الرئسيةسياسة

يرتقب أن يحسم الملك القضايا الخلافية…الحركة النسائية المغربية تراهن على تجاوز ما بقي من “ظلم” بقانون الأسرة

تراهن الحركة النسائية المغربية على اجتهاد فقهي منفتح ينهي ما بقي من “ظلم وتمييز” في قانون الأسرة، بعد عشرين عاماً على إصلاح تقدمي لم يخلُ من نقائص.

ففي العام 2004 تبنى المغرب قانوناً للأسرة أقر مسؤولية الزوجين عن الأسرة بدلاً من “قوامة” الرجل، ووضع قيوداً لتطليق الزوجة وزواج القاصرات وتعدد الزوجات.

وحظي القانون بتأييد المنظمات النسائية، لكنها ظلت تنبه لنواقصه وتدعو إلى إصلاح “أعمق يواكب مكانة النساء اليوم والأجيال الجديدة التي تؤمن بالحقوق والحريات”، وفق الناشطة في جمعية فيدرالية رابطة حقوق النساء لطيفة بوشوا.

تتعلق أبرز المطالب بالمساواة في الولاية القانونية على الأبناء بما في ذلك في حالة الطلاق، وفي الإرث والمنع التام لتزويج القاصرات.

في المقابل، ظلت التيارات والتنظيمات الإسلامية تعارض هذه المطالب على أساس أنها تتناقض مع التأويلات التقليدية للدين.

اليوم تراهن المنظمات النسائية على تجاوز ما بقي من “ظلم وتمييز وعنف قانوني سواء في النص أو في تطبيقه”، على حد تعبير رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء سميرة موحيا.

وتقود هذه المشاورات لجنة شكلت أواخر شتنبر، من وزير العدل ومسؤولي المؤسسات القضائية والحقوقية والدينية، وكلفت بإعداد مشروع الإصلاح في أجل أقصاه ستة أشهر.

 

وقد تلقت حتى أواخر نوفمبر، اقتراحات من أكثر من ألف جمعية مدنية فضلاً عن أحزاب سياسية ومؤسسات رسمية، كما تعتزم التشاور مع باحثين متخصصين.

من أهم القضايا التي حظيت بنقاش واسع في الأعوام الماضية تزويج القاصرات (أقل من 18 عاماً)، لأنه “أبرز مظاهر التمييز في القانون الحالي التي تثير قلقاً كبيراً”، كما تقول الناشطة في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب عاطفة تمجردين.
فعلى الرغم من منعه مبدئياً، ما زال ممكناً بترخيص قضائي استثنائي.

لكن هذه الاستثناءات بلغت مستويات مرتفعة جداً. فقد أفادت دراسة للنيابة العامة بأنه “تمت الموافقة على ما يقرب من 85% من الطلبات المقدمة بين عامَي 2011 و2018”.

كذلك يعد اشتراط موافقة الزوج لتمكين الأمهات من تدبير شؤون أبسط المسائل الإدارية للأبناء “حيفاً كبيراً خصوصاً في حالة المطلقات”، كما تقول موحيا.

يضاف إلى ذلك حرمان الأم المطلقة من حضانة الأطفال إذا تزوجت مجدداً، بينما لا يسري الأمر على الأب المطلق، وكذلك إلغاء شرط الإسلام لزواج مغربيات من أجانب غير مسلمين.

وتريد الحركة النسائية أيضاً تغيير قانون “الإرث التمييزي”، على حد قول تمجردين وإقرار المساواة بين النساء والرجال، وهي إحدى النقاط الشائكة التي أثارت معارضة قوية من الإسلاميين في الأعوام الأخيرة.

 

من القضايا أيضاً منع تعدد الزوجات، الذي لا يزال ممكناً في حالة موافقة الزوجة الأولى، لما يمثله “من مساس بكرامة المرأة رغم أنه صار نادراً”، كما تقول بوشوا.

وشكلت هذه الزيجات 0,3 بالمئة من عقود الزواج في 2022، حسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط.

تستند هذه المطالب إلى مبدأ المساواة الذي تبناه الدستور المعدل في سياق الربيع العربي العام 2011، وكذلك كما تقول موحيا إلى “اجتهاد فقهي إنساني يسعى لتحقيق العدل والمساواة، ويأخذ بعين الاعتبار مشاركة النساء في إعالة أسرهن”.

ويؤكد الكاتب أحمد عصيد أن أهمية الإصلاح تتجاوز حدود الأسرة إلى “تغيير كل المنظومة الذكورية المسؤولة مثلاً عن تفشي البطالة بين النساء، رغم أن الفتيات يمثلن حوالى ثلثي الناجحين في البكالوريا سنوياً”.

بحسب الأرقام الرسمية، تبلغ نسبة النساء الحاصلات على شهادات جامعية والعاطلات عن العمل 34,8 بالمئة، بينما لا تتجاوز هذه النسبة 20,8 بالمئة عند الرجال.

في المقابل، تعلن الحركة الإسلامية تمسكها بالاجتهاد في نطاق التأويلات التقليدية للدين. وجدد حزب العدالة والتنمية التأكيد على “المرجعية الإسلامية باعتبارها مرجعية الدولة والمجتمع”.

كما أكدت جماعة العدل والإحسان، التي تعد الأكبر عدداً في المغرب، على “سمو المرجعية الإسلامية” و”رفض كل اقتراح يتناقض معها”.

ويرتقب أن يحسم الملك القضايا الخلافية بصفته رئيساً للمجلس العلمي الديني الأعلى، الذي يحتكر الإفتاء، كما حدث قبل عشرين عاماً عندما شكل لجنة أعدت مشروعاً يوافق “مقاصد الإسلام السمحة”.

وقد قام بهذه الخطوة بعد معارضة قوية من التيار الإسلامي لصيغة أولى من الإصلاح طرحتها حكومة الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي آنذاك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى