مجتمع

مستقبل الجنس: بحلول 2050 قد يستبدل أغلب البشر الدمى الجنسية بالعلاقات الحقيقية

يبحث البشر باستمرار عن طرق جديدة لجعل حياتهم الجنسية أكثر إثارة، ويثبت هذا نمو سوق الألعاب الجنسية بنسبة 6% كل عام، ولكن هل يمكنك تخيل أن ممارسة الجنس مع روبوت ستكون القاعدة خلال بضعة عقود قصيرة، ويكون الجنس بين البشر وبعضهم هو الاستثناء؟

نشرت صحيفة التلغراف    تقريرًا أصدره عالم المستقبليات دكتور إيان بيرسون، توقع فيه مستقبل الجنس، بالشراكة مع «بوندارا»، واحدة من أشهر سلاسل محلات بيع ألعاب الجنس في بريطانيا، وقال بيرسون: إن الألعاب الجنسية استعملها البشر لحوالي قرن من الزمن، حتى أن استخدامها أصبح شائعًا في الأفلام الجنسية، وعلى وشك أن يكون طرفًا حاضرًا دائمًا في الممارسة الجنسية بين البشر وبعضهم.

وقال دكتور بيرسون في تقريره: إنه بحلول عام 2030 سيمارس البشر الجنس على مواقع التواصل الاجتماعي التي توفر خدمة الفيديو بنفس المعدل الذي يتصفح به البشر مواقع الأفلام الجنسية اليوم، وبحلول عام 2035 سيمتلك غالبية البشر ألعابًا جنسية، ففي عام 2025 ستظهر الروبوتات الجنسية بشكل كبير في الأسر الغنية، وستتجاوز العلاقات الجنسية بين البشر والروبوت العلاقات بين البشر وبعضهم في عام 2050، ومن المتوقع أن ينمو سوق الألعاب الجنسية بمعدل ثلاثة أضعافه في 20 عامًا، وسبعة أضعاف بحلول عام 2050.

الروبوت الجنسي حلقة في عقد كبير

أكثر من 25% من عمليات البحث على جوجل عن الجنس، ولا يسبق الجنسَ شيء، فتتنوع الكلمات بين «جنس»، و«جنس مجاني»، و«أفلام جنسية»، ومثل كل شيء يشهد ازدهارًا بازدهار التكنولوجيا، تزدهر تكنولوجيا الترفيه الجنسي، وحسب تقرير بيرسون فإن البعض يعتقد بأن ممارسة الجنس مع روبوت لا تختلف كثيرًا عن ممارسته مع إنسان، وتقبل البشر لهذا الحل – الروبوت الجنسي- يؤكد أن معدل نمو هذه التكنولوجيا لا يمكن أن يستمر إلى الأبد على ما هو عليه وأنه في وقت قريب جدًا سيكون إنفاقنا بالكامل عليها، وسيتوازى هذا النمو مع انخفاض تكلفتها وتنوع العروض؛ مما يجعل البشر على استعداد أكبر لإنفاق أموالهم على الروبوتات الجنسية.

ينزعج الكثير منا من فكرة ممارسة الجنس مع روبوت، ولكن البعض يرى أن هذا مماثل لانزعاجنا في المرة الأولى التي نشاهد فيها أفلامًا جنسية، وأنه بمجرد التجربة سيزول الانزعاج، هذا هو اعتقاد دكتور بيرسون، ويشاركه الرأي مات مكمولين مطور الروبوتات الجنسية، والذي كرس حياته لتطوير الروبوت عاطفيًا وجسديًا، مؤكدًا أن الرجال متحمسين لممارسة جنس خالٍ من ضرورة إقامة علاقة، وأنه بينما يحاول محاكاة ملمس مسام جلد الإنسان، فإن الروبوت الجنسي سيظل مطلوبًا طالما ظل بعيدًا عن تمام الواقعية ليبقى منافسًا للإنسان، وليس مجرد بديا له.

كيف تنافس الروبوتات الجنسية الإنسان في الفراش بقوة؟

أصبح للجميع فرصة في ممارسة الجنس، وللذين مات شركاؤهم أو طلقوهم وللأشخاص غير الجذابين للجنس الآخر يمكنهم أيضًا أن يستفيدوا من الدمي الجنسية، لكن الدمي لن توفر لهم العون، ولن تخفف من مشاعر العزلة لديهم، إلا إذا تطورت الروبوتات بالشكل الذي يسمح بتفاعل أكثر إنسانية بينها وبين البشر، ووقتئذ سيكون الأمر أكثر تعقيدًا إذا رفضناها، ففي ماي 2015 وصف ديفيد ميلز صاحب شركة «ريال دول» الرائدة في مجال صناعة الدمي الجنسية أجساد الدمى بأنها تتطابق مع أجساد النساء، وقال إنه يحب النساء حقًا، لكنه لا يحب التواصل مع البشر، ويعتقد في أن من سيشتري من منتجات شركته لن يبحث عن صديقة لليالي الوحدة القاسية، حتى أنه تم تخصيص مسابقة جمال للدمي الجنسية.

وفي الوقت الذي يشعر فيه البعض بالخطر يعمل مات ماتولن على مشروع «جريال بوتيكس»، وهو يهدف لأن تتخطى الدمى الجنسية الاحتياجات المادية للبشر فقط، ولكنها ستكون قادرة على التواصل والتفكير، ويأمل في تصميم «جهاز» يمكنه إثارتنا على المستويين العاطفي والفكري بتزويد الدمية بخاصية الذكاء الاصطناعي لتتجاوب مع شريكها بشعر لامع وطويل، ومكياج ثقيل، وملمس جلد مثالي لتشعر نحوها لأول وهلة أنك أمام امرأة ساحرة، بجسم مثالي، كما أنه لسريعي الملل صُممت الدمي من هيكل معدني مغطى بالسليكون مصحوب بنحو أربعة أوجه للتبديل بين الفاتنة والبريئة والشعر الأصفر والأسود، ومتوسط وزن الدمية حوالي خمسة كيلو جرامات ما يجعل تخزينها في حقيبة أمرًا سهلًا.

المنافسة قادمة لا محالة.. ولكن لمن سترجح كفته؟

العلاقة بين الرجل والمرأة من أعتق الأزمات البشرية، على مستويات عدة، خاصة إذا دخل فيها الحب والرغبة في ممارسة الجنس، وربما أكدت دراسة   على معلومة أرقت كثيرًا رجلًا وامرأته في الفراش دون فهم السبب، وهو أن الرجال والنساء يرغبون في ممارسة الجنس بأوقات مختلفة عن بعضهما على مدار اليوم؛ فالرجال يفضلون الساعات الأولى من الصباح والنساء تفضل ممارسة الجنس قبل النوم؛ قد تبدو الدراسة مضحكة، لكن نتيجتها على حياتنا اليومية ليست كذلك؛ فوفقًا لـ2300 رجل وامرأة خضعوا للدراسة فإن ممارسة الجنس في غير أوقاتهم المفضلة يشعرهم بأن الطرف الآخر يستغلهم جنسيًا؛ ما يدفع المعظم لقبول الأمر، أو البحث عن شريك آخر يماثل رغباته، أو شراء روبوت

قول دكتور بيتر كاناريس المدير العلاجي لبرنامج كاناريس النفسي للتشخيص الجنسي بنيويورك: إن ممارسة الجنس مع روبوت أو دمية من السيليكون يختلف عنه مع شخص آخر، لأنه مع الدمي لن يكون هناك رد فعل، وشدد كاناريس على أهمية العلاقة الجنسية الحميمية بين البشر والتي تأتي بعد احتياج الإنسان للأكل والشرب والتنفس وتربطه في علاقات مع من حوله، ومع ذلك فالدمي توفر للشخص التعبير عن مشاعره ورغباته دون حرج.

وفي الوقت الذي تندد فيه بعض النساء بنمو صناعة الروبوتات الجنسية خوفًا من تعميق الفجوة بين الجنسين يقول دكتور كاناريس بأن هناك العديد من الأسباب النفسية التي توجه الإنسان إلى ممارسة الجنس مع جسد من السليكون منها الخجل، والقلق الاجتماعي، وعدم الخبرة، وقلة الوعي بالذات وتقديرها، وقلة فرص الانخراط مع الآخرين، أو ربما توفر شريك جنسي، لكنه لا يرغب في ممارسة بعض التفضيلات الجنسية لشريكه.

هل ترى أن الروبوت الجنسي سيكون مفيدًا للعالم؟

بعض التقارير أظهرت تعدد في مزايا ممارسة الجنس مع الروبوت الجنسي، مثل أنه لن يضطر البعض الكذب لدخول علاقة عاطفية لا يهدف فيها إلا لممارسة الجنس، كما ستقل جرائم الاغتصاب، وسيقل الشعور بالإحباط الجنسي والدونية لدى الكثيرين لوجود شريك – روبوت – مستعد لممارسة الجنس كل وقت، وسيزول هذا القلق المتعلق بالإصابة بأمراض جنسية خطيرة، ولن يضطر أحد الشريكين لاستخدام وسيلة منع حمل، وسيكون الروبوت في نفس الوقت وسيلة لتعليم الشباب الصغير كيف يمارس الجنس، وكيف يتعامل مع جسد الشريك وكيف يستمتع به، بدلًا عن المخاطرة بالتجريب مع شخص حقيقي، وتبقى فائدة – من وجهة نظر التقارير – وهي تراجع نسبة الانفصال بين شريكين عاطفيين «بشريين» لأن من يمل منهما يمكنه ممارسة الجنس مع روبوته الجنسي فيما لا يعد خيانة بالمعنى المعروف، هل توافق هذا الرأي؟ ألن تكون ممارسة الجنس مع روبوت خيانة؟ وماذا سيكون تعريف الخيانة بالمستقبل؟ هذا أمر محير للغاية بدأ يشغل عقل الفلاسفة والمفكرين الآن.

على هامش آخر، صرحت شركة «ريال دول» عن نسبة مبيعاتها من الروبوتات الذكرية وكانت 10% فقط، ومعظمها بيع لرجال مثليي الجنس.

الروبوت الجنسي لحمايتنا من الأفعال المؤذية أم لترسيخها؟

يلجأ الكثير للروبوت الجنسي؛ لأنه لن يضر أحد ولن يبدو مشكوكًا فيه من الناحية الأخلاقية إذا كانت تفضيلاته الجنسية مخالفة للشائع، ولكن ماذا عن البيدوفيليا، أي الرغبة في ممارسة الجنس مع الأطفال؟

أنتجت شركة يابانية  روبوت جنسي يحاكي الأطفال بدافع أنه من القانوني والأخلاقي احترام مختلف الرغبات، وبدافع آخر وهو حماية الأطفال الحقيقيين من الاغتصاب والتحرش. شاين كاتاجي صاحب الفكرة أكد أنه قام بهذا انطلاقًا من حبه للأطفال وعجزنا عن تغيير طبيعة بشرية راسخة في الكثير من البشر متعلقة بممارسة الجنس مع الأطفال، وقال إن من يرغب في قمع رغبة غيره من البشر لا يستحق العيش، في الوقت الذي يرى فيه معظم الأطباء النفسيين أنه لا يمكن تغيير التوجه الجنسي للإنسان نحو الأطفال، إذا كان موجودًا بالفعل.

ويقول مايكل سيتو  طبيب نفسي وخبير في علم الجنس بجامعة تورونتو: إن هناك نوعين مختلفين من مشتهي الأطفال جنسيًا: الأول هو النوع الذي ما إن شاهد أفلامًا جنسية يكون الطفل طرفًا فيها أو مارس الجنس مع دمية على هيئة طفل تقل احتمالات استغلالهم جنسيًا لأطفال حقيقيين، أما النوع الثاني فإن البدائل لن تؤدي إلا إلى تفاقم الشعور بالإحباط لديه.

اقترح البعض إتاحة الروبوتات الجنسية للمجرمين ومدمني المخدرات لما يمكن أن يكون لها من دور في الحد من جرائم الاغتصاب والاعتداء الجنسي على الأشخاص الحقيقيين، ولكن ظهرت مشكلة من ناحية أخرى وهي أن تسهيل السبيل لاغتصاب الدمى سيعزز من الاغتصاب كثقافة في المجتمع وسيتم تشجيع الذكور على تلبية رغباتهم الجنسية فقط بدلًا عن اعتبار الجنس تجربة مشتركة ممتعة للطرفين، وقد أثارت رابطة مكافحي انتشار الروبوت الجنسي  فكرة أن قدرة الإنسان على ممارسة العنف ضد الدمى الجنسية لا يحمي الإنسان الحقيقي لأن المالك يفعل بالدمية ما يريد فعله بالإنسان، ويعزز عنفه ضد الدمية وإيمانه برغبته المفردة والتي هي نتاج لفكرة الاغتصاب.

وفي رد الرابطة على المدافعين عن الرغبات المختلفة، تقول إذا كانت هذه الرغبة هي اغتصاب النساء والأطفال، فيجب الوقوف ضد هذه الرغبة، واعترف أعضاء الرابطة بأن الدمى لن تتضرر من اغتصابها، ولكن البشر يتضررون، وأن هناك اختلافًا كبيرًا بين استخدام أداة للتحفيز الجنسي، مثل الألعاب الجنسية المشهورة، وإقامة «علاقة بشقيها الجنسي والعاطفي» مع روبوت.

كيف يرى علم النفس ممارسة الجنس في المستقبل؟

أوضح الطبيب النفسي الإنجليزي هنري هافيلوك أن الرجل يستثار بصريًا، في حين أن المرأة تعتمد أكثر على عاطفتها وحاسة اللمس، ما كان مبررًا لأن تكون الدمى الجنسية اختراع لصالح الرجال، ويرى الدكتور كريستوفر ريان  أن ممارسة الجنس الإليكتروني على سكايب اليوم ستكون غدًا طريقة بريئة وبدائية، فالأهم من السيطرة على متعة الطرف الآخر عن طريق ضغطة مؤشر، هو أن الدمي الجنسية ستظل في تطور سريع، وإنتاج نسخ من روبوت مبرمج يسمع طلباتنا ويلبيها ويبدو حميميًا أكثر من الإنسان، ويعرف كثيرًا ما يجهله العامة عن ممارسة الجنس، ويعزز ذلك من افتراض تفوقه على البشر.

بحسب هنري، فإن كثير من الرجال والنساء يجدون بالفعل الألعاب الجنسية الصناعية أفضل من الممارسة الجنسية الحقيقية؛ لأنه وقتها لن يقلق حيال الأمراض الجنسية، ولن تكلفه الممارسة ماديًا كما هي مع طرف بشري، ومع نمو التكنولوجيا سيستمر المجتمع في التجزؤ، ونموذج لذلك هو المجتمع الصيني الذي فقد رجاله الرغبة في الزواج من امرأة من لحم ودم تتقدم في العمر بمرور الوقت، وتغير هرموناتها مزاجها حتى أصبحت الروبوتات الجنسية شائعة ومقبولة، ومن الأسلم لهم ألا ينطوي الجنس على أي شيء نابض بالحياة للأمان والخصوصية.

انفصال العاطفة والحميمية عن حياتنا عملية جارية بالفعل، وستصبح المتعة والنشوة أفضل مع أكثر الطرق كفاءة وثقة، فيرى دكتور كريستوفر ريان أن العلاقات البشرية تتعرض لنفس التفكك والميكنة كباقي جوانب حياتنا، ومثلما شهد القرن العشرين الصداقات التي حل محلها الفيسبوك، والطبيعة التي حلت محلها الحدائق ومزارع السمك بدلًا عن المحيطات، سيقل التفاعل الجنسي بين البشر أيضًا؛ ليحل الروبوت محل الإنسان، ومع هذا التطور ستتلاشى الهوية الجنسية، ويصبح التفاعل الجنسي أقل إنسانية، ولن نهتم بالتعبير عن احتياجاتنا العاطفية والجنسية؛ لأننا لا ننتظر أحكام الآخرين علينا، بحسبه.

ما نراه قابلًا للتحقق سيتسبب في النظر للاستنساخ بقدر أكبر من الأهمية، فمع استمرار الخصوبة البشرية في الانخفاض سيقل عدد الأطفال من أبوين في المستقبل؛ لتسيطر الولادة من طرف واحد، حيث تصبح ممارسة الجنس مع رجل لا علاقة لها بالحمل، ولن تعود المستشفى محلًا للولادة؛ ليكون المعمل أو المختبر أيًا كان، بحسب هافيلوك.

التقرير من إنجاز الصحافية زهراء مجدي عن ساسة بوستت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى