الرئسيةمجتمع

إضراب “دوكير” يشل ميناء الداخلة الجزيرة: أزمة مالية أم إشكالية تنظيمية؟

شهد ميناء الداخلة الجزيرة حالة من الشلل التام بسبب إضراب العمال المكلفين بتفريغ مصطادات سفن الصيد في أعالي البحار المجمدة، المعرفين بـ”دوكير”، مما أدى إلى تعطل عمليات التفريغ وتأخير استئناف الرحلات البحرية, ويعود سبب هذا الإضراب، وفق مصادر مهنية مطلعة، إلى عدم وفاء الشركة المكلفة بصفقة التفريغ بالتزاماتها المالية تجاه هؤلاء العمال، الأمر الذي دفعهم إلى اتخاذ خطوة تصعيدية على شكل إضراب إنذاري لإجبارها على تسوية أوضاعهم.

ويعد القطاع البحري في الداخلة من القطاعات الحيوية التي تعتمد على دورة عمل منتظمة تضمن استمرارية نشاط الصيد والتفريغ دون انقطاع، خاصة خلال مواسم الصيد الكبرى مثل الموسم الشتوي للأخطبوط، الذي يمتد إلى غاية نهاية شهر مارس. غير أن هذا الإضراب وضع الشركات المالكة لسفن الصيد في موقف صعب، حيث عبّر العديد من المهنيين عن استيائهم من الوضع الحالي، محذرين من التداعيات السلبية على الاقتصاد المحلي وسير عمليات الصيد، فتعطل عمليات التفريغ لا يعرقل فقط عمل السفن، بل يؤثر على سلسلة التوريد بأكملها، مما قد يؤدي إلى خسائر مادية معتبرة ويهدد استقرار النشاط الاقتصادي بالميناء.

المصادر ذاتها أكدت أن مشكلة عدم تسوية الوضعية المالية لعمال “دوكير” تتكرر في كل موسم صيد، حيث يجد هؤلاء العمال أنفسهم مضطرين لخوض إضرابات متكررة من أجل الحصول على مستحقاتهم، في ظل غياب آلية واضحة تضمن انتظام الأجور والتزام الشركات بتعهداتها.

وتعكس هذه الإشكالية خللاً أعمق في تدبير عمليات التفريغ، حيث لا يقتصر الأمر على الجانب المالي فقط، بل يشمل أيضاً جوانب تنظيمية أخرى تمثل مصدر قلق للمهنيين.

و من بين الإشكالات المطروحة، عدم التزام الشركة المكلفة بصفقة التفريغ ببعض معايير العمل الأساسية، مثل توفير صدريات تحمل هوية العاملين واسم الشركة، وهو إجراء ضروري لضبط عمليات التفريغ وتحديد المسؤوليات، كما يشتكي المهنيون من غياب تنظيم دقيق للعمال، حيث لا يتم التدقيق في السوابق العدلية لبعض العاملين، مما قد يشكل تهديداً أمنياً داخل الميناء. إضافة إلى ذلك، فإن هناك مطالب بتحسين آليات التدبير لتكون أكثر انضباطاً على غرار ما يجري في المطارات والمؤسسات الكبرى التي تتطلب مستويات عالية من التنظيم والمراقبة.

ورغم أن “لابافام” سبق أن رفعت مراسلة في هذا الشأن إلى الجهات المعنية قبل انطلاق الموسم الشتوي للأخطبوط 2025، إلا أن هذه الإشكالات لا تزال قائمة، مما يطرح تساؤلات حول جدية الجهات الوصية في التعامل مع هذه الملفات، كما أن الاجتماعات الأمنية والمينائية التي تسبق كل موسم صيد لم تحقق النتائج المرجوة في الحد من هذه الاختلالات، مما يجعل كل موسم جديد محفوفاً بالتوترات والمشاكل التنظيمية ذاتها.

ما يحدث في ميناء الداخلة الجزيرة ليس مجرد إضراب عمالي عابر، بل هو مؤشر على أزمة أعمق تتطلب حلولاً جذرية تضمن حقوق العمال وتوفر بيئة عمل منظمة، مما سيمكن قطاع الصيد البحري من العمل بسلاسة ودون انقطاع.
فهل تتحرك الجهات المعنية لمعالجة هذه الإشكالات قبل أن تتفاقم الأوضاع، أم أن قطاع الصيد سيظل رهينة لمثل هذه الأزمات المتكررة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى