ما أشبه الليلة بالأمس…القصص المحزنة في تعذيب العلماء والفلاسفة في العالم الإسلامي
المتصوف السهروردي عصر صلاح الدين الأيوبي تم قتله بنفس الطريقة التي قتل بها الحلاج أما الإمام ابن حنبل فقام الخليفة المعتصم بسجنه و تعذيبه و الكندي فيلسوف العرب جرد من ملابسه و هو في الستين و جلد ستون جلدة في ميدان عام وسط تهليل العامة
مثل هذه القصص المحزنة التي تبين الصراع بين العلم و الفهم الديني لا ينتهي عددها و هي ليست مقصورة على دين واحد أو زمان واحد، و العالم الإسلامي لا يخلو من مثل هذه القصص في الماضي و الحاضر .
فقصص تعذيب العلماء و المفكرين و إعدامهم لا ينكرها أحد . فابن المقفع الذي جمع بين لغة العرب و صناعة الفرس و حكمة اليونانيين و مؤلف كتاب كليلة و دمنه اتهم بالكفر و قطعت أطرافه و فصلت رأسه و القي بباقي جسده في النار لممارسته الفكرالنقدي في تدبير شؤون الرعية.
نفس المصير سيلقاه المتصوف الحلاج بعد اتهامه بالكفر. ضرب الحلاج بالسياط ثم قطعت يداه و رجلاه ثم ضربت عنقه و أحرقت جثته بالنار، ثم القي ما بقي من تراب جثته في نهر دجلة.
المتصوف السهروردي عصر صلاح الدين الأيوبي تم قتله بنفس الطريقة التي قتل بها الحلاج. أما الإمام ابن حنبل فقام الخليفة المعتصم بسجنه و تعذيبه، و الكندي فيلسوف العرب جرد من ملابسه و هو في الستين و جلد ستون جلدة في ميدان عام وسط تهليل العامة .
و الرازي ضرب على رأسه بكتبه حتى فقد البصر و عندما طلب احد تلاميذه علاجه رفض و قال لقد نظرت إلى الدنيا حتى مللت.
و لم ينج ابن سينا وابن رشد و ابن خلدون من الاتهام بالكفر.
ابن رشد حرقت كتبه و اتهم في إيمانه بناء على تأثير الفقهاء المتزمتين بإصدار مراسيم تحريم للفلسفة.
انطلقت محنة ابن رشد و محاكمته فكانت تهمته الكفر و الإلحاد و المروق عن الدين، و حكم عليه بالنفي إلى قرية لا يسكنها غير اليهود في إيماءة من جلاديه على أنه ليس من المسلمين، أي أن التشنيع به قد بلغ منتهاه وصولا إلىتصويره في ثوب من لا علاقة له بالملة .
فأصوله اليهودية هي التي جعلته يمرق عن الدين الإسلامي و هذا تقليد يخترق الحضارة العربية فعندما يتعلق الحال بتكفير هذا المفكرأو ذاك فإنه كثيرا ما ينسب إلى اليهود أو النصارى أو المجوس و قد برع فيه رجال الدين المحافظون على مر الأزمنة.
بعد نكبة ابن رشد ساد جو مشحون كانت سمته إطلاق حملة شاملة لاستئصال الفلسفة, وكان المنصور قد قصد أن لا يترك شيئا من كتب المنطق والحكمة باقيا في بلاده ,و أباد كثيرا منها بإحراقها بالنار و شدد بألا يبقى أحد يشتغل بشيء منها .و أنه متى وجد أحد ينظر في هذا العلم أو وجد عنده شيء من الكتب المصنفة فيها فإنه يلحقه ضرر عظيم .
كانت الحملة ضد ابنالوليد ممرورة بمباركة دينية . فالقيمون عليها رجال دين و جدوا ضالتهم أخيرا بقرار السلطة السياسية تحريم الفلسفة و كان لهذا المناخ المشوب بالإرهاب الفكري تأثيره الكبير على مسيرة الفلسفة في الأندلس .
محنة ابن الوليد وراءها أيضا الإحساس بالحرج في مدينته اتجاه الأفكار الجريئة التي ساقها . فقد واجه مدينته بنقد صارم لمظاهرالفساد السائد فيها , كما واجهته تلك المدينة مواجهة صارمة فنفته بعيدا عنها .
الآراءالتي عبر عنها ابن رشد أحدثت ردود فعل في مدينة أحكم رجال الدين المتزمتون قبضتهم عليها, كما الحال في محنة غليلي مع الكنيسة, و أضحي السلطان السياسي فيها رهن فتاوى التحريم التي يصدرونها و التي كانت العقلانية العربية أبرز ضحية عندما نتأمل حال العقلانية العربية ” أو الفلسفة ” في المنطقة العربية اليوم يجوز لنا القول : ما أشبه الليلة بالأمس.