و بالرغم من تعدد البرامج التي أطلقتها الحكومات المتعاقبة، لا تزال شريحة واسعة من المواطنين تعاني من غياب الدعم أو عدم وصوله بالشكل المطلوب، إضافة إلى ذلك، يفتقر النظام إلى معايير واضحة لتحديد المستفيدين، ما يثير انتقادات واسعة بسبب غموض آليات التوزيع وتعقيدات البيروقراطية التي تعيق تنفيذه، كل ذلك يعزز تساؤلات حول فعالية التدبير الحالي ويلح على ضرورة إجراء إصلاح شامل للمنظومة لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية.
تُجمع معظم الأطراف السياسية والنقابية على أن النظام الحالي يفتقر إلى الاستهداف الفعال للفئات الأكثر هشاشة، وتشير التقارير إلى أن جزءاً كبيراً من الموارد يذهب إلى فئات لا تحتاج إلى الدعم فعلياً، بينما تظل الفئات الأكثر احتياجاً تعاني من التهميش.
مع أن الحكومة الحالية، و بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، دافعت عن جهودها في هذا المجال، مؤكدة أنها تعمل على إطلاق سجل اجتماعي موحد يهدف إلى تحسين استهداف المستفيدين من الدعم وضمان العدالة في التوزيع.
وأوضحت أن هذا المشروع يمثل ركيزة أساسية لإصلاح النظام الاجتماعي، مشيرة إلى أن التحول الرقمي وتحديث قواعد البيانات سيقلص من الهدر والاختلالات.
في المقابل، اعتبرت أحزاب المعارضة، مثل حزب التقدم والاشتراكية، أن الدعم الاجتماعي في صيغته الحالية يعاني من غياب رؤية استراتيجية وشمولية.
ووصفت هذه الأطراف السياسات الحكومية بأنها غير كافية لمعالجة الفقر والتفاوت الاجتماعي، داعية إلى زيادة الميزانيات المخصصة للدعم وتوسيع نطاق المستفيدين، مع تحسين آليات التوزيع لتجنب سوء التدبير.
النقابات العمالية بدورها وجهت انتقادات حادة للمنظومة الحالية، مؤكدة أن السياسات الاجتماعية تظل بعيدة عن تلبية احتياجات الطبقة العاملة والفئات الهشة، واعتبرت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن ضعف الحوار الاجتماعي مع الحكومة يزيد من تعقيد المشهد، مشددة على ضرورة اعتماد مقاربة تشاركية في صياغة السياسات الاجتماعية التي تمس حياة ملايين المغاربة.
من جانبها، دعت منظمات المجتمع المدني إلى مراجعة شاملة لبرامج الدعم، مشيرة إلى أن توزيع الدعم المالي المباشر قد يكون أكثر نجاعة من البرامج الحالية التي تشوبها البيروقراطية وسوء التدبير.
لا يزال الدعم الاجتماعي في المغرب بالنسبة لعدد من الفاعلين مجرد وهم بعيد عن تحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة، ويرى هؤلاء أن السياسات الحكومية الحالية تسهم بشكل غير مباشر في إفقار الطبقة المتوسطة التي كانت تاريخياً العمود الفقري للمجتمع وداعماً أساسياً للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، في المقابل، تُتهم بتعزيز مصالح الطبقة البرجوازية والفاحشة الثراء من خلال إعفاءات ضريبية وسياسات مالية غير متوازنة، مما يزيد من تعميق الفجوة بين الفئات الاجتماعية ويضعف قدرة الطبقات الوسطى والهشة على مواجهة أعباء المعيشة المتزايدة.
ويظل إصلاح الدعم الاجتماعي في المغرب تحديا كبيراً أمام صناع القرار، خاصة في ظل الضغوطات الاقتصادية الراهنة وتزايد الفوارق الاجتماعية، نخو أفق تحقيق العدالة الاجتماعية الرهينة بإصلاح عميق وشامل يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه بفعالية وعدالة.