اقتصادسياسة

في الحاجة إلى بورجوازية وطنية/ذهبت مع الريح

قد يفاجئ العنوان أعلاه أكثر من قارئ لهذه التدوينة لسببين اثنين. الأول، إن المفهوم، مفهوم البورجوازية، بات في خبر كان منذ زمن ولَّى. لم يسقط سهواً من القواميس، بل ذهبت ريحُه مع ريح نظرية الطبقات الاجتماعية في الثمانينيات من القرن الماضي. الثاني، إن الطبقة التي كان لها السهم الأوفر في ما اجترحته الرأسمالية التاريخية من نهْب وغصْب، ومن سلْب واستلاب قد درس أثرُها، وكانت من الغابرين.

ما من شك في أن البنية الطبقية للرأسمالية كما تتبدَّى اليوم لا تشبه في شيء ما كانت عليه من أحوال في الماضي التليد. موجات الصراع الطبقي المتلاحقة، المتلاطمة، والمتراكمة، التي عرفتها الأزمنة الحديثة، كانت هي العِلَّة الفاعلة في تطوير الأنماط الرأسمالية، وفِي خلْخلَة تراكيبها الطبقية.

أَعْلن أحدهم، ذات يوم، موت البروليتاريا، وفصَّل آخرون القول في أن المجابهة، والمصارعة، والمنازلة، والمغالبة التاريخية بين رأس المال والعمل ارتخت كما ترتخي أوْتارُ العود لانتفاء التناقض. ولا حاجة إلى الأضْراس في عُقْدة تحُلُّها الأنامل. ورويداً رويداً، لم يعد أحد يتذكر الإسم الذي ملأ الدنيا وشغل ماركس.

إسم أمسى بلا مُسمَّى، عند الأغلب الأعم من الناس. لستُ من بين هؤلاء، ولم أقْنَعْ بالمراجعات. لم أعمل بها ولم تسُؤْني. الجمهور، أو الحشود (بالمعنى الذي جاء به أنطونيو نيكري) ليس سوى المفهوم المبْني للمجهول، الذي يُخفي المفهوم المبْني للمعلوم، مفهوم الطبقة. لا مناص إذن من التعريف بعد التَّنْكير، والتحديد بعد التعميم.

هذا العود، والعود أحمد، إلى المقاربة الطبقية يتطلب، بطبيعة الحال، تحييناً، نظرياً وميدانياً، لمصفوفة الطبقات كما تشكلت في بلادنا في شروط المغربة، ثم الخوصصة، فالعولمة.

مسألة تحت النظر، لن تقدرعليها سوى الجهود المتضافرة، والراسخون في العلم الاجتماعي. النظر ينبغي أن يكون ابن ساعته، وثيق الصلة بالمستجدات الموضوعية، والذاتية التي وسمت المجتمع المغربي، ودمغت علائقه. لن أخوض في الطبقات، والفئات المكوِّنة لها؛ بل أروم، في القسم التالي من التدوينة، ما دون ذلك، أي الكشف، فقط، عن الحاجة، من باب التنمية الشاملة والمستقلة، إلى بورجوازية وطنية، بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى