الرئسيةسياسة

أزمة المياه في المغرب: تحديات متفاقمة وتدابير يجب أن تتخذ باستعجال

تطفو إلى السطح في هذه الاثناء أزمة الماء الحادة التي يعيشها المغرب، و تتزايد حدتها مع تراجع نسبة ملء السدود إلى ما دون 30%، وفقًا لأحدث الإحصائيات، و مع تجدد الجفاف للعام السادس تواليا، حيث يطرح النقاش مجددا في المغرب حول فاعلية السياسة الزراعية المعتمدة في المملكة منذ 15 عاما والتي تستهدف بالأساس رفع الصادرات من خضروات وفواكه تستهلك حجما كبيرا من المياه.

تحرير: جيهان مشكور/اكادير

ويرجع هذا الانخفاض المقلق الذي يثير مخاوف واسعة بين المواطنين حول مستقبل الأمن المائي في البلاد، إلى عدة عوامل رئيسية، منها:

الجفاف المستمر، حيث يعاني المغرب منذ سنوات من موجة جفاف حادة، أدت إلى انخفاض كبير في معدلات هطول الأمطار وتراجع المخزونات المائية الجوفية.

إضافة إلى الاستهلاك المفرط للماء و الذي يرتفع في المغرب بشكل مطرد، خاصة في القطاع الفلاحي الذي يستهلك نحو 80% من الموارد المائية المتاحة.

من جهته يلعب سوء التسيير والتدبير دورا بالغ الأهمية، اذ يعاني قطاع المياه من مشكلات إدارية جمة، بما في ذلك ضياع كميات كبيرة من المياه بسبب التسريبات وتقادم البنية التحتية.

و يزداد الوضع سوءًا بسبب غياب استراتيجية وطنية واضحة لإدارة الموارد المائية، إضافة إلى عدم اتخاذ إجراءات حاسمة للحد من الاستهلاك، خصوصًا في القطاع الفلاحي، ويتطلب الوضع الراهن مراجعة شاملة وعاجلة للسياسة المائية في المملكة وتدارك الأخطاء الكارثية التي ارتكبتها الحكومات المتعاقبة، بما فيها مستقبل الزراعة بالمغرب في سياق الإجهاد المائي البنيوي”.

و كان اعتبر المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية، أن القطاع الفلاحي الذي يستهلك ما يقرب من 85٪ من موارد المياه المتجددة في البلاد، مهدد حاليا بندرة المياه التي أعقبت حالة الإجهاد المائي في غضون عقدين فقط. وذلك بالإضافة إلى المخاوف القوية بشأن تأمين إمدادات المياه الصالحة للشرب للسكان.

و تتساءل العديد من الأطراف عن دور وزارة التجهيز والماء في معالجة هذه الأزمة، حيث تلقي أزمة المياه بظلالها على مسيرة الوزير نزار بركة السياسية، مما أدى إلى تراجع شعبيته بشكل ملحوظ.

في نفس السياق يُتهم الوزير نزار بركة بالتقاعس في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة أزمة المياه، وعدم قدرته على الحد من الزراعات المستنزفة للماء مثل زراعة القنب الهندي والأفوكادو والبطيخ الأحمر او الدلاح.

كما تتعرض حملاته الإعلانية للحد من استهلاك الماء لانتقادات واسعة لعدم فعاليتها، واعتبرها البعض مضيعة للمال العام.

في ظل هذه الوضعية الحرجة، تتسع  المطالبات الداعية لاتخاذ إجراءات جادة لمعالجة أزمة المياه، تشمل:

تشجيع الزراعة المستدامة: بدعم الفلاحة التي تستهلك كميات أقل من الماء وتعزيز التقنيات الزراعية الحديثة التي توفر المياه.

فرض عقوبات صارمة: و معاقبة المخالفين الذين يهدرون الماء بشكل غير قانوني، بما في ذلك أصحاب أحواض السباحة الخاصة.

تحديث البنية التحتية: العمل على تحديث شبكات توزيع المياه للحد من التسريبات وضمان كفاءة استخدام الموارد المائية.

عدا والأهم، ضرورة القيام بمراجعة شاملة وجدرية للسياسة الفلاحية التي جرى اعتمادها بما فيها مايسمى بالمشاريع الكبرى من قبيل ما يسمى بالمخطط الأخضر، وبما فيها تطوير منظور جديد لسياسة السدود لصالح النجاعة والتدبيير الجيد لها.

جدير بالذكر، أن حاجات المغرب من المياه تقدر بأكثر من 16 مليار متر مكعب سنويا، 87 بالمئة منها للاستهلاك الزراعي، لكن موارد المياه لم تتجاوز نحو 5 ملايين متر مكعب سنويا خلال الأعوام الخمس الأخيرة.

وتراهن المملكة على تحلية مياه البحر لمواجهة هذا العجز وتخطط لبناء سبع محطات تحلية جديدة بنهاية 2027 بطاقة إجمالية تبلغ 143 مليون متر مكعب سنويا، فيما تتوافر حاليا 12 محطة بطاقة إجمالية تبلغ 179.3 مليون متر مكعب سنويا، وفق معطيات رسمية.

إن أزمة المياه في المغرب تتجاوز كونها مجرد مشكلة تقنية، لتصبح قضية أمن قومي تهدد مستقبل البلاد ، و على الحكومة أن تتخذ إجراءات حاسمة وسريعة لمعالجة هذه الأزمة، مع إشراك جميع الفاعلين، من حكومة وقطاع خاص ومجتمع مدني، في مواجهة هذه الأزمة المتفاقمة، و يبقى الحل مرهونًا بإرادة سياسية قوية واستراتيجية وطنية محكمة تشارك فيها كافة الأطراف المعنية، كما يتطلب الوضع الراهن تحركًا سريعًا وشاملًا لضمان استدامة الموارد المائية وتأمين مستقبل الأجيال القادمة في المغرب.

اقرأ أيضا…

تقرير..المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية: “القطاع الفلاحي ساهم بشكل فعال في الاستنزاف التدريجي للموارد المائية التقليدية في المغرب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى