سياسة

تقرير: الاعتماد على شكاية مجهولة في قضية بوعشرين يلغي المحاكمة والنيابة العامة عملت وفق الضوابط القانونية

خلص التقرير الأولي الذي أعده المحامي بهيأة الدار البيضاء، محمد الطوسي، حول محاكمة مدير جريدة ’’أخبار اليوم‘‘ توفيق بوعشرين، إلى أن الاعتماد على شكاية من شخص مجهول الهوية، يلغي المحاكمة من أساسها.
واستنتج التقرير الذي تم إعداده بتكليف من النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والذي حصلت جريدة ’’دابا بريس‘‘ الالكترونية على نسخة منه، اليوم الخميس، إلى أن ’’الشرطة والنيابة العامة لم تكنا على علم بعدد الشكايات، ولم تكن في حاجة لتلقي شكاية من ضحية مجهولة الهوية على الورق ولكن معلومة لدى النيابة العامة’’، حيث أورد التقرير أن ’’تلقي شكاية من طرف النيابة العامة لشخص مجهول الهوية، مسألة تطرح نقاشا قانونيا وواقعيا، ففي الواقع يُثار تساؤل هل النيابة العامة كانت في حاجة إلى تلقي شكاية من شخص مجهول الهوية، وهو الأمر الذي يبدو شبه مستحيل عمليا، على اعتبار أن مصلحة الشكايات لا يمكن أن تتسلم مثل هكذا شكايات والإفصاح عن الهوية يبقى أمر إجباري عند ولوج المحكمة، فبالأحرى تقديم شكاية ما لم تكن فرضية مطالبة المشتكية إخفاء هويتها وموافقة النيابة العامة على ذلك، وهذا هو الأمر الذي يبقى مرجحا.
ومن الناحية القانونية لا مانع في تلقي شكاية من شخص مجهول الهوية لكن ضمن أطراف المخاصمة وليس لدى الجهة المتلقية، أي النيابة العامة حسب ما سبق تفصيله، كما يمكن أن نستشف أن الشرطة والنيابة العامة لم تكن على علم بعدد الشكايات، لم تكن في حاجة لتلقي شكاية من ضحية مجهولة الهوية على الورق ولكن معلومة لدى النيابة العامة‘‘.
وسجل التقرير أن ’’الانتقال بعدد مهم من عناصر الشرطة إلى مقر جريدة توفيق بوعشرين، الأمر الذي كان موضوع جدال كبير بين أطراف القضية، والطريقة التي تم بها اكتشاف مسجل الفيديو بمكتب المتهم خلق نوعا من الريبة حول الآليات المحجوزة، وخاصة حينما طلبت الشرطة من المتهم الطواف صحبتهم بمكاتب الجريدة، وسؤال المتهم للمسؤول على مصلحة المشتريات عن ملكية الشركة لتلك المحجوزات وجواب هذا الأخير بالنفي، مما يترك التساؤل مطروحا تتم الإجابة عليه بعد المناقشة في الموضوع، خصوصا أن جهاز التقاط القنوات الفضائية الذي وصف به المتهم جهاز التسجيل لم يكن من ضمن المحجوزات‘‘.
في نفس السياق، أورد التقرير أن ’’ما أثير بخصوص التفتيش والحجز يكون غير منتج، خاصة الموافقة المكتوبة للمتهم واعتبار مقر عمله يدخل ضمن المسكن الذي يتطلب تفتيشه موافقة مكتوبة وكذا اعتبار مكتب توفيق بوعشرين مشمول بالسر المهني، حيث يقول صاحب التقرير إنه بقراءة المحاضر يرى ’’أنها جاءت وفق الضوابط القانونية المنظمة، خاصة أن المتهم نفى ملكية مؤسسته لتلك الأدوات المحجوزة ويطعن في مضمونها، وبالتالي الطعن في كيفية حجزها غير جدير الذكر والتفصيل فيه كما نسجل عدم تسريب أو اختفاء أو تداول أي وثيقة أو وسيلة عمل أو معلومة كانت من ضمن أسرار مكتب المتهم لحد الساعة، مما يدل على أن الشرطة تحت إشراف النيابة العامة أنجزت عملها في هذا الشق وفق الضوابط المنصوص عليها قانونا‘‘.
وبخصوص البلاغات التي صدرت عن النيابة العامة، في بداية القضية، اتجه التقرير إلى اعتبار أنها لا تمس بقرينة البراءة، كما دفع بذلك المتهم عن طريق دفاعه، بل تعتبر حسب التقرير، ’’وسيلة للحد من لغة التشكيك والتصريحات التي وردت على لسان بعض أعضاء دفاع المتهم، وما تناقلته بعض المنابر الإعلامية المتعاطفة مع المتهم بخصوص أسباب إيقافه والكيفية التي تم بها هذا الإيقاف، خاصة أن تلك البلاغات كانت دقيقة في صياغتها ومنسجمة مع واقع ما جاء فيها، كما أن النيابة العامة كفت عن أي تصريح بمجرد إحالة المتهم على الجلسة وتنصيب دفاع للمشتكيات الذي واصل الرد على تصريحات دفاع المتهم وهو أهم ما ميز هذه المحاكمة‘‘.
وفيما يتعلق بالدفوعات الشكلية التي تقدم بها دفاع بوعشرين، قال المحامي الطوسي في تقريره، إن ’’جل الطلبات التي تقدم بها دفاع المتهم تبقى غير منتجة في القضية وتدخل في التشكيك في عمل الشرطة القضائية، ومن بينها استدعاء الضابط محرر المحضر، وعمل الشرطة القضائية يبقى صحيحا ما دام لم يشبه أي عيب شكلي أو مخالف للقانون‘‘ واستدل التقرير في هذا الجانب بكون ’’ما أثير بخصوص انعدام الصفة الضبطية لعناصر الشرطة التي أنجزت التفريغ هو دفع أيضا يدخل في التشكيك في عمل الشرطة القضائية وتمت الإجابة عليه بشكل كافي من طرف النيابة العامة، حينما اعتبرت عناصر الشرطة يدخلون في فئة أعوان الشرطة طبقا للمادة 25 و 26 من ق.م.ج‘‘ بالإضافة إلى ’’ما أثير بخصوص غياب السند القانوني لإنجاز الخبرة التقنية من طرف الشرطة القضائية، ليس هناك أي مانع من هذا الإجراء إذا كان مجهولا في جميع الأدلة وهو من صميم عمل الشرطة القضائية التي لا تباشر هكذا إجراء إلا بعد الرجوع للنيابة العامة في هذا الشأن‘‘، ثم ’’ما أثير بخصوص الإحالة المباشرة على غرفة الجنايات الابتدائية بدل المطالبة بإجراء تحقيق هو دفع لا يستقيم ويمكن الرجوع للتفصيل الذي تناولت به النيابة العامة الموضوع وصلاحية النيابة العامة في تقدير الجاهزية من عدمها بصفتها هي مناط تحريك المتابعة التي يمكن أن تسقط في أي لحظة، إن لم تكن تتوفر على وسائل الإثبات الكافية للإدانة‘‘، وكذا ’’ما أثير بشأن اختصاص الفرقة الوطنية من عدمه في تحرير محاضر الاستماع وباقي إجراءات البحث التمهيدي هو دفع غير منتج من خلال ما فصلت فيه النيابة العامة في معرض ردها على هذا البحث، وخاصة العلاقة العضوية بين أجهزة الأمن والأنظمة القانونية التي تحكم هذه العلاقة، وبالتالي لا يمكن لهذا الدفع أن يبطل تلك المحاضر ما دامت جاءت وفق الشكليات القانونية الضرورية، وهذا الرأي نابع من عدم تسجيل أي خرق واضح ومؤثر لا من جهتنا ولا من جهة المحكمة, بخلاف بعض التفاصيل الدقيقة التي سيفصل فيها في التقرير النهائي‘‘.
من حيث الموضوع، سجل المصدر ذاته، بشأن غياب فيديو للمشتكيتين نعيمة لحروري وخلود الجابري، هو ’’دفع يدخل في موضوع القضية، وليس في شكليات المحاضر، وهو ليس من الدفوع التي قد تؤثر في صحة المحاضر، بل ليس ضروريا أصلا مادام أن متابعة النيابة العامة جاءت بناء على تصريح المشتكيات واستعانة بفيديوهات لمشتكيات أخريات ولو كانت وسيلة المتابعة هي تصريح المشتكيات فقط ونفي المتهم لكانت للدفع أهمية أكبر وتكون النيابة العامة آنذاك ملزمة بتقديم أدلة أخرى تدعم بها المتابعة‘‘.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى