في الواجهة

الباهي: مرثية وعزاء… لماذا أرثي الأستاذ محمد الحلوي وأعزي نفسي في وفاته

عبدالسلام الباهي

لأنه بالإضافة إلى كونه من المناضلين الإتحاديين الذي يحظون باحترام كبير من عدة جهات سواء من جانب الاصدقاء أومن جانب الخصوم . فهو احد اعمدة التجربة الطلابية التقدمية في إطار الإتحاد الوطني لطلبة المغرب. واحد مؤسسيها. ولم يقبل في يوم من الأيام ان ينجر في المنطق البركماتي الضيق أومنطق الحسابات الصغيرة.

سمعت بالأستاذ الحلوى كرئيس للإتحاد الوطني لطلبة المغرب ، سماع التقدير النضالي في بداية مشواري الطلابي بالجامعة.

ثم أصبحت علاقتنا نحن مناضلي جبهة الطلبة التقدميين مع رفاق الدرب النضالي من طلبة الإتحاد علاقة صراع. خاصة بعد أن تقوى الطابع الراديكالي الجماهيري لجبهة الطلبة التقدميين واتسع تأثيره في القطاع الطلابي.

في الصراع وحمية الجدل عادة ما تكون التجاوزات من هنا وهناك. لكن يبقى دور العقلاء مهما في تدبير خلافات الفرقاء. فرقاء الصف الواحد .
إنه في هذه التجربة كان هو الصف الديموقراطي التقدمي .

عقلاء التوازن والتدبير العقلاني لم يكونوا كثر .

وفي الصف الإتحادي كان من بينهم اهم هؤلاء المناضلين الصادقين العقلاء الإستاذ الحلوي والأستاذ محمد الصبري اللذين كنا نسميهم باصدقاء اليساريين.
تجربتي ومعرفتي بالأستاذ الصبري محمد متميزة وكبيرة وعميقة سيأتي يوم للكتابة عنها.

وتجربتي مع الأستاذ الحلوي لم تكن مباشرة في القطاع الطلابي.
لكن بعد التحاقي بمهنة المحاماة في الدار البيضاء عملت بمكتبه لأكثر من سنتين كمحام مساعد.
اتذكر ترحيبه الاولي الذي كان له أثر إيجابي في نفسيتي. ومنذ تلك اللحظة أصبحنا نشعر اننا أصدقاء.
كان العمل عملا. ومكتب ذ. الحلوي نظيف بكثير من المعاني المادية والمعنوية.

وهو أنيق في ملبسه لطيف في معشره و تعامله. ولكنه عميق التكوين. ليس بالمعنى القانوني فقط. بل والسياسي والتاريخي كذلك.

مما ألفته معه وزاد من ودي له ومعرفتي به وبغنى شخصيته، انه كان بعد أن يشعر بأننا أنهينا عمل المكتب اليومي ورتبنا ما يجب ترتيبه لاستقبال اليوم الموالي. يناديني لمكتبه. ونجلس جلسة بعيدة عن هموم المهنة. ويطلب رأيي في بعض قضايا الساعة ومتطلبات الظرفية السياسية. سواء الوطنية أو الدولية. ثم نعرج على بعض قضايا التاريخ والصراعات بين الفصائل السياسية.

لم يكن الأستاذ الحلوي لا متعصبا لرأيه، ولا متحجرا في قراءته للتاريخ.

ولذلك كانت له نظرات نقدية إزاء التجربة السياسية العامة. وكذلك التجربة الحزبية . ولا يخفي آراءه. بل يعبر عنها بصراحة في كثير من الأحيان أثناء مناقشتي معه .

أتذكر انه في يوم من الأيام انعرجت بنا المناقشة نحو موضوع القاعديين كجيل جديد من المناضلين والطلبة اليساريين . ومما قاله انه بعيدا عن سلبية الصراعات، فإنه لا يمكن التنكر للقاعديين كماضلين صادقين. وكجيل جديد من مناضلي التجربة اليسارية. ولكن انتقد أساليب الصراع التي كانت تمارس ضدهم. واعتبر ذلك مسؤولا عن إقصاء هذا الجيل من المناضلين الذي ظلوا يعانون من التنكر والعنت وسوء الفهم.

ومنذ ذلك التاريخ ظلت علاقتي بالأستاذ الحلوي متميزة. نلتقي لقاء الإحبة. علاقة الإحترام والمحبة والتواصل تسود بيننا .
اسأل عنه وازوره كلما اتيحت لي الفرصة.

و يمكنني أن أقول بأنني فقدت اليوم صديقا سياسيا ومهنيا عزيزا مثلما فقدت قبله صديقي المحبوب وزميلي العزيز الذي كنت اسميه نقيبي المعنوي الأستاذ محمد الصبري.

فلترقد روحيهما في سلام وطمأنينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى