الرئسيةسياسة

توسيع دائرة الحرام في القرون المتأخرة سببه الجهل بمقاصد الشريعة..وهبي: لابد من التفريق بين حقلي العبادات والمعاملات

اعتبر وزير العدل عبداللطيف وهبي، أن العبادات تنبني على التوقيف، ولابد فيها من النص والنقل، وأما المعاملات فهي مجال الإبداع البشري، واستخدام العقل لما فيه تحقيق المصلحة، مع مراعاة القيم العامة التي جاءت بها الشريعة، وتغير هذه المصالح بتغير الأزمان، مع استحضار كل النصوص القرآنية التي تحث على النظر والتفكر والتعقل، كقوله تعالى: “إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون”، وقوله تعالى: “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب”، فليست مقصورة على النظر في الكون لأغراض إيمانية وعقائدية، وإنما هي مرجع في كل ما تتوقف عليه مصالح الناس وحياتهم.

جاء ذلك، ضمن عرض قدمه وهبي، خلال حلوله ضيفا على مؤسسة الفقيه التطواني، مساء أمس الثلاثاء 18 أبريل الجاري، في لقاء فكري حول موضوع “لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، بين الدلالة الشرعية والتوظيف الأيديولوجي”، حيث أكد، نه من المهم في سياق الحديث عن مفهومي الحلال والحرام، التفريق بين حقلي العبادات والمعاملات، كعتبرا، أن المرجع والحكم في العبادات هو النقل من نص أو تواتر عملي، ولا مجال للعقل في تحديد أعداد الصلوات، أو شهر الصيام، أو مكان الحج، وأما المعاملات فالأصل فيها سلطة المصلحة والعقل، وهو تفريق منطقي.

وأكد الوزير، في المداخلة ذاتها، أنه ما كان من توسيع دائرة الحرام في القرون المتأخرة، إلا للجهل بمقاصد الشريعة القائمة على التيسير ورفع الحرج، والجهل في كثير من الأحوال بنصوص وآراء أخرى مخالفة للمشهور من الأقوال، والخلط الواقع بين الدين والعادات، وعدم التفريق بين الحرام والشبهة والمكروه، وتحري الزهد والورع أحيانا مع أنه مسلك شخصي لا يمكن حمل الناس عليه، فلذلك توسعت دائرة الحرام وصار أصلا، فيما كان الأولى توسيع دائرة الحلال رفعا لكل الحرج وتيسيرا على الأمة.

وقال وزير العدل، إن دور الحاكم يَتَأَسَّس في تقييده للمباح على مبدأ المصلحة العامة التي تعد مَنَاط مشروعية الولاية العامة على الأمة، إذ قرر الفقهاء على أن للحاكم تَقْييد المُبَاح تحقيقا للتكافل الملزم، سواء من الوجهة الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو السياسية.

وأضاف الوزير أنه إذا كانت أغلب القضايا الخلافية في مجال المعاملات تَنْدَرِج ضمن حكم الحاكم لِيَحْسِمَ فيها الخلاف؛ فلأن أَغْلَبَهَا أحكامٌ مُعَللَة، أو قائمة على العرف، علما أن كل من العلة والعرف قد يتغير من مكان إلى مكان ومن زمان إلى زمان، فيتدخل الحاكم فيها ويحسم الخلاف، تحقيقا لمصلحة الناس ومنعا للفوضى والاضطراب في الأحكام.

ووفق الوزير أنه إذا كان القضاء يرتكز على الحجاج، والفتيا تنهض على الأدلة، فإن “تصرف الإمامة الزائد على هذين يعتمد المصلحة الراجحة أو الخالصة في حق الأمة”، و أن الأحكام الاجتهادية القائمة على مصلحة بذاتها، تبقى معتبرة ما بقيت هذه المصلحة، التي هي مَنَاطُ الحُكم وَعِلَّتهُ، فإذا انتفت وجب أن يتغير الحكم تبعا لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى