رأي/ كرونيكسياسة

الاتحاد الاشتراكي يكتب والتاريخ يسجل

كل عنوان مدخل لصفحات منمقة بعبارات متراصة تقلك عبر نقطها وفواصلها إلى الصفحات اللاحقة لتبحر بك في عوالم خطها القلم لإنبات المتعة والإفادة وممارسة الحرية بشغف وفطن ونباهة ودقة وما على الورق إلا تحمل الأحلام والواقع ومزج الحاضر بالماضي لاستشراف المستقبل ماضيا وسالكا خريطة بلا حدود. إن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مدرسة للسياسة تخرجت منها عدة قيادات تاريخية بلغت هرم التسيير، بصمت تاريخها بكثير من الفخر والعطاء.

ولم تهمل قط المجال الثقافي اذ العديد منهم نذر حياته للكتابة مادامت الكتابة لا تموت والإيمان بأن العمر قصير فلا يمكن تضييعه دون أن تكتب. والكتب لها إضافات ولو بسيطة، تغذي مخزون الانسان الثقافي. كما تأخذ الانسان إلى عوالم وأزمان مختلفة لم يسبر أغوارها من قبل.

بطبيعة الحال الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فاعل تاريخي في المسألة الثقافية الوطنية مؤمن باحترام مبادئ التعددية والتنوع وحرية التعبير والرأي ومرسخ للإبداع وثقافة الاختلاف وإشاعة المبادئ الحقوقية.

ولعل التراكمات النضالية والسياسية التي بصمت الحياة اليومية ومدى المساهمة في تاريخ البلاد في النضال في كل الواجهات التي تبرزها أدبيات ووثائق الحزب العديدة، في الآونة الأخيرة شهدت الساحة المغربية هطول الكتب حول حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خاصة من لدن القادة الفاعلين لتزيح الستار عما جرى ودار.

ويعتبر هذا سلوك حضاري ايجابي يظهر مدى إدراك أصحاب المبادرات لنبض المهتمين والمواطنين للاطلاع على تجاربهم في الحياة من خلال توثيق الأحداث نزولا عند رغبتهم الدفينة وإنصاتهم لمطالب الأصوات الناشدة للحقيقة والمعرفة واقتسام المعلومة وكما أسلفنا مادامت الكتابة لا تموت بل هي اعتراف وبوح دون ضغط أو تعسف أو ابتزاز صارت الحياة اليوم مكشوفة يمكن للجميع الاطلاع والمعرفة عبر ثنايا السطور.

حسب الرصد المتمكن منه، للعناوين التي تناولت موضوع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بلغ 200عنوانا (عدا الأدبيات الحزبية: المؤتمرات، المذكرات … ودون الحديث عن البحوث الجامعية التي تظل حبيسة الرفوف أو مآلها التنكيل والإحراق وهنا ما ضير الطلبة الباحثين أو الجامعة بتزويد الجهة المعنية بنسخة … للحفاظ على المنتوج) وكتابها ليس بالضرورة خريجو المدرسة الاتحادية لكن يجمعهم حب الاطلاع وتنوير الملأ بحقيقة أمر ما عانه الحزب من مضايقات واعتقالات و… وإبراز مساهمته وما حققه من أجل بناء الوطن. مما يبرز مدى المكانة التي يحتلها حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الحياة الابداعية وباقي المجالات حتما. الحياة بكل مظاهرها تكون في ظلام متى عزل الكتاب عنها، فالكتاب عنوان بصفة عامة يحمل رسائل ويعد ميزان حرارة (Thermometre) المجتمعات، وعنوان للإبداع والنبوغ والتفوق .

تأتي كتابة المذكرات المتسمة بالجرأة والموضوعية و الصدقية والشفافية وهي حصيلة اجتهادات فردية لشخصيات بمراكز القرار أو قريبة جدا لها ،أي كانوا طرفا فيها أو شهودا عليها في المقدمة، لا محالة تساهم في قراءة التاريخ المغربي الراهن الذي لا يزال طازجا بأحداثه ووقائعه ونتائجه. وهذه الكتابات تخلف تراكما معرفيا تمكن الدارس التحقق وإلقاء نظرة تحليلية فاحصة وبالتالي البصم على قراءة للتأريخ المغربي الحديث بمنظور إنتاج محلي. كتابات تمتح مما جرى عبر التاريخ الوطني : تاريخ المقاومة والحركة الوطنية، سنوات الرصاص، تجارب ومسارات.

تتنوع العناوين بين الكتب المكرسة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بين خط المسار الحزبي والمذكرات وأنت تتجول بين العناوين :كلها اجتهادات فردية طبعا عبر تدوين المذكرات الشخصية والدوافع والأهداف قد تكون مختلفة، غير أن تصفح هاته العناوين، يلاحظ غياب يوميات الناس العاديين والمسئولين المحليين (الحزبيين ) الذين أغلبهم يلجئون إلى تسجيل تفاصيل الأحداث الخاصة في حياتهم وانطباعاتهم ووقائع لا يرغبون أن يطويها النسيان ، يدونها المناضل المسؤول المحلي لاستخلاص العبر . لا يود نشرها للعموم لعوائق عديدة .

حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ليس حزبا عاديا كسائر الأحزاب، يعتبر من أعرق الأحزاب المغربية ، خاض العديد من المعارك منذ الاستقلال من داخل المؤسسات ومن خارجها ظل طيلة مساره .ساهم قادته التاريخيون في صنع جزء مهم من تاريخ المغرب. تاريخ طويل وقاسٍ ودامٍ من الصراع بين الحزب والقصر . وطوال هذا المسار الحافل بالصدام والنضال والتضحيات، أدى “اتحاديون” كثيرون الثمن غاليا من أرواحهم ومن حرياتهم . الاتحاد الاشتراكي يمثل تيارا مجتمعيا واسعا ناطقا باسم القوات الشعبية الكادحة . الحزب الذي شكل أقوى معارضة للنظام عرفها المغرب في تاريخه الحديث . زخم الإرث الثقافي السياسي .

ومن خلال نظرة خاطفة، الذي يطبع مواضيع العناوين عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المسافة الزمنية القصيرة التي تكتب عما جرى بالأمس القريب و تتصف بالموضوعية نظرا لكون الأشخاص والفاعلين والأماكن لا تزال تستقبل أشعة الشمس.

ورغم كل الدسائس و جيوب المقومة التي تسعى الى تمرير عملية تبخيس العمل السياسي وتمييعه، والتي دشنها الحكم منذ الستينات من القرن الماضي في شكل تجريم النضال السياسي التقدمي، و تطورت ، فيما بعد، إلى تفريخ الأحزاب و تقويض نضالات مختلف القوى التقدمية والحد من الإشعاع الجماهيري. وجربت التبخيس بمختلف الأدوات كالتخلي عن التزوير المباشر وتوجيه إرادة الناخبين بشكل مكشوف؛ باستعمال أدوات على رأسها استعمال المال وشراء الأباطرة الجدد للتجارة في الأصوات الانتخابية، مستغلين أوضاع الهشاشة وضروب التهميش والفقر والأمية التي تطال فئات واسعة من الجماهير الشعبية على امتداد مختلف الجغرافية الوطنية.

هذا التفكك الخلقي و القيمي، لم ينج منه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بطبيعة الحال فنال حظه هذا الموضوع من الكتابة في انتقاد وجلد للذات، ولكن يكفيه فخرا أن مجرد صفة “الاتحادي” كانت رديفة للنزاهة والنضال بدون حساب شخصي، ولا حتى حزبي، وإنما لمصلحة الوطن ومصلحة الجماهير.

كل هذه الكتب والكتابات يظل السؤال عالقا ما الفائدة من هذه الكتابات ومن هذه الفئة الاجتماعية المسماة النخبة المثقفة إن لم يكن الأمر يتعلق بتوظيف البحث لتغيير وضع ما؟ . أجل كل هذا يصب في ثقافة الغد مكانة الحزب مستمرة ومتواصلة ورسالة من جيل لجيل تتمثل من خلال بذله للكثير من التضحيات و المجهود في العديد من المجالات، الحزب دائما يلتزم بالصدق والوضوح بحيث يعبر عن الافكار بشكل صادق وواضح يجيد الاصغاء لنبض الشارع ويحرص على التثقيف والتعرف على الثقافات الأخرى.

فالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كاستمرار لحركة التحرير بمختلف مكوناته ذوو الكفاءات والأطر النزيهة، المتشبعة بالأفكار التقدمية وبقيم الديمقراطية والمساواة والحداثة، وعموم المواطنين القادرين على المشاركة في تجديد الفكر الاتحادي وتطوير مشاريعه وبرامجه من أجل المساهمة الفاعلة في ازدهار البلاد. وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لم يكن وليد رغبات شخصية للمؤسسين ، بل أملته ظروف وطنية موضوعية كان هاجسها الأول، محاربة الظلم والاستبداد، وإقرار العدالة الاجتماعية والرقي بالبلاد ، حيث شكل هذا الأساس النبراس الذي ينير طريق الحزب في كل المحطات. يكفي استحضار بعض منها والتي تعتبر تاريخية تمهيدا باستقلال البلاد، وبناء طريق الوحدة، وتحرير الاقتصاد الوطني، والانخراط في المسلسل الديمقراطي و الاستماتة على القضية الوطنية والنضال ن أجل إقرار حوق الانسان وتجاوز السكتة القلبية . وعبر المسير، أقرت الدولة بتضحيات الاتحاد منذ الاتحاد الوطني للقوات لشعبية إلى اليوم، والاتحاديون يعتزون بكل ما قدموه في خدمة الوطن، فللاتحادي (ة) قسط في كل حلم مغربي ، وأثر في كل بناء وطني ،سواء بقطرة عرق أو دم ، بصمات الاتحادي (ة) بادية في كل أرجاء البلاد.

كل هذا يظل السؤال يطرح دائما وأبدا بإلحاح كيف السبيل إلى إبراز كل هذا ؟. باختصار الأفكار والقلم والشفاهي حاجة ملحة لتدوين تاريخ الحزب.

وما المانع التذكير بشذرات مخاض ولادة كتاب أي نعم ، فكرة تأليف كتاب ،في البدء فكرة تختمر وتختمر ثم التخطيط الذي يتطلب عملا محكما. يأتي في المقدمة تحديد موضوع الكتابة مما يتطلب جهدا ووقتا.و التفكير في الفصول أو الأقسام المحتملة وتقديم التعديلات كلما سنحت الفرصة ، إلى جانب مراجعة النصوص من حين لآخر لتفادي الأخطاء مستعينا بأصدقاء كي يقوموا بمراجعة وإغناء النصوص. وهذا ليس هينا، إذ يتم هذا الاشتغال على حساب الحياة ا لاجتماعية ، و التنازل عن الكثير من المهام. والاعتماد على النفس نعم انه كتاب وليست مقالات تستقبلها جرائد ورقية أو الكترونية أو صفحات إشهارية (بروبكاندا)، بل إنه مجهود فكري وبدني ونفسي وزمني، سهر وبحث وتنقيب وتدوين وقراءة وإعادة فإعادة واقتسام الفكرة والبحث عن المراجع وكاتب مقدمة ومصحح ومصمم وعنوان والراحة والحيرة والتمويل وقد يتطلب وقتا طويلا على حساب … لا داعي لذكر ذلك وبعد المخاض يحل المولود وجب تحفيظه والترويج له ومتطلبات أخرى فتعم البهجة والفرحة . لذا لا تتردد،اكتب و اكتب في حينه في دفتر لا يفارقك أيها المهتم أيها المناضل (ة)، كي تتجنب نسيان أية فكرة. في هذا الزمن ، عصر التطور التكنولوجي الهائل تجنب العديد من البرامج وشبكات التواصل الاجتماعي، وأشح محياك عن التلفاز، وضع هاتفك النقال جانبا حينما تعمل على كتابك. كي تبذل الجهد لإعداد محتوى عالي الجودة ، وإطلاق العنان لإبداعك أثناء كتابة النصوص للدفع بالمستهدفين لقراءته. بعد كتابة جميع النصوص، قم بمراجعتها مرات، إضافة صور أو موارد جرافيك واستشر مصمما إن كان بالمقدور، واعتن كثيرا بالتقديم فهو مزلاج باب الكتاب.

وغالبية الكتاب عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يعرفون الفئة المستهدفة ، و مكان تواجد هم. ولا يتوخون ربحا ماعدا اقتسام المعرفة. و الكتاب لا يعيشون من كتبهم والكتابة عن الحزب بلغت حوالي 200 كتابا، يعني أنه يحظى باهتمام يتجاوز كل التوقعات نظرا لخصوصياته في خدماته ومواقفه وتضحياته في سبيل الوطن. وكما أسلفنا مع التطور التكنولوجي يمكن اليوم للمؤلف أن ينشر كتابه – في حالة التعثر المالي – الكترونيا، لهذا نعيد الكرة.

ونناشد المناضلات والمناضلين أن يدونوا ما عايشوه برؤية كما هي، من أجل تنوير الاجيال القادمة . هناك حاجة ملحة في الأعماق تدفع للكتابة والكاتب لا يريد أن يموت، إذن عليه أن يكتب لينجو من الموت ، وباختصار ينشد الخلود من نوع خاص ، فاكتب لتظل خالدا.

أجل العقل والإنتاج الفكري أس البناء السياسي وما هذه المجموعة من الكتب إلا مخرجات و أيقونات تشكل مرصدا لتجربة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية النضالية والسياسية الغنية والمعقدة ومرآة عاكسة لفكره كما تشكل مادة ونبراسا لكتابة تاريخ الحزب باستقلالية وموضوعية .

وكثيرون مروا عبر هذا المسلك أي دونوا ما يخالجهم عن حزب القوات الشعبية وعلى سبيل الذكر ، نذكر هؤلاء السياسيون ، الكتاب الأساتذة : من قبيل محمد عابد الجابري، عبد الله العروي، عبد الله ابراهيم، المهدي بن بركة، عبد الرحمان اليوسفي، محمد اليازغي، عبد الواحد الراضي، ادريس لشكر، محمد باهي، حبيب المالكي، محمد الحبابي، محمد جسوس، محمد الصديقي عبد الفتاح سباطة، محمد الحبيب الفرقاني، عثمان اشقرا، الموساوي العجلاوي، ثريا السقاط، محمد الوديع الاسفي، عبد اللطيف جبرو، عبد اللطيف المانوني، حسن أملي، وحسن طارق، محمد المريني، غسان الأمراني، عبد الرحمان القادري، مليكة طيطان، إدريس البعقيلي، محمد أبو هيدة ،مصطفى العلوي، أحمد الحليمي علمي، محمد الشاوي، محمود معروف، عبد الرزاق السنوسي معنى، مليكة مالك، عبد الحميد العوني، عباس بودرقة، ابراهيم الرشدي، حميد المصباحي، أحمد بوجداد، حسن أملي، وعبد الحفيظ أملي، حسن نجمي، محمد الخصاصي، محمد برادة، محمد الأسعد، جاك درجي وفردريك بلوكان، يحيى بوقنطار، علي القضيوي الادريسي، مصطفى القرشاوي، محمد الساسي، محمد إنفي، محمد السنوسي معنى، إدريس الكراوي، ادريس ولد القابلة، برنار فيولت، البشير بن بركة، فريديريك بلوكان، رقية مصدق، موريس بوتان و…. أيعقل أن يهدر هؤلاء كل هذا المجهود الفكري والبدني والنفسي والزمني من أجل الكتابة عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية هكذا ؟ وإذ ننتظر المزيد من النضال اليومي خدمة للوطن كما عهدناك أيها المناضل (ة) وننتظر المزيد من الإبداعات والتنقيب والإضاءات.

وتذكروا دائما حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية صلب تاريخ المغرب الراهن، رسالة جيل لجيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى