الموت يغيب المناضل اليساري عبداللطيف ازريكم…”دابا بريس” تعيد نشر شهادة له في حق عبدالله زعزاع ذات يوم بمناسبة حفل توقيع كتابه
رحل عن دنيانا المناضل عبداللطيف ازريكم، أحد الفاعليين الأساسيين في تجربة ما عرف باليسار الجديد، بعد معاناة طويلة مع المرض.
عبداللطيف ازريكم عانى الاعتقال وهو مازال بعض شابا في مقتبل العمر، وتعرض كغيره ممن حوكموا في محاكمة 1977 الشهيرة، لدروب التعذيب.
ساهم بقسط كبير في سيرورة ما عرف بتجميع اليسار الذي انتهت لميلاد حزب اليسار الاشتراكي الموحد، قبل أن يتحول للحزب الاشتراكي الموحد بعد التحاق جميعة الوفاء للديمقراطية الفصيل الاتحادي.
يعرف على الراحل المناضل عبداللطيف ازريكم، إضافة لنضاله السياسي والحقوقي، بكونه مبدع واديب كتب العديد من القصص القصيرة.
نعاه، الأمين العام للاشتراكي الموحد الذي يعتبر ازريكم أحد قادته البارزين بمدينة مراكش، جمال العسري، قائلا: مرة أخرى نستيقظ على خبر حزين، مصاب آخر نصاب به فبعد رحيل مجموعة من الرفاق في هذه الأشهر الأخير اليوم يغادرنا الرفيق عبد اللطيف ازريكم بعد صراع مع المرض، اليوم ترجل مناضل آخر من مناضلي الحزب المبدئيين و الذي قدم الكثير للحزب و لليسار و للوطن.
واضاف في تدوينة له على صفحته على الفايسبوك، غادرنا واحد من أبرز وجوه اليسار بالمدينة الحمراء، عانى من الاعتقال السياسي و من التعذيب الممنهج، و بعد مغادرته السجن أبى إلا أن يستمر على نفس النهج و كان من الفاعلين الأساسيين في وحدة حزب اليسار الإشتراكي الموحد و بعدها تجربة الاشتراكي الموحد و ظل وفيا للحزب و قيمه و مبادئه، حاضرا في كل النضالات و المعارك الشعبية و ضمنها حراك 20 فبراير المجيد.
وتابع، رحم الله الفقيد و أسكنه فسيح جناته و ألهم ذويه و رفاقه الصبر و السلوان مع خالص التعازي و أصدق المواساة لعائلته الصغيرة و الكبيرة.
بهذه المناسبة الحزينة، تعيد ّدابا بريس” نشر هذه الشهادة للراحل في حق عبدالله زعزاع:
الأمس كان باذخا…ذهبت قبل الموعد وانتظرت بالمقهى…الرابعة إلا ربع اتجهت الى المقر المركزي للحزب الاشتراكي الموحد، حيث سينطم حفل توقيع كتاب المناضل عبدالله زعزع: “معركة رجل يساري”، فأحاطتني البهجة من كل جانب.. أحمد الحبشي يضمني كعادته ويأمرني( وأمره مطاع)، أن أستعد لإلقاء كلمة في حق رجل…المناضل عبدالله زعزع..
رجل إن قلت إنني أعرفه حق المعرفة، جانبت الحق وخالفت شرط المعرفة.. لكنني أقول دون تردد إنه من قلة ثمينة عرفت نفسي بها ومن خلالها.. ساهمت، غالبا من غير قصد، في نحث ما أنا عليه اليوم.
لم أتحضر لقول ماقلته في حق عبدالله زعزاع.. ولكنني قلت، ربما بارتباك، عرفاني له حتى اليوم في تحمله أقسى وأقصى الفضاعات عني وعنا، فنجوت ونجونا ونحن كثر من قبضة الجلاد.
كنت شابا طريا وكان رجلا قويا خبيرا مناضلا محترفا ركز القتلة كل جهودهم لكسره فغفلوا عني طويلا.. ولما راًيته، من خلف العصابة، شبحا أبيض صامتا يزحف على ركبتيه، أصابتني رجفة غضب وأسررت لنفسي: تبا.. منذ شهر وأنا مستلق على ظهري ولا من أزعج” راحتي”.. أنا أيضا، ومثل ذلك الشبح الأبيض، مناضل.. فلماذا يهملونني!
كنت غرا متنطعا.. افهم أن نضاليتك لن تكتمل، إلا إذا ألقوا بك في لجة الألم.. وعندما تحقق المأمول في أدنى الحدود واقتلعوا أحد أظافري، أدركت أن التعذيب يمكن ويستحب أن يكون شرط كفاية إن اصاب البعض سقط أو كاد عن البعض..
ولأن عبدالله كان فريستهم المثلى كنت أانا، الغر الطري، طريدة مهملة.. ولذلك عشت وقد حماني عبدالله وقلة من الرفاق من آلة طحن لم أكن أهلا لمواجهتها في حالة دورانها الأقصى كما كانوا رغم عنفواني وتنطعي.
ربما اوضحت اكثر ما قصدته عندما اعلنت، على روًوس الاشهاد، انني تمتعت بحماية عبدالله في جحيم درب الشريف.
كان بودي، لولا ارتباك اللحظة، ان اكشف انني كلما راًيت عبدالله او عانقته تذكرت جبلا اخر عشت في ظله ولا زلت..يشبهه في كل شيء كأنهما توأمان.
رجل يساري آخر اسمه رحال جبيهة …الخالد في أعماق القلب والعقل والوجدان.