هل ينجح حموشي في تصويب ساعته الأمنية والزمن المغربي؟
نحج المغرب نجاحا لافت النظر في مواجهة الإرهاب في مهده ومنبعه ومشتل إنتاج فكره ومصانع تكييف أنماطه وصيغه …
نجح رجال ونساء حموشي في تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية المنعزلة والصامتة، والغابرة والنائية… قبل أن تنفذ نواياها الدموية.نجحوا حيث أخفقت أعتد المؤسسات الاستخباراتية، حتى نالوا الثناء من العدو إلا قبل الصديق…
المغرب بمخابراته المتميزة وحسه الأمني الوقائي والميداني… فوت على الإرهاب الأعمى أكثر من مرة فرصة تحويلنا إلى أشلاء متناثرة، وتدمير مؤسساتنا، وبالتالي تدمير الأمل والثقة، وأد نوايا القتل الحاقد قبل أن يخلف اليتامى والأرامل والإعاقة النفسية والجسدية…
كانوا سدا منيعا ضد العبث بالحياة والأمل، وأنهكوا قوى اليأس والهدم…
الأمن شعور يقوي ثقة المواطن بالدولة، ويرسخ مشاعر الولاء والوفاء…
الأمن يرقى بالشعور الوطني إلا تعزيز مشاعر الانتماء والفخر..
ما معنى أن تكون آمنا في حياتك وممتلكاتك وعقلك وكرامتك…؟
يعني مواطنة مبدعة مبادرة منتجة مبتكرة…
فالإبداع والمبادرة والتنمية يقتلها الخوف…
واللأمن عدو التنمية… من أصغر حي صناعي إلى أكبر منشأة إنتاجية..
نجح رجال ونساء حموشي في إنقاذ فرنسا بالأمس القريب من مجزرة دم في كنسية مسالمة…
صمت فرنسا كالعادة… كبرياؤها المشروخ لا يسمح لها بالاعتراف بقدرات ومقدرات وإمكانات ما كانت تزعم حمايتها بموجب احتلال ناعم لغويا وموغل في القهر فعليا…
فوتوا عدة فرص على الإرهاب ليضرب بأمريكا وأوروبا… وأماكن قد نعلمها…
هم الرجال والنساء أنفسهم…
العقل الأمني نفسه…
المؤسسة الوطنية نفسها…
هو حموشي نفسه قاهر الظلام والعبث والإرهاب.
هم الأطر أنفسهم بذكائهم ومهاراتهم وكفاياتهم وأجهزتهم وعلومهم…
فكيف لهم كل هذه الفتوحات والإنجازات وطنيا ودوليا ويفشلوا في الحرب المحلية ضد السيوف و”لاسيد” والسكاكين واللصوصية وقطع الطريق وترويج أقراص الهلوسة التي تخترق الحدود والفهود لتصل إلى أفقر الأحياء…؟
هم الرجال والنساء أنفسهم الذين رفعوا الراية البيضاء للأسف أمام طوفان “القرقوبي” الذي يحول اليافعين إلى مجرمين متوحشين، وأحياءنا إلى غابات للقتل الموغل في الوحشية والبهيمية…
هم الرجال والنساء أنفسهم الذين لم يجدوا حلا أمنيا لتطويق الجريمة ضد الأصول والفروع…
هم الرجال أنفسهم المنتشرون عبر دراجاتهم في الدروب والأحياء لكنهم خللا ما يجعلهم دون الجدوى المنتظرة، وبعيدين عن تحقيق الأمن الوقائي، وغير ضابطين للقضايا الاستعجالية، والأولويات… والأهداف الأمنية التي تليق بالأمن المتجول…
هل من أولوياتهم… الخوذة… ومراقبة وثائق الدراجات النارية…ومساعدة شرطة الجولان في مهامها حجزا …؟
لا أعلم… ما زلت أجهل الهوية المهنية لهم… من جراء جهلي الميداني للأهداف المسطرة لهم…؟
فحين تكون الأم والأب والأخت والزوجة والجار والصديق، ضحايا محتملين، ويغدو السيف وسيلة إبادة… علينا إعادة التفكير في دور دوائر الأمن…
هل دورها ينحصر في تلقي الشكايات واستخراج شهادة السكنى… أم لرجالها ونسائها مسؤولية أمنية ميدانية وقائية وحمائية…؟
هل نظام المداومة الحالي يرسخ الإحساس بالأمن… أم يضرب مبدأ تقريب الخدمة الأمنية من المواطن…؟
التفكير في مخطط للمداومة يضمن استمرار الخدمة الفعلية أمنيا.. ضروري… مداومة.. لا تداول لا يحقق الأهداف بل يراكم الملفات…
هؤلاء الذين يكسرون السيارات ويعربدون في الأزقة والحارات…ثم يعودون… ويكررون الملحمة نفسها أمام دهشة الشعب…
ذوو السوابق صاروا سادة الليل والنهار وفتوات الأسواق والأنفاق والأذواق…
والذين يشهرون السيوف… يهددون… ثم يمرون إلى تنفيذ تهديداتهم في أقرب فرصة.
هل صاروا سلطة موازية تفرض شروطها على المجتمع بفشل منظومة الأمن العمومي.. أم أن الأولويات تصنف الأمن العام العمومي ترفا وليس ضرورة قصوى؟
هل تحقيق الأمن العمومي رهان معقد فشلت مؤسسة “حموشي” في رفعه لأسباب مرتبطة بالموارد البشرية والمالية أم أن هناك خللا بنيويا في التصور وفي العقليات المحلية…؟
أسئلة فعلها تحيرنا ونحن، نسجل فتوحات حموشي في الغرب والشرق… وفي قرى نائية… وفي نقط يصعب ترصد النفس الإرهابي فيها…
لقد نجح حموشي ورجاله ونساؤه في أكثر من معركة ضد تنظيمات ماكرة وذكية، وأجهضوا مخططات دموية … لأن لهم محللين ومحللات فككوا بنية العقل الإرهابي، وحللوا سيكولوجية الإرهاب، وأحاطوا بسسيولوجيا التطرف وخطاب الكراهية وتجلياته وامتداداته وتشكلاته الجنينية وتفرعاته التنظيمية…
هو العقل الأمني نفسه الاستراتيجي…
الذي فشل في تحريرنا من الخوف في دروبا…
من رهاب السيوف في أحيائنا…
من فوضى حكام الليل…
من تحرير كيتوهات منوعة على رجال الأمن…
حموشي …منفتح على مبادرات الآخرين…
أعلم أنك من الأمنيين القلائل الذين يؤمنون بربط المسؤولية بالمحاسبة… والأداء بالترقية والجزاء…
أعلم أنك قيادي تؤسس لمنظومة أمنية تشاركية أبعادها الحكامة وتبديد الهدر والترشيد وتوظيف المؤشرات…
لذا أريد أن أفكر معك …
لمَ فشلنا في حرب القضاء على انتشار السيوف في الأحياء والمدن؟
من أين تأتي السيوف؟
لمَ مازال تجار القرقوبي يحسد الأرواح وتجاره يكاد يعرفهم القاصي والقريب…؟
أقول لك هذا الكلام… وأنا حزين وخائف… صدقني… فخلال هذا الأسبوع… سقط أكثر من شاب بالبيضاء بضربة سيف…
يقتل شبابنا بوحشية غريبة..
يموتون كالأكباش وتشق بطونهم ورؤوسهم كجثث خلفها انفجار أعمى…
السيف لغم من نوع آخر…
حين ينفجر… وطنا مجروحا… وشعبا خائفا…
الشعب الخائف… شعب.. يائس…
واليأس بذرة شهية لخطاب الكراهية وصناع الموت المقدس…
ألا ترى أن المواطن حينما يصرخ على الشاشات اليومية…لا يطلب شيئا سوى أن تضمن له حقه في مسطرة شفافة عادلة…؟
ما الأمر؟
أين الخلل؟
ألا ترى معي أن الخلل ليس مركزيا بل محليا…؟
ما الذي يشجع على العود والتغول والوغل في الجريمة…؟
هل المنظومة الجنائية…؟
ربما الخلل في مكان ما بعيد عن الرباط… ويحتاج إلى استراتيجية للتقييم المحلي…
من أصغر مركز و”كوميسارية” إلى أكبر جهاز إقليمي وجهوي…؟
سأكون معك صريحا….
سمعتنا الأمنية في تطويق الإرهاب لا ينغص فخرنا بها غير أننا صرنا غير آمنين في الأحياء والدروب من السيوف واللصوصية والعربدة والقهر وقطع الطريق…
سأكون معك صادقا….
هناك مشكلة في خط النجدة…
هناك مشكلة في جدوى التبليغ والتلكؤ والخمول وعدم المبادرة إلى التحقيق الميداني، و التدخل في حينه…
هناك مجرمون أمام مرأى العالم… على أبواب المؤسسات التعلمية.
والمصيبة أنهم على بعد أمتار من مراكز الشرطة… بل من مقرات السلطة الأمنية الإقليمية.
هناك مشكلة في الإحساس باللاجدوى من وضع شكاية…
هناك الخوف … هناك … رهاب الدخول إلى مركز للشرطة الذي مازال يرسخه مسؤول أمني من زمن بائد…. حتما هو خارج رؤيتك… لكنه موجود…للأسف مازال بعض رجالك ينهرون المغربي والمغربية، ويشعرونهما أنهما في فضاء القهر لا الخدمة العمومية…
إن الانتظار قاتل في بعض الكوميساريات… ليس بسبب الضغط البشري… بل بسبب مزاج بوليسي مازال يوظف اليأس والملل في تدبير بعض الملفات…
إننا مهددون… قتلى مع وقف التنفيذ…
علينا أن نصمت في وجه الاستفزاز والشتائم وتمرغ كرامتنا وشرفنا كل يوم…
ولأن خصمنا هو السيف…
هو الاستهتار
هو ومساواة المجرم أحيانا والضحية…
نبلعها ونمضي…
كما تمر بعض سيارات الأمن أحيانا وحال لسان سائقها يقول” لم أر شيئا…”
مازال المواطنون والمواطنات…وهم في قمة الكرب والحزن… يرفعون حناجرهم حبا في الملك وللملك… ثم يذكرونك… استصراخا وطلبا للنجدة…
هل ستربح رهان الأمن العمومي وتخليق المرفق الأمني كما ربحت رهان محاربة الإرهاب..؟
أدرك أنك قادر…
فقط… الأمر يتطلب تصويب ساعتك الأمنية مع التوقيت المغربي…
حينها ستربح حرب السيوف كما شرفتنا وربح المغرب معك حرب الإرهاب والتطرف….؟