الرئسيةحول العالمفي الواجهة

العالم ينعى بحزن البابا فرنسيس

أ ف ب: غيّب الموت في روما البابا فرنسيس، عن 88 عاما، يوم اثنين الفصح، وغداة ظهوره ضعيفا لكنه باسم، بين آلاف المصلين الذين احتشدوا في باحة القديس بطرس في روما في عيد القيامة لدى المسيحيين.

وكان رأس الكنيسة الكاثوليكية يعاني منذ أكثر من شهرين، من تداعيات التهاب رئوي حاد. وقد كان يتمتع بشعبية واسعة بين أتباع كنيسته في مختلف أنحاء العالم، ولو أنه واجه معارضة شرسة من البعض، لا سيما داخل الكنيسة، بسبب إصلاحات دعا إليها أو قام بها.

وسجّى جثمان البابا في بازيليك القديس بطرس. وسيقرّر الكرادلة موعد الدفن الذي يفترض أن يكون بين اليوم الرابع والسادس من الوفاة.

وقال الكاردينال كيفن فاريل المكلّف تصريف الأعمال حتى انتخاب بابا جديد، في بيان نشره الفاتيكان، “هذا الصباح عند الساعة 07:35 عاد أسقف روما فرنسيس، إلى بيت الأب. لقد كرّس كل حياته لخدمة الرب وكنيسته”.

ودقّت أجراس بازيليك القديس بطرس حزنا عند الظهر.

وكان البابا الأرجنتيني الجنسية نُقِل في 14 فبراير إلى مستشفى جيميلي بسبب إصابته بالتهاب رئوي. وأعلن الفاتيكان حينها أنه في وضع “حرج”. وخرج من المستشفى في 23 آذار بعد 38 يوما من الاستشفاء، وهي أطول مدة أمضاها في المستشفى منذ بداية حبريته.

وقام بجولة، الأحد، بين المصلين في باحة القديس بطرس في سيارته “البابا موبيلي”، وقد بدا متعبا، ولم يتمكّن إلا من قول بضع كلمات، بينما تلا عنه النص الذي أراد التوجه به إلى المصلين، أحد مساعديه.

من إيران إلى الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي ولبنان وغيرها، حيّا زعماء العالم البابا فرنسيس، رجل الحوار والانفتاح والمواقف الإنسانية.

فقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن البابا فرنسيس “كان رجلا ناضل طوال حياته لمزيد من العدالة ولفكرة معينة للإنسانية، إنسانية أخوية”.

وأشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ”قائد حكيم” و”مدافع مثابر عن القيم العليا للإنسانية والعدالة”.

في باريس، قرعت أجراس كاتدرائية نوتردام 88 مرة منذ الساعة 11:00 بالتوقيت المحلي تحية للراحل.

وأصرّ البابا الذي كان يستخدم كرسيا متحركا على اتبّاع وتيرة عمل مكثّفة رغم تحذيرات أطبائه، إذ كان وضعه الصحي آخذا في التدهور، وكان يعاني مشاكل في الورك، وآلاما في الركبة، وأجريت له عمليات جراحية، وأصيب بالتهابات في الجهاز التنفسي، وكان يضع سمّاعة أذن.

ويلحظ دستور الفاتيكان حدادا رسميا على البابا لمدة تسعة أيام، ومهلة تتراوح بين 15 و20 يوما لتنظيم المجمّع الذي ينتخب خلاله الكرادلة الناخبون الذين اختار البابا فرنسيس نفسه نحو 80% منهم، البابا الجديد.

وكشف البابا فرنسيس في أواخر العام 2023 عن أنه يريد أن يُدفن في كنيسة سانتا ماريا ماجوري في وسط روما، وليس في سرداب كنيسة القديس بطرس، وهو ما سيكون سابقة منذ أكثر من ثلاثة قرون.

وأصدر الفاتيكان في تشرين الثاني طقوسا مبسّطة للجنازات البابوية، من أبرزها استخدام تابوت بسيط من الخشب والزنك، بدلا من التوابيت الثلاثة المتداخلة المصنوعة من خشب السرو والرصاص والبلوط.

وطوال حبريته التي امتدت 12 عاما، دافع أول بابا يسوعي وأميركي جنوبي في التاريخ، من دون هوادة، عن المهاجرين والبيئة والعدالة الاجتماعية دون أن يمسّ بعقيدة الكنيسة في شأن الإجهاض أو عزوبية الكهنة.

مع تزايد تعرّضه لوعكات صحية، تصاعد الحديث عن إمكان تنحّيه، على غرار ما فعل سلَفه بنديكتوس السادس عشر.

وسبقَ للبابا الذي يُعَدّ الزعيم الروحي لنحو 1,4 مليار كاثوليكي في العالم أن أمضى فترتين في المستشفى العام 2023، أُجريَت له خلال إحداهما عملية جراحية كبرى في الأمعاء، واضطر في الأشهر الأخيرة إلى صرف النظر عن مجموعة من الارتباطات. وكان أزيل جزء من رئته اليمنى بعدما أصيب بالتهاب حاد في الحادي والعشرين من عمره.

وكان جدول أعمال البابا فرنسيس، هاوي الموسيقى وكرة القدم الذي لا يستسيغ العطلات، يحفل غالبا بنحو عشرة مواعيد في اليوم. وقام برحلة في أيلول، كانت الأطول له خلال حبريته، إذ دامت 12 يوما وشملت جنوب شرقي آسيا وأوقيانوسيا.

شجب البابا الذي انتخب في 13 مارس 2013، باستمرار كل أشكال العنف، من الاتجار بالبشر إلى كوارث الهجرة، مرورا بالاستغلال الاقتصادي.

ودعا البابا المعارض بشدّة لتجارة الأسلحة، إلى السلام في أوكرانيا والشرق الأوسط.

وكان هذا السياسي البارع ذو المواقف الجريئة، عازما على إدخال إصلاحات على الكوريا الرومانية، أي الحكومة المركزية للكرسي الرسولي، ومصمما على تعزيز دور النساء والعلمانيين فيها، وعلى تطهير مالية الفاتيكان التي هزتها شبهات وفضائح.

ولم يتردد حيال مأساة الاعتداءات الجنسية على الأطفال في الكنيسة، في إلغاء السر البابوي في شأنها، وألزم رجال الدين والعلمانيين بإبلاغ رؤسائهم عن أي حالات من هذا النوع، لكن خطواته لم تنجح مع ذلك في إقناع جمعيات الضحايا التي أخذت عليه عدم اتخاذه إجراءات أبعد من ذلك.

وبرز البابا فرنسيس المتمسك بالحوار بين الأديان وخصوصا مع الإسلام، بدفاعه إلى أقصى حدّ عن كنيسة “منفتحة على الجميع”.

وعرف بأسلوبه القريب من الناس ما أكسبه شعبية كبيرة، إذ كان مثلا يتمنى للمؤمنين “شهية طيبة” كل يوم أحد في ساحة القديس بطرس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى