مجتمع

على هامش خرجة بنيوب: حوار الوعي “المتمرد” على حقوق الإنسان… حل جمعية جدور 3/2

 

عزيز إدامين الفاعل الحقوقي

حل جمعية جذور

اعتبر المندوب في حواره أن سند حل جمعية جذور هو سند موضوعي قائم على: تسمية الجمعية للنقاش الدائر بملحمة العدميين، نقل جلستهم من مجال الخاص الى المجال العام، وهو يحيل بشكل مباشر على شربهم للخمر علانية أمام مجتمع محافظ، وزاد أن من حسن حظ أعضاء الجمعية أن النيابة العامة حركت دعوى المدنية، ولم تحرك الدعوى العمومية، في إشارة إلى حق الدولة في اعتقالهم وسجنهم، بل وعاتب على الدولة عدم متابعتهم بمقتضى المس بالآداب والأخلاق العامة بناء على القانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن المتابعة جرت بناء على مضمون ما جرى وما نوقش في حفلة ملحمة العدميين وذلك بناء على قرار المحكمة.

يؤسفني أن المندوب، والذي في كل مرة يدعوا الناس للقراءة، أنه لم يقرأ قرار حل الجمعية، لأنه استند على كون الجمعية مارست أهداف لم تكن ضمن الأهداف المسطرة في القانون الأساسي، أي أنها نظمت نشاطا سياسيا وليس ثقافيا، ولم تتطرق حيثيات القرار لا إلى مضمون النقاش ولا إلى المس بثوابت الدولة.

وهنا تكمن خطورة الاجتهاد القضائي المغربي في تكريس المزيد من التضييق على الحق في تأسيس الجمعيات والتنظيم، إذ أصبحت السلطة مطلقة بيد القضاء في تكييف أي نشاط أو تقرير أو مذكرة أو بيان … بكونه خارج الأهداف المسطرة في القانون الأساسي، وهذا المقتضى يعتبر ضربا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة من العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية، وفي هذا الصدد نحيل على ملاحظة المقرر الخاص المعني بالحق التجمع السلمي وتأسيس الجمعيات، في تقريره الموجه للأمين العام للأمم المتحدة، بتاريخ 26 يوليوز 2018، إذ أكد أن الاتجاهات الجديدة في مجال التضيق على عمل الجمعيات، يكمن في “القوانين التقييدية والاتجاهات التشريعية الرئيسية التي في تضييق البيئة المواتية للمجتمع المدني، وتنظيم الحيز المدني، تستخدم التشريعات القمعية في تضييق الخناق على المعارضة، بإرساء بيئة قانونية معقدة تفرض شروطا مرهقة على عمل المنظمات غير الحكومية وجمعيات المجتمع المدني، وتهدد هذه القوانين في كثير من الأحيان الى فقدان الجمعيات الصفة القانونية، بل وملاحقتها جنائيا” (الفقرة 28)، وتجذر الإشارة أن نفس المقرر عبر في تقريره السنوي لسنة 2017 بالقول “الحق في تأسيس الجمعيات هي أحد العناصر الأساسية للديمقراطية، إذ تمكن الرجال والنساء من التعبير عن آرائهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمشاركة بالأعمال الفنية والأدبية وغيرها” (الفقرة 20) وذلك إعمالا لقرار مجلس حقوق الانسان رقم 15.21.

عادل السعداني، المنسق العام لجمعية «جذور» المنحلة

أما لجوء بنيوب الى إعطاء تفسير واسع لمفهوم “الآداب العامة” الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وخاصة المادة 22 منه، فإنه قرأ المادة بمعزل عن تفسيرها الذي حدد معنى “الآداب العامة” وفق عالمية حقوق الإنسان، إذ أشارت لجنة حقوق الإنسان المعنية بتتبع تنفيذ العهد وإعطاء تفسيرات لمواده، في تعليقها العام رقم 34، لسنة 2011، الفقرة 32 أنه “”مفهوم الأخلاق مستمد من تقاليد اجتماعية وفلسفية ودينية عديدة؛ وعليه، يجب أن تستند القيود المفروضة … بغرض حماية الأخلاق إلى مبادئ غير مستمدة حصراً من تقليد واحد.ويجب أن تفهم هذه القيود في ضوء عالمية حقوق الإنسان ومبدأ عدم التمييز.”. وهو نفس التفسير الذي سبق وأن وضعته اللجنة في التعليق العام رقم 22 لسنة 1993 (الفقرة 8).

إن المفهوم الواسع الذي أعطاه المندوب “للآداب العامة” في علاقتها ببنية المجتمع المحافظ والتقاليد، تسمح اليوم لأي فاعل أو مواطن المطالبة بإغلاق القنوات العمومية أو حجب فيلم سينمائي أو مسرحية أو رسم تشكيلي … لأنه احتوى مشهد أو صورة مخلة بالآداب العامة كشرب الخمر أو امرأة مرتدية لباسا شفافا أو قبلة عابرة، لكونها “تجازوا المستور، واخترق المقدس والمحرم” …حزا

 

ترقبوا الحلقة الثالثة: معتقلي تظاهرات الحسيمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى