رأي/ كرونيك

همهمة عشق لمشترك تاه بين الاتصال والانفصال

كنت أشعر بأنني الوحيد التائه في العالم، والحال أن التيه سلوك مجتمعي سببه الرئيسي احتكار المعرفة / المعلومات المفيدة لصنع البوصلة الخاصة والمستقلة عن كل الأجندات، فمتى سننتقل من ظاهرة التيه كشرنقة الفرد ونزوة الانفعال العابر إلى المجال الفسيح للفاعلين الاجتماعيين الغفل،) مستلهم من مؤلف «في الحل والترحال / عن أشكال التيه المعاصرة، تأليف ميشيل مافيزولي، ترجمة عبد الله زارو /إفريقيا الشرق ) هل صحيح أننا ماديون تاريخيون، بما يعنيه اننا جدليون سيرورة وصيرورة، ننتمي إلى كل من يتمثل قوانين الجدل الحقيقية الثلاث، غير تلك التي حرفها زمن ستالين وأتباعه، بأن أصافوا تعسفا قانونا رابعا، لكل غاية مفيدة ؟ هل نؤمن، كمتبنين للفكر الاشتراكي العلمي، في المنهج أساسا وليس في العقيدة، بالتحليل الملموس للواقع الملموس، أن هويتنا جدلية، تتبلور سيرورة وصيرورة، نتيجة الصراع داخل الوحدة، بين متناقضات داخلية وثانوية، ومن خلال تراكم الكم وتحولها إلى كيف، ليبقى الحاصل تناقضات جديدة ضمن سياق حركة نفي النفي ؟ فلماذا في قراءتنا لمسارنا نخلط بين السبب والنتيجة، لماذا نعتبر أنفسنا استمرارا لحركة التحرير الشعبية دون أن ندقق مليا في العلاقة السببية المفترضة، لكي نخلص، ميكانيكيا إلى انه لامناص ان نصير، بالتبعية والنتيجة، امتدادا للحركة الاتحادية الأصيلة، والحال أن حزب القوات الشعبية تبنى، رسميا ومبدئيا، التقرير المذهبي لعبد الله إبراهيم، والذي اقره المؤتمر الوطني الثاني، ولكن في الواقع والتفكير اشتغل بوثيقة ” الاختيار الثوري ” الذي صاغه المهدي بنبركة ؟ فهل نحن ننتمي إلى تيار الأطر السياسية الذي صاغ مؤسساتيا وثيقة ” قرارات 30 يوليوز 1972 ” ووثيقة 8 اكتوبر 1972 “، أم نحن استمرار لاستراتيجية العمل المسلح في القرى وكبريات المدن المؤطر من قبل ما تبقى ضمن القوات الشعبية من رجال المقاومة وجيش التحرير ؟ وهل نحن ننتمي إلى نفس العمال ونقابتهم والتي استقلوا عنها في نونبر 1978، بعلة نفي البورصوية ومناهضة الاستوقراطية العمالية، أم أننا من الذين اختاروا الوفاء لعمر بن جلون المصر على مطلب الوحدة النضالية داخل ااوحدة ااتنظيمية ؟ نحن من المناضلين الذين قبلوا الانصياع للامر الواقع الذي فرضه سياق انعقاد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي، أم اننا من المنضمين لحلقة المعتبرين ان محطة يناير 1975 مؤامرة استثنائية، وشكلوا منبر ” الاختيار الثوري ” كمنبر يذيع أفكاره من ” المنفى الاختياري ” ؟ هل نحن ممن التحق، من الخارج، بالاتحاد الاشتراكي، بعد وفاة عمر بنجلون، ام من الذين التحقوا بعد خروجهم من السجن وعودتهم من المنفى، وشاركوا في المؤتمر الوطني الثالث، أم من الذين التحقوا بتنظيم الاختيار بالخارج ؟ هل نحن من الذين قرروا الاندماج في الاتحاد الاشتراكي ام من الذين فكروا في إدماج التيار التصحيحي داخل الحزب في منبر الاختيار الثوري ؟ هل نحن ممن تبنى أدبيات المؤتمر الاستثائي، خاصة التقرير الايديولوجي، فقط، دون البيان العام للمؤتمر الوطني الثالث، أم أننا من الذين اعتبروا وثيقة البيان العام هذا اداة لدمقرطة الدولة والمجتمع والحزب، أم نحن من اعتبر الصراع الايديولوجي والسياسي واحترام ادبيات الحزب حلقية ونزعة انفصال ؟ هل نحن من دافع عن الوحدة والديموقراطية ام نحن من اختار الانفصال ؟ هل نحن من طرد من الحزب أم نحن من طرد من الحزب ؟ أكيد إن عدد كبير ممن عاشوا وقائع الصراع الحزبي، خلال الفترة ما بين صيف 1974 وصيف 1986، يعرفون الكثير من الأمور و يملكون أجوبة او ملامح أجوبة، حول حقيقة الصراع واختلاف طرق تدبيره وتقييمه، لكن صراحة لم يعد أمل في الاستثمار الايجابي للنتائج التقييم، وبذلك ستكون اية محاولة للتقويم خارج الأجل، خاصة وأن اغلب مهندسي تدبير الصراع قضوا، ليظل بصيص حظ في استنطاق الوثائق التي لا زالت قيد على الحياة، ولكن بهدف استخلاص الدروس من لعبة الانفصال والاتصال، بعيدا عن وهم اكتساب الشرعية من أسطورة ” الانتماء الطاهر ” ما دمنا لم نجب صراحة، نحن المساهمون في التأسيس ل ” مرحلة ما بعد صيف 1974 “، على الفكر الذي كنا ننتمي إليه أو الجناح الذي كنا نزعم متماهين اننا منه واليه راجعون !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى