الرئسيةسياسةفي الواجهة

في رد جمعية على بنكيران..المغربيات لسن تفصيلا في حياة أحد

بقلم: بثينة المكودي

في زمن تتقدم فيه النساء المغربيات الصفوف في الجامعات، في المختبرات، في المحاكم، في الأسواق والمجالس البلدية والبرلمانية، خرج عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الأسبق، بتصريح يكاد يعيد عقارب الزمن إلى الوراء، حين قال إن “الزواج يجب أن يكون أساس حياة الشابة، وما سواه تفاصيل”. وكأنما على كل مغربية أن تضع حلم الشراكة العاطفية قبل حلمها العلمي، المهني، أو المجتمعي، حتى ولو لم تكن مستعدة، حتى ولو لم يكن القرار صادرًا عن قناعة بل عن وصاية.

تصريح بنكيران الذي أثار استياء واسعا، لم يكن زلة لسان، بل تعبير واضح عن رؤية اختزالية لدور المرأة، رؤية تُصر على سجنها في قوالب جاهزة وموروثات بالية، متناسية كل التحولات التي عرفها المغرب، وكل النضالات التي خاضتها النساء ليصبحن فاعلات في مجتمع لا يكتمل بدونهن.

ولأن الكلام لم يمر مرور الكرام، سارعت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة إلى إصدار بيان قوي، وضعت فيه النقاط على الحروف،

من قلب الدار البيضاء، في يوم 7 يوليوز الجاري، اختارت جمعية التحدي أن تقول بصوت عال “المغربيات لسن تفصيلا في حياة الرجل، بل لهن حيوات كاملة، يحددن ملامحها كما يشأن، لا كما يُراد لهن.

خطاب ينسف كل الجهود الوطنية والدولية المبذولة من أجل تمكين النساء

الجمعية اعتبرت أن هذا الخطاب لا يسيء فقط للنساء، بل ينسف كل الجهود الوطنية والدولية المبذولة من أجل تمكين النساء اقتصاديا واجتماعيا، انطلاقا من التعليم والحق في العمل وصولا إلى القرار السياسي.

البيان ذكّر بنكيران ومن يعتقد مثله أن المغرب قطع مع مثل هذه التصورات منذ زمن بعيد، حين تم التخلي عن قانون الأحوال الشخصية سنة 2004، ووُضع دستور 2011 الذي نص في فصله 19 على المساواة التامة بين النساء والرجال في الحقوق والحريات، بل إن حضور المرأة اليوم لم يعد فقط رمزي أو شكلي، بل فعلي ومؤثر، سواء في مراكز القرار أو في عمق النسيج الاقتصادي والاجتماعي.

رفض حصر النساء في “أدوار أنثوية” تقليدية

ورفضت الجمعية بشكل حاسم محاولات حصر النساء في “أدوار أنثوية” تقليدية، ووصاية على قراراتهن الحياتية، فالزواج، تقول الجمعية، خيار شخصي، محمي بالدستور، ويمكن اتخاذه أو عدم اتخاذه، بكل حرية ووعي، وما يثير القلق هو أن تصدر مثل هذه التصريحات من شخصية سياسية كانت في موقع مسؤولية، يفترض فيها الدفاع عن مبادئ الحرية والمواطنة لا الترويج لخطابات الإقصاء والتقليص من شأن النساء.

في المغرب، لا تزال النساء يحاربن من أجل المساواة، في مؤسسات يقصين منها، وفي سياسات عمومية تهمّش قضاياهن، وفي خطابات مثل هذه، تحاول أن تجر المغاربة إلى الوراء باسم الأخلاق أو الدين أو الأعراف، لكن هذا لا ينفي الحقيقة الكبرى؛ “المغربيات اليوم يصنعن الحياة، في الزواج كما في العزوبة، في التعليم كما في البيت، في البرلمان كما في المزرعة، ولن يسمح أحد، مهما كان موقعه، بمصادرة هذا المسار الذي كُتب بدم النضال والصبر والكرامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى