتساح العالم الرقمي لحياة البشر لا سيما خلال العقدين الأخيرين، أثر بالسلب على الصحافة الورقية التي احتضنت هذه التسلية الفكرية لعقود طويلة.

فقد أخذت الصحافة الورقية تفقد بريقها وحضورها وجمهورها مع سطوع بريق الإعلام الإلكتروني ومواقع الإنترنت والتطبيقات الإلكترونية المختلفة؛ وهو ما تسبب بتراجع طباعة غالبية الصحف والمجلات، فضلاً عن إغلاق بعضها ومنها صحف ومجلات عالمية بارزة.

لكن على الرغم من هذا التراجع، بقيت الكلمات المتقاطعة تحظى بالرواج والانتشار والمتابعة؛ حيث بدأت تنتشر تطبيقات إلكترونية خاصة بهذه التسلية، التي تسمح بتنزيلها في جهاز الكمبيوتر أو في أجهزة الهواتف الذكية وممارستها.

الكلمات المتقاطعة.. أنواع مختلفة

وبحسب ما ينوي واضعو هذه التسلية، وما يخصص لهم من مجال في الصحيفة أو المجلة، تكون بعضها مكونة من أقل من مئة مربع، وبعضها تصل إلى أكثر من 500 مربع.

بعض المصممين يجعلون المربعات السوداء التي تقاطع المربعات البيض تشكل كلمة ذات معنى أو دلالاة ما، وبعضهم يضيفون الكثير من التصميمات منها وضع صور لمشاهير داخل الأحجية.

الطب ينصح بالكلمات المتقاطعة

أكدت الصحفية الإلكترونية الخليج أونلاين، استنادا لدراسة نشرت كانت خلصت في نهاية 2018 إلى أن التدريبات الذهنية عن طريق ألعاب حلّ الألغاز مثل الكلمات المتقاطعة، والسودوكو، ربما لا تمنع تدهور القدرات الإدراكية بسبب تقدم العمر عكس الفكرة السائدة بين الناس.

وكتب الباحثون في دورية الطب البريطانية أنه على الرغم من ذلك، فإن المشاركة في مثل هذه الأنشطة طوال العمر قد تعزز القدرات العقلية.

في نفس السياق، قال روجر ستاف قائد فريق البحث من جامعة أبردين البريطانية، إن مهارات الإدراك بعد الخامسة والستين ترتبط بدرجة أكبر على ما يبدو بالقدرات الإدراكية التي كان يتمتع بها الشخص خلال سنوات الطفولة، والنشاط الذهني طوال العمر.

في نفس الإطار، ذكرت وكالة “رويترز” عن  ستاف قوله: إن “الفكرة تتعلق أكثر بما تستمتع به وتنجذب له طوال حياتك. الأذكياء يميلون للانشغال والمشاركة بدلاً من العودة للمنزل وعدم فعل أي شيء”.

وأخذ ستاف وفريق البحث في الحسبان القدرات في مرحلة الطفولة، عند دراسة التدهور في سنوات العمر المتأخرة، عن طريق تحليل بيانات من اختبار واسع النطاق في أسكتلندا، في عام 1947 لجميع الأطفال المولودين في عام 1936.

وشارك بعضهم في دراسة طويلة الأمد تتعلق بالشيخوخة عندما بلغوا سن الرابعة والستين، ثم جرى اختبارهم لنحو خمس مرات على مدى الأعوام الخمس عشرة التالية.

في أثناء هذه الاختبارات جرى تقييم كفاءة الذاكرة وسرعة تعامل المخ مع البيانات.

وتبين أن القدرات المعرفية في مرحلة الطفولة ترتبط بمستويات النشاط الذهني في سن متقدمة، لا سيما الإقبال المبكر والمتواصل على أنشطة حلّ الألغاز، الذي ارتبط بتأخير تدهور القدرات الإدراكية في الكبر.

لكن ستاف قال إن الأداء الإدراكي تدهور لدى الجميع بمرور الوقت؛ ما يشير إلى أن من غير الممكن منع حدوثه.

وكتب فريق البحث أنه إذا بدأ التدهور من مستوى أعلى من القدرات المعرفية؛ فمن المرجح أن يستغرق وقتاً أطول حتى يصل إلى مستوى ملحوظ، أو  يعرقل كفاءة قدرات معينة.

وبحسب ما ذكرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية في تقرير سابق لها، يشدد د. دووغ براون من “جمعية الزهايمر” على أهمية الكلمات المتقاطعة في الحد من انهيار مهارات التفكير.

وأكد أن الكلمات المتقاطعة تحسن من هذه المهارات بشكل كبير وفعال، مشدداً على ضرورة الحفاظ على نشاط مع التقدم بالسن.

وتوصي “جمعية الزهايمر” البالغين وكبار السن بالعمل على حل لغز يومي واحد، ومنها حل الكلمات المتقاطعة؛ للحد كذلك من خطر الإصابة بالخرف.

المصدر: الخليج أونلاين ورويرترز…

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى