الرئسيةرأي/ كرونيك

الباحث نورالدين العوفي يكتب: السؤال المسؤول

بقلم الباحث والخبير الاقتصادي، نورالدين العوفي

العروبة لغة، ثقافة، حضارة، وأشياء أخرى من هذا القبيل.

هي الآن تعرف أردأ أطوارها، وتعيش أحلك أيامها، وتواجه السؤال الصعب،

“السؤال المسؤول” (بمفهوم طه عبدالرحمن)، سؤال الوجود.

ما حدث ويحدث في سورية منذ سقوط نظام الأسد، الممانع العنيد لكيان الاحتلال، زلزال ما تنفك ارتداداته تفعل فعلها في الصفائح التكتونية العربية، ارتدادات من نتائجها تفكيك الدولة الوطنية، تبديدُها، تَمزيقُها، وتَدنِّيها إلى طوائف، وعشائر، وميليشيات هجينة، متوحشة، يغلظ بعضها على بعض.

ما يجري في السويداء نموذج يُغني عن الباقي. الكل يعرف أن من يُضْرِم النعرات في الجسم العربي، ويدبر الفتن من المحيط إلى الخليج هو الكيان الصهيوني بمباركة أمريكية، وتكالب غربي، وبتواطُؤ عربي مخزي.

تواطُؤٌ هو، في آخر الأمر، تواطُؤُ الذات على الذات، وتواطُؤ “العبيد” مع “الأسياد”.

لم تكن خيوط المكيدة خافية، ولا الترتيبات” الرهيبة التي أوَّلُها غزة، وآخرُها التغلُّب، والإبادة، والمحو الشامل.

سقوط دمشق، سقوط للعروبة، و”طريق دمشق” هو الطريق إلى العروبة. “كوني دمشق/فلا يعبرون” (محمود درويش).

العروبة أيضاً تاريخ، تاريخ شامخ، لا يندى له جبين. العروبة التاريخية صنعها “الأسياد”، وكان لها سهم وازن في “عمران العالم”، وفي تجويد الوجود الإنساني.

في كتابه من “العروبة إلى العروبة” (2003) يقول عبد الإله بلقزيز “أن العروبة ليست أيديولوجيا من ابتداع نخبة، بل هي ماهية اجتماعية وثقافية وحضارية من نسج تاريخ طاعن في القدم”. ماهية منخرطة، منذ القدم، في مشروع “ثوري”، قوامه العقل، والعدل، والإعمار، والمروءة. لقد عرف المشروع، في المدة الطويلة، أطواراً من “التحضر”، وأخرى من “التدهور”، عصوراً من النهوض، وأخرى من النزول.

العبور من “العروبة إلى العروبة” يستوجب، من بين ما يستوجب، “إعادة الاعتبار إلى مضمونها الثوري الذي ابتذلته تجربة الممارسة (الحزبية السلطوية) في الأربعين عاماً الأخيرة” (بلقزيز)، والذي انقلبت عليه الأنظمة الرسمية لتُحوِّلَه، منذ طوفان الأقصى على وجه الخصوص، إلى عنوان للرضوخ، والإذعان، وإلى حال هوان ما بعده هوان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى