رسالة المعتقل السياسي أمغار على خلفية حراك الريف بسجن طنجة 2 … الحلم الواقع سيان
كانت الزيارة التي قام بها المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، مناسبة، لتلقي أم المعتقل السياسي، كريم أمغار المعتقل بسجن طنجة 2، والتي عنونها بالحلم والواقع سيان، وفيها يحكي المعتقل السياسي أمغار قصته قبل الاعتقال، مواطنا مهتما بالشأن العام، ومهتما بقضية منطقته وكيف قرر المساهمة من موقعه في الدفاع عن قضايا منطقته، من خلال انخراطه في عدة إطارات وفعاليات جماهيرية ونضالية… ليعرج للحديث عن قصة الاعتقال ومعاناته…وليحلل الوقائع والأحداث كما عاشتها الحسيمة والريف عموما…
وفيما يلي نص الرسالة كما توصلت بها “دابا بريس”:
رسالة المعتقل السياسي كريم أمغار من سجن طنجة 2
الحلم والواقع سيان
قبل اعتقالي كنت مهتما بالشأن العام واعتبرت نفسي مسؤولا وانشغلت دائما بما يحدث في منطقتي ومجتمعي. وأحسست أنه من واجبي المساهمة بفعالية قدر المستطاع، وأكثر من المستطاع أحيانا. لهذا انخرطت وساهمت في عدة إطارات وفعاليات مجتمعية مدنية وشعبية.
بعد استشهاد محسن فكري، وانطلاقا من إحساسي بالمسؤولية، كان من واجبي أن أستنكر ما حدث وأن أنخرط في الحراك وأتبنى مبادئه التي كانت تلتقي مع مبادئي. بالفعل، ساهمت في الحراك كما ساهم فيه كل أبناء المنطقة، النقابيين والسياسيين وفعاليات المجتمع المدني وعامة أبناء الشعب، مما تمخض عنه ذلك الزخم وذلك التنظيم اللذان أبهرا العالم آنذاك. انخرطت كما انخرطت جميع أطياف المجتمع المنتمون إلى التنظيمات وغير المنتمين. وكنت، كما كان أغلب المنخرطين، حريصا كل الحرص على عدم انحياز الحراك إلى تنظيم أو تيار فكري وسياسي على حساب آخر، إيمانا مني بالديمقراطية التي أنا متشبع بمبادئها، واقتناعا مني بأن الحراك يشكل فضاء يتسع للجميع بوضوح مطالبه وأهدافه.
نظرا لتبني الحراك لهموم المواطنين عرف إجماعا واسعا ولقي دعما كبيرا من كل مكونات المجتمع (عمال، طلبة، تلاميذ، موظفين…). لهذا فالحراك ساهم فيه المعتقلون وغير المعتقلينرجالا ونساءشبابا وأطفالا وشيوخا وسط كل هؤلاء، خرجت أنا أيضا من أجل مزيد من الحريات وكثير من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية
مقابل كل ذلك، لم يسبق لنا أن تلقينا أية دعوة صريحة للحوار من قبل الدولة أو من قبل مؤسسة من مؤسساتها، ما عدا زيارة خاطفة قام بها الأمين العام للمجلس الوطني للحقوق الإنسان واستدعاء من العمالة وذلك في بداية الحراك.
بعد البيان المشؤوم للأغلبية الحكومية الذي وجه لنا تهمة الانفصال، لم نركن إلى الصمت ولم نبق مكتوفي الأيدي، بل خرجنا بكثافة ضدا على هذا الاتهام، واستنكرنا ذلك التهجم على وطنيتنا التي ليس من حق أي كان في هذه البلاد أن يزايد علينا بها. على إثر ذلك الاتهام، بدأ مسلسل الاعتقالات وتحكيم القبضة الأمنية ونهج سياسة الترويع والقمع والسجن من أجل كسر شوكة الحراك. وقد صرفت من أجل ذلك مئات الملايين من الدراهم مع العلم أن الأمر لم يكن يحتاج إلى كل ذلك التبديد للمال العام، وكان سلوك طريق الحوار سيكون أقل تكلفة وأكثر جدوى.
لقد وضعت تلك السياسة الأمنية بلادنا في موقف محرج حقوقيا بحيث أجبرت الدولة المغربية على البحث على التبريرات في محاولة لإقناع الرأي العام الوطني والدولي، لكن دون جدوى. وإلى اليوم لا تزال الأزمة قائمة. ولقد مدت تلك السياسة بالجرأة الكثير من المتطفلين للتطاول على وحدة وطننا وأتاحت لهم الفرصة للركوب على معاناتنا ودموع عائلاتنا.
لقد اعترفت مؤسسات الدولة في تقاريرها واعترفت كل أطياف المجتمع السياسي والمدني والحقوقي بمشروعية مطالب الحراك وبأسبابه الاقتصادية والاجتماعية وذلك ضد على محاضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية المشوبة بالكثير من التزوير والافتراء. وبعد التجربة التي خضناها إلى اليوم، يبدو أن هناك جناحا سلطويا غير معلن له المصلحة في تأزيم الوضع ويعمل على صب الزيت على النار كلما خفت الأزمة و اتجه الملف نحو الحل. لذلك أتساءل: ما هي هذه الجهة؟ وما مصلحتها في تأجيج الأوضاع؟ وماهي المكاسب التي ستجنيها بلادنا من توسيع الهوة بين الدولة المركزية والريف؟
انطلاقا من كل ما سبق، يتوجب علينا جميعا التفكير بجدية وبمراعاة مصلحة ووحدة وطننا لحل هذا الملف وإيجاد مخرج واقعي له. بقليل من التضحيات وكثير من الجرأة وتقبل الآخر والإقرار بما لنا والاعتراف بما علينا سنجد السبيل الأمثل لحل الملف، فوحدة الوطن ومصلحته مسؤوليتنا جميعا دولة وشعبا.
إن هذه يدا مدت إلى من يهمهم الأمر من أجل تسوية هذا الملف. فالحلم والواقع سيان، ومن أجل تحقيق حلم العدالة الاجتماعية والمجالية ومن أجل بناء مغرب كبير يرقى إلى تطلعات شعوبه يجب أن نبدأ من هنا.
ورب مبادرة صغيرة قد تكون مفتاحا لحل أزمة كبيرة.
كريم أمغار
من طنجة 2/ 8-11-2019