تدوينة لبيجداوي ينعت فيها خصومه السياسيين ب “بني علمان” تكشف مالم يكن مستورا…
حمورو هذا، الذي رقى نفسه إلى درجة أسد، يعترف بأنهم يشعرون أنهم في حرب مع الاتحاد الاشتراكي، ومع غيره ممن لم يخضع ولم يقبل بدفع الجزية، وليسوا في منافسة سياسية يؤطرها دستور وقوانين.
وهذا مالا يثير استغراب من يعرف البنية الدهنية لهؤلاء ونفسيتهم الغارقة في ظلام الحقد. ذلك أن ايديولوجيتهم المغلفة بالدين تقوم في العمق على وجود دار الإسلام، التي اشتروا مفاتيحها وصارت حكرا لهم، في مقابل دار الكفر التي يحشرون فيها كل من لا يعتبر سيد قطب نبي هذا العصر ولا يقبل بفكرته الهمجية التي تعتبر هذا العصر عصر جاهلية جديدة.
حمورو هذا، يقر كذلك أنهم يمارسون الخذاع، وهو بذلك لا يكشف عن جديد الا بالنسبة لمن كان غافلا،ولتبرير هذه الممارسة، المرفوضة أخلاقيا وسياسيا في العصر الذي نعيش فيه وفي المجتمعات التي تتطلع للرقي الحضاري، فإنه اوجد لها شرعية في حديث نبوي منزوع من سياقه، على فرض أن صحته تابثة، اسقطه على وضع غير الوضع الذي قيل فيه، إذ لا يمكن لذلك الحديث ان يكتسب معنى الان الا في اجواء الحرب والاقتتال بين المسلمين والكفارولا معنى له بين مسلمين يتدافعون في ميدان السياسة والايديولوجيا والمشاريع المجتمعية في اطار دولة حديثة.
الاعتراف بممارسة الخداع، المرادف للغذر والتحايل والطعن من الخلف والتدليس والتشهير وماالى ذلك من المترادفات، يعني ان اخلاق هؤلاء الناس، المتشهون بحيوان مفترس ولكنه ابعد ما يكون عن الغذر الذي يعتبرونه ميزتهم، منحطة إلى حد يستحيل معه على أحد من الاحاد أن يثق فيهم، لأن تعايشهم لا يقوم على إقتناع بالعيش المشترك في مجتمع تعددي يتجه بكل مكوناته نحو بناء وطن يسع كل ابنائه، بل هو تعايش داريهم في انتظار الايقاع بهم جميعا والانقضاض عليهم والقضاء المبرم على اخر فرد منهم. انها التقية التي سرعان ما تسقط بمثل تدوينة حمورو، المقرب جدا كما هو معروف من دهاقنة العدالة والتنمية وقساوسة حركة التوحيد والااوصاحب الافتتاحيات في جريدة اخبار اليوم الناطقة باسمهما.
حمورو يقول للجميع باننا ابتلينا بحكومة ينعدم لديها اي احساس بالمسؤولية تجاه البلاد، وفي اي ظرفية، لان طرفا من اطرافها يتولى رئاسة الحكومة، ياحسرة على بلادنا، منخرط في حملة دائمة لتصفية المتحالفين معه والمعارضين عبر اساليب الخداع والغذر لانه يتصور ان غزوته يمكن ان تقوده الى ان يبقى وحده بدون شريك كي يفرض ما يخفيه وراء الادعاءات والكلمات والشعارات المسروقة ممن يتربص بهم وييخدعهم ويحضر اسلحته للقضاء عليهم، وما يخفيه تاتي فلتات اللسان والنقر والتدوينات لتجعله مكشوفا لكل عين ناظرة.
ذلك ان هذا الطرف الذي ساهم في تمرير مشروع القانون المشؤوم في مجلس حكومي برئاسة امينه العام، والمتضمن على العموم لما كان الخلفي يعتزم تمريره عندما كان وزيرا واضطر الى التخلي عنه تحت ضغط الراي العام، وكان يتهيا بعد تعديلات جزئية لاحالته على البرلمان موقعا من طرف رئيس الحكومة، المؤهل وحده لاحالته، هو نفس الطرف الذي نجده اليوم يخادع الراي العام، الذي يتصور أنه في حرب معه أيضا ومن حقه أن يخدعه، بخوض حملة ضد الاتحاد الاشتراكي محملا إياه وحده جريرة المشروع الحكومي، لأن الوزير الذي تم استوزاره باسم هذا الحزب، هو من تولى تقديمه للمجلس الحكومي خارج المساطر المتبعة مند إحداث منصة الأمانة العامة للحكومة التي تتيح للمعنيين وللرأي العام معرفة محتوى مسودات مشاريع القوانين وإبداء الرأي فيها.
وغير خاف أن مشاريع القوانين لاتبرمج في اجتماعات مجلس الحكومة إلا بعد أن تكون قد وزعت على الوزراء وابدوا الرأي بشانها وتلقاه رئيس الحكومة وقام بالتحكيم بين الآراء وأحال تحكيمه على الأمانة العامة للحكومة للقيام بالمتعين.
رفضنا للمشروع مضمونا وتوقيتا لايمنعنا من القول بأن تسريبه، وقد وصلتني نسخة منه، من طرف الحزب الذي يترأس الحكومة، كما يؤكد ذلك حمورو بالوجه المكشوف نيابة عمن يختبا وراء الاتباع، واستتباعه بتعليق الرميد يبين أن حزب العدالة والتنمية، الذي لم يكن ضده بدليل مصادقة وزرائه عليه في اجتماع مجلس الحكومة يوم 19 مارس مع ملاحظات جزئية لوزيرين فقط،، ينطوي على خبث وروح عدائية وانتقامية ولا يعبر بأي شكل من الأشكال عن مواقف مبدئية مدافعة عن الحريات وحقوق الانسان من قبيل تلك التي عبر عنها كل الديمقراطيين والحقوقيين، بمن فيهم عدد كبير من الاتحاديين الذين صدمهم موقف الوزير المفروض أنه يمثل حزبا قدم تضحيات جسام في مواجهة الاستبداد.
ذلك أان حزب العدالة والتنمية، الذي رأينا كيف عبأ ذبابه الإلكتروني وصحافته، يرغب فيما يبدو في استغلال فرصة سانحة، متداركة في الواقع بعد مضي وقت على مصادقة الحكومة على المشروع المشؤوم، ليوجه ضربة قاتلة لحزب الاتحاد الاشتراكي في أفق الانتخابات العامة لمجلس النواب المقبلة، بعدما صار هذا الحزب الذي كان كبيرا في حالة وهن شديد. ومن يعتقد أن السعي إلى ضربه جاء فقط بسبب فرض دخوله الى الحكومة أو تحالفاته داخلها وخارجها، فهو مخطئ تماما.
ذلك أن هذا العنصر يبقى جزئيا وأقل أهمية مقارنة مع الحقد الدفين للاسلاميين ضد هذا الحزب مند بدايتهم وهو حقد يشمل كل اليسار وكل الحداثيين الذين يصفهم الذباب الالكتووني ب”بني علمان” وغير خاف أن حمورو من منشطي هذا الدباب فمن غير المنتظر ممن تبنوا قتلة الشهيد عمر بنجلون ودافعوا عليهم بكل ما أوتوا ووصفوا ضحية الغذر بالكلب الأجرب ضاربين “اذكروا موتاكم بخير” بعرض الحائط أن يفلتوا فرصة كيفما كات لممارسة ما تعودوا عليه وصار ثابثا من ثوابثهم” الحرب خدعة”
واليوم يشحدون أسلحة حربهم، التي لاتستثني أحدا، بعدوانية غير مسبوقة لانهم يعرفون ان خذاعهم للمغاربة بمظاهر كاذبة سيؤول الى ما يجب أن يؤول إليه بمنطق التطور التاريخي للبشرية الذي ينتصر اليوم وأكثر من أي وقت مضى للعلم والاخلاق ضد الشعودة والفاشية المتسترة والمعلنة.
حمورو كشف كل شئ بتدوينة غبية تطرح على الدولة وعلى الأحزاب السياسية أسئلة لابد من البحث عن أجوبة لها بكامل الوضوح. من يعتبرون أنفسهم في حالة حرب ومن يشرعنون الخداع ومن يتشبهون بحيوان مفترس لا يمكن لأحد أن يثق فيما يضمرون له وما ينصبونه له من شراك. فالمفروض أن السياسة تمارس في أطار السلم والبحث عن نموذج للعيش المشترك.
سحب المشروع الحكومي المشؤوم أصبح ضروريا اليوم، على أساس ان يقوم بذلك رئيس الحكومة الذي وافق على برمجته للمصادقة بالطريقة المتحايلة التي برمج بها ووافق عليه، وعلى أن يقدم للرأي العام كل التوضيحات بشانه بدل أن يترك للذباب الالكتروني التابع لحزبه الباب مفتوحا لزرع الفتن في هذه الظروف التي تستدعي منه أن يعمل على توحيد الجميع لتجاوز الوباء ومضاعفاته الاقتصادية والاجتماعية وأيضا لمواجهة حملات البدو ضد بلادنا وشعبنا.