الصحافة الدولية تتابع قضية «بوعشرين» وتقول إنه اعتقل وبحثوا له عن تهمة
مساء الجمعة 23 فبراير ، كان الصحافي المغربي «توفيق بوعشرين» يهم بمغادرة مقر الصحيفة التي يرأس إدارتها: «أخبار اليوم»، قبل أن يتفاجأ والعاملون معه باقتحام 20 شرطيًا بزي مدني لاقتياده معهم، وصف المعارضون المغاربة طريقة المداهمة تلك الطريقة بـ«الهوليودية».
لقد اعتقل «بوعشرين» بضعة أيام بدون معرفة التهم الموجهة إليه، ولا الدواعي القانونية، ولذلك قال المحامي «محمد زيان»: «اعتقلوه وهم يبحثون له عن تهمة»؛ فقد جاء في بيان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في مدينة الدار البيضاء أنه «بناء على شكايات توصلت بها النيابة العامة، أمرت هذه الأخيرة بإجراء بحث قضائي مع توفيق بوعشرين، كلفت به الفرقة الوطنية للشرطة القضائية». وأضاف البيان: «من أجل ضمان مصلحة البحث، وحفاظًا على سريته، وصونًا لقرينة البراءة، فإنه يتعذر في هذه المرحلة الإفصاح عن موضوع الشكايات».
يعقب النائب البرلماني السابق «رشيد سليماني» على هذا البيان بالقول: إنه «قد أقرّ بمخالفة هذا الفعل للقانون الذي يحول دون اعتقال أي مواطن لمجرد تسجيل شكايات ضده من طرف مواطنين آخرين»، ويضيف في مقال له: «وكأنّي بالرجل تتم متابعته بناء على قانون افتراضي للأدلة السرية، على غرار ما هو معمول به في الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل وجود قوانين تسمح للحكومة هناك باستعمال أدلة سرية لاعتقال شخصٍ ما دون تمكينه من الاطلاع على التهم التي أُلْصِقَتْ به أو الأدلة التي سِيقت لإدانته، كما يمكن احتجازه لفترة قد تفوق أربعة أعوام».
فيما تم لاحقًا إصدار بيان آخر للنيابة العامة جاء فيه أن «البحث القضائي بحق بوعشرين خاص بشكاوى تتعلق باعتداءات جنسية، ولا علاقة له بمهنة الصحافة»، ولم تكتف الحكومة المغربية باعتقال بوعشرين، بل استدعت النيابة لاحقًا عاملين بالصحيفة ذاتها، أو مواقع تابعة لها، مثل موقع «اليوم 24»، وموقع «سلطانة»؛ الأمر الذي فاقم من حدة ردود الفعل الغاضبة في الشارع المغربي، وخاصة في أوساط الصحافيين، بالرغم من اختلاف آرائهم، وكان أبرز من تم اعتقاله مديرة نشر موقع «سلطانة»، «ابتسام مشكور»، التي داهمت عناصر أمنية بيتها، وطلبت منها مرافقتها، فيما لم تكشف العناصر الأمنية بمدينة الدار البيضاء سبب التوقيف.
اعتقال «بوعشرين» الأخير ليس الخلاف الأول له مع الحكومة؛ إذ أسدل الستار قبل شهر على قضية امتدت ثلاث سنوات في المحاكم المغربية؛ وذلك حين أدين بتهمة «تشويه السمعة»، حين نشرت جريدة «أخبار اليوم» في أكتوبر 2015 مقالات تتحدث عن تآمر وزيري الفلاحة والصيد البحري والاقتصاد والمالية ضد رئيسهما في الحكومة السابقة، وقد حُكِم على بوعشرين مؤخرًا بتعويض الوزيرين ماليًا بـ40 ألف يورو.
وقال «بوعشرين» في تعليقه على الحكم على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «أنا متضامن معكما لأن مطلبكما الأول للقضاء كان مليار سنتيم (10 ملايين دولار) كتعويض للتعليق على خبر صحيح»، وتابع القول: «عندما يحرر القاضي الحكم، سننشره للعموم؛ لنكتشف أين هي التهمة، لكن من الآن نقول: إن الصحافة ليست جريمة، وأخنوش ليس مقدسًا، وجمع المال مع السلطة فيه مفسدة كبرى، والكلمة الأخيرة للرأي العام والتاريخ».
وفي العام 2009 حكم علي «بوعشرين» بالسجن أربع سنوات مع وقف التنفيذ، وبتسديد عطل وضرر بعد نشر «كاريكاتور» في صحيفته اعتبر مهينًا للعائلة الملكية والعلم الوطني، وكذلك في يونيو (حزيران) عام 2010، حُكم على بوعشرين بالسجن ستة أشهر بسبب قضية احتيال متعلقة بصفقة عقارية.