
دعوات لإعلان حالة طوارئ صحية.. الحصبة “بوحمرون” تعيد إثارة الجدل حول أسباب تفشيها
قالت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، إن عودة (بوحمرون) للانتشار بشكل حاد في عدد من المناطق وسقوط عشرات الوفيات في سابقة خطيرة، بعدما كنا على مقربة من القضاء عليه سنة 2019، سيكون له أثر سلبي يثقل كاهل المنظومة الصحية الوطنية المثقلة أساسا بالضعف والاختلالات.
ودعت الشبكة في الحكومة الى الإعلان عن حالة طوارئ صحية وتفعيل عمل اللجنة المشتركة بين وزارة الصحة والداخلية والتعليم، وتنفيذ إستراتيجية مشتركة للتصدي لهذا الوباء.
جاء ذلك في بلاغ صادر عن الشبكة التي دقت ناقوس الخطر بسبب الانتشار الحاد لفيروس الحصبة بالمغرب والذي تسبب في عشرات الوفيات في صفوف الأطفال، محملة وزارة الصحة المسؤولية كونها لم تتحرك رغم تحذير سابق لمنظمة الصحة العالمية سنة 2023.
وذكرت الشبكة، أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية سجلت أرقام رسمية مخيفة تتجاوز 25 ألف إصابة و120 وفاة يناير 2024، ومنذ أكتوبر 2023، حوالي 19 ألف و515 حالة إصابة، بمعدل 52,2 حالة لكل 100,000 نسمة. مشيرة إلى أن المغرب كان على مقربة من القضاء على الحصبة سنة 2019 إذ كان يسجل إلى عهد قريب جدا أقل من 5 حالات سنويا.
وقالت الشبكة الصحية إنه من المفروض ان تكون لدى مصالح وزارة الصحة كافة المعطيات حول خريطة التمنيع والأسر التي لم يستفد أبناؤها من استكمال تلقيحهم في زمن الرقمنة، والتوجيه بإعطاء الأهمية للدفاتر الصحية في كل دخول مدرسي، وتقديمه مع وثائق التسجيل من أجل التأكد من حصولهم على الجرعات اللازمة للوقاية من الحصبة وغيرها من الأمراض المعدية والمتنقلة وتسريع وتيرة الجهود الرامية إلى حصول جميع الأطفال على جرعتين من لقاح الحصبة.
وأوضحت الشبكة، إلى أن في السنوات الأخير لوحظ عودة أمراض الفقر ومنها أساسا الحصبة أو بوحمرون وارتفاع معدلات الوفيات في صفوف الأطفال لعوامل الفقر وسوء التغدية.
كما اعتبرت الهيئة الحقوقية، أن تحركات وزارة الصحة لحدود اليوم ليست كافية، « بالرغم من أن عددا من المراكز الصحية قامت بمجهودات جبارة بتنفيذ متطلبات المتابعة لاستكمال التلقيح إما بالتواصل مع المدارس أو مع الأسر عبر السلطات المحلية ونجحت في ذلك وحققت صفر حالة حصبة، بفضل يقظة الأطباء والممرضين والممرضات بهذه المستوصفات والمراكز الصحية ». معتبرة أنه « يتعين على الحكومة الإعلان عن حالة طوارئ صحية، وتفعيل عمل اللجنة المشتركة بين وزارة الصحة ومديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض والداخلية والتعليم، وتنفيذ إستراتيجية مشتركة للتصدي لهذا الوباء».
بدورها، انتقدت فاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، مؤخرا، “عدم الاكتراث بصحة المغاربة” في سؤال كتابي وجهته إلى وزير الصحة، منبهة إلى أزمة حادة يعيشها قطاع الصحة إثر الانتشار المتزايد لمرض بوحمرون تزامنا مع نقص حاد في الأطر الصحية والتجهيزات، وأكدت أنه “وضع مرشح للتفاقم بسبب استمرار الحركات الاحتجاجية والإضرابات التي تنظمها النقابات الصحية منذ أسابيع”.
وقال الطبيب الأخصائي في طب الأطفال، ورئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية، سعيد عفيف، بأن تفشي الحصبة في المغرب يعود أساسا إلى انخفاض معدلات التلقيح، حيث انخفضت التغطية في بعض المناطق إلى 60٪ بدلا من 95٪ المطلوبة لمنع انتشار العدوى، مؤكدا أن الحصبة من أكثر الأمراض المعدية التي يمكن للمصاب بها أن ينقل الفيروس إلى 12 إلى 18 شخصا.
وأضاف في تصريح له لموقع “الحرة”، أن “خطورة تفشي الحصبة تكمن في غياب علاج محدد للمرض إذ يقتصر التدخل الطبي على معالجة الأعراض مثل الحمى أو العدوى الثانوية”، وأضاف أن الحل الوحيد والفعال للوقاية من الحصبة هو التلقيح بجرعتين، مشددا على أن “اللقاح آمن وناجع ويستخدم عالميا منذ أكثر من أربعين عاما”.
بدوره، كان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، قال إن عودة انتشار الحصبة في المغرب مؤخرا يرجع إلى عدة أسباب رئيسية، أبرزها تراجع الإقبال على التلقيح، خاصة بعد جائحة كورونا، وانتشار المعلومات المغلوطة التي تخيف المواطنين من تلقي اللقاحات. معتبرا أن “هذه الإشاعات التي غالبا ما يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تروج لآثار جانبية نادرة وغير دقيقة، مما أدى إلى تراكم أعداد كبيرة من الأطفال غير الملقحين وعدم الالتزام بالجدول الوطني للتلقيح”.
وأكد، بايتاس في ندوة صحفية أعقبت اجتماع المجلس الحكومي، الخميس، أن وزارة الصحة اتخذت سلسلة من التدابير العاجلة لمواجهة تفشي المرض، شملت إرساء نظام يقظة وتتبع على مستوى المركز الوطني للعمليات الطارئة للصحة العامة و12 مركزا إقليميا للطوارئ الصحية. كما أطلقت حملة وطنية استدراكية للتلقيح ضد الحصبة، بدأت في 28 أكتوبر 2024 وتم تمديدها لضمان وصولها إلى الفئات المستهدفة.
كما دعا الوزير جميع المواطنين وجمعيات المجتمع المدني ووسائل الإعلام إلى دعم هذه الحملة الوطنية والتصدي للإشاعات المضللة التي تهدد صحة الأطفال، مؤكدا أن حملة التطعيم ضد الحصبة ما زالت جارية في المراكز الصحية.
ويبقى العمل من أجل الوقاية من الحصبة، هو تطعيم الأطفال بجرعات اللقاح المدمج (الذي يقي من الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف) وفقًا للبرنامج الوطني للتلقيح، و يمكن أن تكون الحصبة خطيرة، خصوصًا في الأطفال الرضع أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، حيث قد تؤدي إلى مضاعفات مثل التهاب الرئة أو التهاب الأذن أو التهاب الدماغ.
وتُعرف منظمة الصحة العالمية الحصبة بأنه “مرض شديد العدوى وخطير ينتقل عبر الهواء ويسببه فيروس يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات صحية وخيمة وحتى الوفاة”.
وأشارت تقديرات المنظمة إلى أن عام 2023 شهد 107 آلاف و500 وفاة بسبب الحصبة على مستوى العالم، معظمها بين أطفال دون سن الخامسة ممن لم يتلقوا التلقيحات الكاملة أو لم يتم تطعيمهم على الإطلاق.
ويصيب مرض الحصبة الجهاز التنفسي في البداية، ثم ينتشر في الجسم مسببًا أعراضًا مثل الحمى الشديدة والسعال وسيلان الأنف والطفح الجلدي.
وتعد الوقاية من المرض عبر التلقيح الطريقة الأكثر فعالية لتجنب الإصابة به.
وحذرت وزارة الصحة مؤخرا من خطورة التهاون في تلقيح الأطفال، داعية الى ضرورة الالتزام بالبرامج الوطنية للتلقيح لضمان حماية المجتمع من تفشي الأمراض المعدية.