ميديا و أونلاين

بين التطبيع والتعايش.. التراث اليهودي يقرع باب المدارس بالمغرب (صحيفة)

بعد قرار المغرب في بداية الموسم الدراسي 2020/2021 إدراج التراث اليهودي بالبلاد في المناهج التعليمية، اعتبر البعض هذا أمرا عاديا ينسجم مع روح الدستور الذي ينص على أن الهوية المغربية مكونة من عدة روافد منها الأمازيغي والعربي واليهودي والأندلسي، في حين اعتبره البعض “تطبيعا مع الاحتلال”.

وفي حين يتوجس البعض من كل ما له علاقة باليهود بسبب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يعتبر آخرون، لا سيما المولودين قبل السبعينات والثمانينات، اليهود المغاربة مجرد مواطنين مختلفين في الديانة.

التطبيع مع إسرائيل

في العاشر من ديسمبر 2020، أعلنت إسرائيل والمغرب استئناف العلاقات الدبلوماسية بوساطة أمريكية وبمكسب مغربي تمثل في الاعتراف الأمريكي بالسيادة على الصحراء الغربية التي تتنازعها الرباط من جهة وجبهة البوليساريو وحليفتها الجزائر من جهة أخرى.

وكان المغرب قد بادر بإغلاق مكتب الاتصال مع إسرائيل في عام 2000 إثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وعقب استئناف العلاقات مع إسرائيل، أورد بيان للديوان الملكي أن العاهل المغربي “أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأبلغه بأن موقفه الداعم للقضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير”.

إدراج تاريخ اليهود في المناهج

وجاء قرار إدراج تاريخ اليهود المغاربة وثقافتهم بكتب المرحلة الابتدائية للمستويين الخامس والسادس حتى قبل إعلان تطبيع العلاقات رسميا مع إسرائيل.

قال فؤاد شفيقي مدير المناهج بوزارة التربية والتعليم لرويترز “إدراج الثقافة العبرية في المقررات الدراسية المغربية كان مقررا قبل استئناف العلاقات مع إسرائيل”. وأردف قائلا “الهدف هو أن يعرف التلميذ أن هذا الرافد العبري جزء من روافد الشعب المغربي وأن يُرفع اللبس من أدمغة التلاميذ بين اليهود المغاربة والسياسة أو الصراع العربي الإسرائيلي”.

أرض للتسامح والتعايش

رحب عدد من المثقفين المغاربة بهذا القرار واعتبروه يتماشى مع روح الدستور المغربي المعدل في 2011، والذي جاء بضغط من الشارع في إطار ما يعرف بالربيع العربي.

يرى عمر بوم، وهو أستاذ مغربي في علم الأنثروبولوجيا بجامعة كاليفورنيا بلوس انجليس ومؤلف عشرات الكتب والأبحاث حول تاريخ اليهود المغاربة واليهود في شمال أفريقيا، أن “هذه اللحظة تستحق الاحتفال”.

وقال “عندما كان اليهود يعشون جنبا إلى جنب مع المسلمين، ساعدت العلاقات الاجتماعية اليومية بينهم وبين المسلمين على ازدهار وتأسيس علاقات إنسانية دافئة في كل مناحي الحياة، سواء في الشارع أو الأسواق أو حتى داخل البيوت”.

وأضاف لرويترز “في ظل هجرة اليهود، نحتاج أن نتأكد أن الأجيال الجديدة في المغرب على علم بتاريخها. لهذا أعتقد أن تدريس تاريخ وثقافة اليهود سيعزز هذا الوعي بماضي المغرب وحضارته، ويمكّن الشباب المغاربة من تقبل الاختلاف والآخر من أجل التأسيس لأمة قوية”.

فخر يهودي

ويسجل عدد من اليهود بفخر شديد الدور الذي لعبه العاهل الراحل محمد الخامس في حماية اليهود المغاربة في فترة الحرب العالمية الثانية وذروة الحديث عن اضطهاد اليهود، وكذلك المكانة التي حظوا بها في عهد الملك التالي الحسن الثاني ثم العاهل الحالي محمد السادس.

ومن بين قرارات الملك محمد السادس ترميم المقابر والمعاهد اليهودية بالمملكة وإنشاء متحف التراث اليهودي المغربي في الدار البيضاء في خطوة يرى باحثون أنها تعزز صورة المملكة كأرض للتسامح والتعايش.

ويوجد نحو 36 معبدا يهوديا في المغرب بالإضافة إلى عشرات المزارات والأضرحة اليهودية. وترجع بعض الروايات اليهودية تاريخ اليهود في المغرب إلى القرن السادس قبل الميلاد عندما طُردوا من بابل ووصلوا إلى شمال أفريقيا.

كما زاد الوجود اليهودي في المغرب مع سقوط الأندلس حيث طرد الإسبان المسلمين واليهود على حد سواء. وحتى عام 1940، كان يمثل اليهود في المغرب عشرة في المئة من إجمالي السكان قبل هجرتهم إلى إسرائيل.

ولا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد اليهود في المغرب لكن التقديرات تشير إلى أنهم ما بين 2000 و2500.

وعن تزامن تدريس التراث اليهودي المغربي في المدارس مع استئناف العلاقات مع إسرائيل، قال بوم “لست على علم بأي خلفية سياسية لهذا القرار. صحيح لقد تزامن ذلك قبل أسابيع قليلة من إعلان التطبيع المغربي الإسرائيلي، لكنني لا أعرف مدى الارتباط بينهما”.

المصدر: مونت كارلو الدولية / رويترز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى