رأي/ كرونيك

نزهة مجدي: علمتني أمي ان الكرامة اثمن من كسرة الخبز فكيف لا انتفض ضد التحرش الجنسي

علمتني امي بقوستها الرحيمة ألا أسكت عن الظلم… علمتني أمي ان الكرامة اثمن من كسرة الخبز، فكيف لا انتفض ضد التحرش الجنسي الذي تعرضت له بالرباط؟ تحرش تم في إطار مؤسساتي، بيوم سقط فيه القانون، وسادت لغة القوة والعنف، وعم التسيب والفوضى، وكأننا لاجئين في هذا الوطن الذي استوطن فيه الظلم والجور.

حين يعترض طريقي شخص ما ويسألني: ألست الاستاذة التي صرخت في وجه القوات العمومية اثناء تعرضها للتحرش الجنسي؟!.

لا أطأطئ رأسي خجلا، لا أنظر للأسف، بل اقف شامخة تابثة قوية أكثر من أي وقت مضى، ثم اجيب بجراة ” نعم تلك أنا…”.

الجرأة التي تعلمتها من امي، وجعلتني اكتسب مناعة ضد انتقادات المجتمع، ضد نظرة الاغيار، ضد الاتهامات والأحكام المسبقة… لا أكترث للأصابع التي تشير إلي، فلو كنت ملاكا بعنان السماء او نبيا يمشي فوق الأرض ستشير إلى فقط لأنني امراة،فقط لأنها ثقافة شعب يعاني من ترسبات الجهل والتسلط و سيادة الوعي الزائف.

صرخت بلسان كل امرأة تتعرض للتحرش الجنسي في إطار مؤسساتي مشرع باسم السلطة، ليس وليد اللحظة بل هو تعذيب نفسي، ولفظي وجسدي يتم باستمرار خلال فض التظاهرات السلمية، لكن المعنيات بالأمر تتسترن عليه خشية من نظرة المجتمع، تلك النظرة التي أسقطت في قاموس حياتي حين تعلمت الفلسفة، فاضحى العقل يثور ضد كل سلوك غير عقلاني ولو كان ثمنه سمعتي وحياتي.

لقد آن الأوان يا استاذات التنسيقية، ويا مناضلات الشارع المغربي، لفضح هذه الانتهاكات، الأمر يتطلب، فقط، بعض الشجاعة لنتحد جميعا لمناهضة هذه السلوكات، فلسنا حيوانات حتى يتم اغتنام الفرصة لتنفيس المكبوثات الجنسية على أجسادنا، نحن نساء “حرات” والمرأة الحرة” تقايض شرفها بحياتها اذا اقتضى الامر، فكيف ستخشى نظرة وأحكام المجتمع؟!.

إن حق الاحتجاج هو حق دستوري، والتحرش الجنسي لتقييد هذا الحق جريمة يعاقب عليها قانون مناهضة العنف ضد النساء الذي دستر عقوبات التحرش الجنسي سنة 2018، ولا يحق لأي كان مهما كانت صفته ومنزلته وتحت اي ظرف كان، ان يتحرش بالمرأة في الفضاءات العمومية، وينبغي محاسبة كل من كان مسؤولا عن انتهاكات حقوق الإنسان، التي تمت في شوارع الرباط لو أرادت الدولة المغربية فعلا ان تثبت للرأي العام الوطني والدولي، انها دولة عدالة وحق وليس عنف وقوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى