يا أبناء فلسطين
يا من تكتبون كل لحظة
حين غارة
ألف شهيد و قصيدة
وتثيرون حقد الأسياد
منذ عهود بعيدة
منذ أن نصب الأوغاد سايسبيكو و الوعد و المكيدة
يا أهل التجشم و الوقار و القناعة
من فضلكم ، تذكروا
تذكروا و نحن يوم الوقوف عجزنا و هذه الكلمات
لعلها تشفع لي
فلا اختباء بعد الآن أو احتماء بشفاعة
لا الرسل ، لا الأنبياء ، لا الملائكة يشفعون الصمت عن المجازر
لا النيات ، لا الصلوات ، لا البيانات و لا صراخ الحناجر
أنتم وحدكم
أنتم وحدكم من يستطيع
وددتم سلام الشجعان و الأديان و الأوطان و الحضارة
أردتم أكثر من التطبيع
خذلوكم ، فتفوقتم في سلامكم و في حربكم على الجميع
يسرى بكم ليلا و نهارا
عبر جسور من الندى
بين الحياة و الفناء
تتفضلون على العالم سرا و جهارا
على طول المدى
بأكاليل من الدماء
تحت نفق و فوق فوق
حنق حرق و غرب طوق
حين قلق و بعد شوق
تتسامرون …
تبكون و تضحكون من فرط ما تعلمون
عن الفرق و الهوة و البون
بين قبح الهوان و جمال الارتقاء
عندما يتهاوى الكل و يعم الرياء
أنتم ، و أنتم أحياء
أنتم ، و أنتم تمتشقون الكبرياء
أنتم ، و أنتم شهداء
أنتم، و أنتم تفتشون بين الغدر و الأشلاء
عمن تبقى من أحباء و من أعباء
أنتم أصدق أحلام العالم
أنتم أقدم وصايا آدم
أنتم الجغرافيا و التاريخ و روح الأمم
أنتم المعنى و الخرائط و ماسواكم سخف و عدم
خلقنا لنكون مثلكم
و حين لن نشبهكم
سوف يعلن الله القيامة
الكون الآن تحت جلالة قدركم
يشاهد فجركم
فلم يعد أمامه أي خيار
نحن جبنائكم
جيناتنا من بؤس
جيناتكم من إيثار
دعوناكم ليأس
إعتذرتم باقتدار
ترجلتم خطايانا
امتطيتم أرواحكم و للسناء حملتمونا
و حين استعصى النصر ، حققتم الانتصار
كشفتم كل الأسرار
توارينا خلف أكثر من ستار و شعار
و ها قد فضحتمونا
أنتم وعد السماء
تقتلون و تتسرمدون
ننعم في وحل و في شموخ تمانعون
تعبرون في البقاء
تخلصون الأرض و الناس و الضياء
تحررون الأرواح و الأنفاس و الرجاء
ذلك قدركم …و تلك سجاياكم
فمن أسفار موسى و حجج يسوع تجيئون
أيها الجاثمون على صدورنا في مراكز القرار كم يلزمكم
كم يلزمكم من الأسماء الحسنى ومن الآيات و المعجزات
كم يلزمكم
كم يلزمكم من النكبات و جثث الأطفال و النكسات
كم يلزمكم
كم يلزمكم من الكتب المقدسة و من الأبيات و البينات
كم يلزمكم
لتعلموا أن الله وهب القدس لفلسطين
و اختار فلسطين لفلسطين
لا الأرض تقدر أن تدور دون فلسطين
و لا الجنة تجرؤ أن تقوم دون فلسطين
آلهة الإغريق عادت لتوها
معلنة توبتها عن الأساطير و عن غيها
فلا جمال و لا حب و لا قوة و لا حرب إلا فلسطين
كم يلزمكم
مزقوا الأمم المتحدة و كل الأروقة و الأوراق القبيحة
إحزموا خطاباتكم المدونة بحبر الفضيحة
و اغربوا عن وجه فلسطين
لا سكان البيت إياه
لا من بالمدنية يتشدقون
لا مرتلوا الإنجيل و التوراة
لا من عن حكايات الثورات يتحدثون
لا آيات الله و لا شاه
و لا من بالأنوار يتبجحون
لا أجندات وحدة الساحات
و لا من عن الإبادة ساكتون
لا زعماء و لا رؤساء و لا أمراء
و لا من لمنصات الخطابة يتصدرون
لا أحد يقدر على النظر في عيونكم
فمن دموع إبراهيم و الوهيم سوف يخجلون
كل القوانين التي كتبت
كل الدساتير ، كل العهود
كل صحف آثينا ، كل الوعود
كل المعاني التي سلبت
كل البنود ، كل الحدود
كل مزاعم المدنية احترقت
كل النجوم ، كل الورود
وصار العالم في حضرة موتكم تفاهة
يخرج من متاهة إلى متاهة
تتقاذفه السخافة و السماجة و البشاعة
لم تعد تسعفه لا مراهم و لا ربطات عنق و لا بلاغة
لقد أسقطوا غصن الزيتون يا أبا عمار
فانهض و انفخ فينا شيئا من الحصافة و من الشجاعة
لست شاعرا و لا ثائرا و لا مالك مسار
أنا فقط أضجر من هكذا وضاعة
فيا حكام هذا العصر و كل العصور إشهدوا
إشهدوا كيف نزع الخدج الزيف من على وجوهكم المشينة
و كيف انسحبت المساحيق من قلوبكم الحاملة للضغينة
صاح الطوفان و قد تبرئ منكم نوح و تبرئت السفينة
تذكروا ، إذن ، يا أطفال غزة و يا أبناء فلسطين
تذكروا عجزنا المدوي هذا و هذه الكلمات
قد يكونان لي …قد يكونان لي شفاعة
و لا تذهبوا بعيدا
قريبا سوف يعلن الله قيام الساعة
