
اعتبر كتاب وشعراء مغاربة، أن 7 أكتوبر أعادت القضية الفلسطينية إلى العالمية، وبثت فيها الحياة من جديد، حيث قال الشاعر المغربي محمد بنيس، إن 7 أكتوبر جعلت اسم فلسطين حاضرا في العالم بعد أن تم التآمر عليه، مؤكدا أنه و “قبل 7 أكتوبر كنا نخاف على القضية الفلسطينية أن تغيب نهائيا عن الخطاب العالمي، ولكن جاء الحدث، وأكبر شيء حققه هو عودة اسم فلسطين لمركز الخطاب العالمي”، معتبرا أن أكبر انتصار تحقق هو هذا التضامن العظيم مع الشعب الفلسطيني المدهش.
الأدب والهوية الفلسطينية.
جاء ذلك خلال أشغال ندوة أمس الثلاثاء، تحت عنوان “الإبداع الفلسطيني في مواجهة سياسات المحو” التي احتضنها المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، حيث أكد، أن هذه اللحظة هي لحظة بروز مقاومة نوعية في تاريخ فلسطين، لكن هذه المقاومة لم تترافق معها حركة إبداعية، كما كان الحال في السبعينيات والثمانينيات، حين كان الشعر والأدب يترافق مع الحركة المسلحة.
وتوقف بنيس على الدور الكبير الذي لعبه الأدب الفلسطيني في التأسيس للهوية الفلسطينية بمعزل عن الدولة العثمانية، وتوقف على ما لعبته إبداعات ما قبل النكسة من دور كبير في المقاومة، وهو ما قاده جيل محمود درويش وسميح القاسم وغسان كنفاني وجبران وإدوارد سعيد، حيث تمكن هذا الجيل من رفع اسم فلسطين لأعالي العالم.
وشدد الشاعر المغربي التأكيد على أهمية استمرار الإبداعية الفلسطينية بالحيوية التي كانت عليها، مشيرا إلى ما لهذه الإبداعية من أهمية في إبقاء الارتباط بالقضية وفهمها أكثر والتعاطف معها أكثر، خاصة وأن لها القدرة على المقاومة إلى جانب المقاومة المسلحة.
وتابع بنيس أن دعم الإبداع الفلسطيني يقتضي أن “نكون إلى جانبه فكريا ودعمه عبر النشر والتعريف به لأن الوضعية اختلفت”، مشددا على أهمية الصبر في هذا الطريق، وأضاف “المهم أن الشعب الفلسطيني مقاوم لن يتخلى عن أرضه ولن يستسلم مهما كانت النتائج وهذا هو الثابت الذي يجب أن نقتنع به وفي ضوئه يكون عملنا وعلاقتنا بالإبداعية الفلسطينية”.
مصدومون من “كلنا إسرائيليون”
بدوره، قال الشاعر والناقد المغربي ياسين عدنان، أن الوجدان مغربي العام كان على الدوام متشبعا بالقضية الفلسطينية باعتبارها قضية وطنية، وظل منافحا عنها انطلاقا من الواجب الإنساني ثم القومي ومن منطلق أفق العيش الكريم للجميع.
ونبه عدنان إلى أن السردية الصهيونية مسنودة بالإعلام الغربي المتوحش وبرمجة ثقافية دولية تحرص على ألا يتسرب الصوت الفلسطيني حتى من الشقوق الصغيرة.
وقال “كمغاربة كنا فلسطينيين بالفطرة والبداهة، اليوم نحن مصدومون أن معنا من يقول “كلنا إسرائيليون”، فمن كان يتوقع هذا الخطاب؟ ولماذا شعار “تازة قبل غزة” ويمكن أن نكون مع تازة وغزة ورام الله وأحفير وغيرها، وليس علينا أن نختار بينها”.
من جهته، أكد الكاتب والمفكر المغربي عبد الإله بلقزيز، أن 7 أكتوبر لعبت دورا كبيرا في عودة القضية الفلسطينية للعالمية، وقال “كما كانت نكبة 1948 المهماز الذي أيقظ الوعي العربي من سباته، وعشنا بعدها مسلسلا من التحولات الكبرى التي أنتجت حركات التحرر والقومية واليسار وغيره، وكما أنتجت نكسة 1967 أسئلة جديدة في الثقافة السياسة، أيضا 7 أكتوبر أنتجت هذا، ولكن ليس في البلاد العربية، ولكن هناك في الغرب، الذي يعيش اليوم تحولات أسفر عنها هذا الحدث”.
واعتبر بلقزيز أنه لا يمكن الحديث عن فلسطين دون الإشارة لعروبتها، وهذه العروبة هي التي تقف في وجه المشروع الاقتلاعي الصهيوني، مبينا أن “هذه العروبة قُدّست في العالم العربي لعقود، إلى أن بدأ المتطاولون يتطاولون عليها، بعد أن خرجوا كالحشرات من شقوق تداعي عمراننا السياسي والثقافي المعاصر، كجماعة كلنا إسرائيليون”.
وأضاف بلقزيز “إذا كانت السياسات العربية قد خانت عروبة فلسطين فإن الثقافة العربية لا تزال متمسكة بعروبة فلسطين، لذلك فلسطين حاضرة في الإنتاج الأدبي العربي في السينما والرواية والشعر… وحضورها تعبير عن انتمائها الأصيل للثقافة العربية”.
وأكد بلقزيز، أن القضية الفلسطينية اليوم، هي سؤال إنساني، والإجابة عن هذا السؤال هي التي حدد إن كان المُجيب ينتمي إلى ثقافة الإنسانية أو يناهض البعد الإنساني في هذه الثقافة.
وسجل بلقزيز أن شعب فلسطين إذا نجح في تحويل القضية من قضية وطنية وقومية إلى قضية إنسانية لكل البشرية، فإن الأدب الفلسطيني نجح في أن يكرس نفسه كأدب عالمي، فدرويش –مثلا- نجح في ارتياد آفاق العالمية.
وخلص بلقزيز إلى التأكيد على أنه مع الجرائم الصهيونية النكراء منذ ثلاثة أرباع قرن، وبعد عمليات الإبادة الوحشية،” لن يستطيع المشروع الصهيوني أن ينعم بالراحة، فثلاثة أجيال متتالية واجهت هذا المشروع الاقتلاعي الصهيوني ووضعت خطا دفاعيا في مواجهته، والشخصية الوطنية الفلسطينية ظلت مستقلة وثابتة في مواجهة سياسة الصهاينة، ولعبت الثقافة دورا كبيرا في المقاومة، بل تغلبت أحيانا على البندقية، وينبغي ألا نبخس قيمة الثقافة، والصهاينة إلى اليوم لا ثقافة لهم ويسرقون الثقافة والتراث الفلسطيني ويروجون في المحافل الدولية أنه تراثهم وثقافتهم”.