حين لا يحترم تشريع الشغل من طرف مسؤول سياسي في منصب رسمي فهو فعل مشين وفضيحة
عدم احترام تشريع الشغل أو تجاوز أحكامه أو الإخلال بمقتضياته من طرف بعض المقاولات، فعل مشين لايمكن تبريره ولا التسامح معه، ليس فقط لأنه فعل خارج نطاق القانون، بل لأنه يضر ضررا بالغا بمصالح الغير.
وأن يكون صاحب المقاولة المخلة بالقانون مسؤولا سياسيا يشغل منصبا رسميا فهذه فضيحة بكل المقاييس، فضيحة اجتماعية، قانونية، حقوقية وأخلاقية…
للأسف العديد من المحامين والموثقين والتراجمة لا يعيرون اهتماما للحقوق الاجتماعية للمستخدمين في مكاتبهم، أضف إليهم الصيدليات والمقاهي والمطاعم والمخابز وغيرها من المهن الحرة والوحدات الخدماتية والصناعية .. وحدث ولا حرج بالنسبة للبحارة في مراكب الصيد الصغيرة والمتوسطة، وعمال النظافة والحراسة، والعاملات والعمال المنزليين..
وأغرب ما يمكن تصوره أن العديد من المشتغلين في مقرات النقابات العمالية والاتحادات المحلية غير مصرح بهم في الصندوق؟ فجلها لا يطبق قانون الشغل سواء فيما يتعلق بساعات العمل أو العطل السنوية أو احترام سن الإحالة على التقاعد؟؟ وإذا كان هذا حال النقابة التي من المفترض أن تدافع عن حقوق الأجراء والعمال فما بالك بالباقي؟
وهذا يسري أيضا على بعض الجمعيات الحقوقية والمنشآت الإعلامية… والجميع يتذكر تلك المؤسسة الإعلامية التي كانت تعطي الدروس تلو الدروس في الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتنتقد الظلم والاستبداد، كيف كانت أول من يدوس على هذه الحقوق، وكيف لم تكلف نفسها تسجيل العاملين لديها في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.. ومثل هذه وتلك كثيرة من المفارقات المضحكات المبكيات!
وللأسف أيضا، لا يتعدى عدد مفتشي الشغل ٣٢٠ مفتشا وهو عدد لايكفي للاضطلاع بالمهام المنوطة بهم في مراقبة تطبيق أحكام القانون، وتسوية نزاعات الشغل الفردية أو الجماعية ودّياً قبل وصولها إلى المسار القضائي. كما أن جهاز المراقبة والتفتيش التابع للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مكبل بعراقيل تشريعية وجب تلافيها وذلك بتقوية النصوص القانونية المنظمة لمهام هذا الجهاز.
لكن رب ضارة نافعة، فلنجعل من هذه الفضيحة المدوية ناقوس إنذار لكل المقاولات من أجل احترام قانون الشغل.ولتكن هذه المناسبة فرصة لتصحيح الوضعية الاجتماعية لعشرات الآلاف من العمال والأجراء والمستخدمين..
وعلى إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن تعبأ مفتشيها لهذه الغاية، لمحاربة البؤر ذات المخاطر الكبيرة للتهرب مما تفرضه المسؤولية الاجتماعية.
وعلى جهاز مفتشي الشغل مضاعفة الجهود من أجل التصدي لهذه الممارسات المنتهكة لأحكام تشريع الشغل.
فلنعمل معاً من أجل توسيع نطاق التغطية الاجتماعية وملاءمة منظومة الحماية الاجتماعية مع المعايير الدولية ذات الصلة؛
معاً من أجل تحسين تشريع الشغل؛
معاً من أجل تقوية الدور الرقابي لجهاز تفتيش الشغل ووحدة المراقبة والتفتيش التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؛
معاً من أجل تطبيق صارم لقانون الشغل..