رأي/ كرونيك

قريبا من كورونا .. بعيدا عن الديمقراطية !!

لماذا هذا العنوان ؟ وأية علاقة بين وباء كورونا كوفيد 19 المستجد وبين الديمقراطية كنظام حكم وتدبير للشأن العام ؟
ظاهريا ليست هناك أية علاقة واضحة لكن واقعيا تبين من خلال العديد من النقاشات التي انطلقت ولا زالت متواصلة في عدة دول ومن بينها المغرب بأن هناك علاقة وطيدة بين الإثنين .. لماذا ؟

ببساطة لأن مكافحة ومحاصرة هذا الوباء تطلب من كل الدول عمليا تعطيل بعض الحقوق والمكتسبات واللجوء إلى فرض قوانين طوارىء خاصة تحد من الحركة وتقيدها في اماكن السكن وتحدد زمن الدخول والخروج وشروطهما .. والمغرب لم يكن استثناء بين هذه الدول خاصة وأن منظومته الصحية متدهورة ومنخورة فلم يكن أمامه كدولة من خيار مؤقت في الزمن إلا أن يعطل جزءاً أساسيا من حقوق الناس . هؤلاء تقبلوا برحابة وبالرغم من قساوة الاجراءات وطابعها الاستثنائي أن يضحوا مرحليا بجزء من حقوقهم العادية في الحركة والتجول والسفر .

إذن وقع نوع من التعاقد بالتراضي بين الدولة والمجتمع بل جرى حديث طويل عريض حول توقيف الانتقادات إلى التدبير الحكومي في أفق خلق أجواء توافق وطني تسمح بتجاوز الحاضر بأقل الأضرار البشرية واستشراف المستقبل بروح جديدة وبناءة .
وكذلك كان .. رغم كل ما جرى وما كان..

إلا أن ما جرى خلال هذا الاسبوع شكل صفعة قوية لكل الاحلام الوردية .. إذ بدل أن تقوم القطاعات الحكومية بإعداد خطة متعددة الابعاد مندمجة ومتدرجة يوظف من أجلها إعلام ذكي ومنفتح ..وتوضع رهن إشارتها كفاءات علمية من كل التخصصات..وتتسع في سبيل انجاحها مشاورات ديمقراطية حقيقية مع مختلف المهن وليس فقط مع المقاولة والمقاولين من نوع خاص ..

أقول بدل ذلك يخرج علينا قبل اسبوعين وزير الداخلية وهو يزمجر وينذر ويخيف الشعب من تضييع المكاسب !!!! وتواصل أجهزة الدعاية السمعية والبصرية حملة الانذارات خشية الاعتقاد بأننا قطعنا الواد ونشفو رجلينا !!! ويتوج كل ذلك خطاب حجري خشبي جاف لرءيس حكومة فاشل ومنفعل وفاقد للاتزان المفترض في رجل دولة يحترم الشعب أولا ويحترم تضحياته النفسية والاجتماعية والاقتصادية الباهظة بعد التزام قاس بحجر صحي طويل ( ازيد من 80 يوماً مما يعتبر سابقة عالمية ) ..وبقانون طوارئ انطلق في عشرينيات مارس الماضي ليدوم شهورا أخرى .

السيد رئيس الحكومة في خرجته تلك اقترب كثيرا من وباء كورونا وابتعد عن الديمقراطية شكلا ومضمونا وقد سبق أن اوضحت في تدوينات سابقة أخطاء هذه الحكومة على هذين المستويين لاضيف اليوم بأن خطاب السيد رئيس الحكومة اكتفى بالقراءة السلبية لارقام تطور الوباء في بلادنا في حين أن المؤشرات جميعها إذا تمت قراءتها في سياقها الزمني تبين أن المغرب نجح في الحد من انتشار الوباء والجزاء لم يكن هو خنق الناس ودورة الإنتاج ولقمة عيش ملايين البشر والنفسيات المتدهورة لملايين الاطفال والشباب والمعاقين والشيوخ من الجنسين طبعاً .

كان على الحكومة أن تعلن عن انفراج شجاع بإعادة استثمار أجواء التعبئة التي بددت الكثير منها بخطواتها المتهورة والسلطوية . كان على الحكومة أن تقترب من الديمقراطية عبر دمقرطة اعلامها المتحجر الوحيد الخطاب .. وعبر فتح اذنيها لغير تقنوقراط وزارة الصحة أو الداخلية أو المالية وتستمع إلى الاخصائيين النفسيين والاجتماعيين والباحثين في الاقتصاد الاجتماعي وما شابه قصد الاقتراب من نبض المجتمع .

بدل النزول عند واقع الناس القاسي فضلت الحكومة عبر رئيسها وتسريباتها واعلامها وخبراءها المزورين ووزراءها المتحكمين أن تخاطب الناس من برجها العتيق وتأمر بتقسيم البلد تقسيما وباءيا وتسجن بذلك كبريات المدن التي تضم حوالي 65% من السكان في إدامة ظالمة سلطوية للحجر الصحي وهو ما كرس اكثر فاكثر اقتراب الحكومة من كورونا وابتعادها عن الديمقراطية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى