الرئسيةسياسة

متى تتوقف مآسي العاملات الزراعيات على الطرقات؟

بقلم: بثينة المكودي

مرة أخرى، تزهق أرواح بريئة في طريق البحث عن لقمة العيش؛ حادثة سير جديدة يومه السبت 15 فبراير على طريق “الباراج” بإقليم اشتوكة آيت باها تضاف إلى القائمة الطويلة للمآسي التي تعانيها العاملات الزراعيات في المغرب.

 

نساء يخرجن فجراً، يكدحن في الحقول تحت أشعة الشمس الحارقة، ثم يعدن محشورات في شاحنات لا تصلح حتى لنقل البضائع، في غياب تام لأبسط شروط السلامة.

الواقعة ليست مجرد حادث عرضي يمكن تجاوزه بالتعاطف المؤقت أو بيانات الاستنكار المعتادة، بل إنها انعكاس صارخ لواقع تمييزي يكرس هشاشة حقوق هؤلاء النساء، اللواتي يُحرمن من وسائل نقل آمنة، ومن أبسط الحقوق القانونية التي تضمن لهن كرامتهن وسلامتهن.
كيف يمكن القبول بأن تبقى حياة هؤلاء العاملات رهينة العشوائية، وكأن أرواحهن أقل قيمة من سلع تُنقل بعناية أكبر؟

ورغم تكرار هذه الحوادث المأساوية، يظل ملف العاملات الزراعيات عالقاً بين الإهمال الرسمي وجشع المشغلين الذين لا يرون فيهن سوى أيدٍ عاملة رخيصة.

لا حديث عن تأمين صحي، ولا عن عقود عمل تحفظ لهن حقوقهن الأساسية، ولا حتى عن التزام بسيط بشروط النقل الامن التي تمنع تحول طريق العمل إلى فخ مميت.

القانون واضح في حماية حقوق العمال، لكن تطبيقه يكاد يكون غائباً حين يتعلق الأمر بهؤلاء العاملات الزراعيات.

فمن المسؤول عن هذه الأرواح التي تزهق على الطرقات؟ ومن يحاسب الشركات الفلاحية التي تتنصل من التزاماتها القانونية؟ ولماذا تظل أجهزة المراقبة عاجزة عن فرض أبسط معايير السلامة؟

كل يوم، تخرج آلاف النساء إلى الحقول بقلوب مليئة بالخوف، لا من مشقة العمل، بل من المصير الذي قد يكون بانتظارهن على طريق العودة. وحين تقع الكارثة، لا نجد سوى وعود بفتح تحقيقات سرعان ما تُنسى، في انتظار الفاجعة التالية. إلى متى ستظل حقوق هؤلاء النسوة مجرد شعارات خاوية لا تجد طريقها إلى التنفيذ؟ إلى متى ستظل أرواحهن تُداس تحت عجلات الإهمال والجشع؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى