سياسة

أقصبي: لا أمل في بديل تنموي واقتصاد قوي في ظل نظام سياسي المسؤوليات فيه غامضة

قال نجيب أقصبي، الباحث الاقتصادي، إن الخطاب السائد يقول إن الاتجاه العام باليسار ينتقد دون أن يقدم الحلول، لذلك، وعلى عكس ما يشاع، قرر أقصبي، القيادي في الحزب الاشتراكي الموحد، العضو في فدرالية اليسار الديمقراطي، تقديم رؤية الحزب والحلول التي يقترحا لحل الإشكالات الكبرى، وتجاوز الأزمة، وقال “سأقدم في هذا اللقاء رؤيتنا للحلول”.

وأشار نجيب أقصبي، في عرض له في لقاء نظمه الاشتراكي الموحد، مساء أمس الجمعة بالدار البيضاء، إلى أن “المدخل لكل القضايا الاجتماعية والاقتصادية هو المدخل السياسي”، وأن “لا حل بدون إصلاحات سياسية ودستورية، حتى بوجود أجمل برنامج اقتصادي”، مؤكدا أن “لا أمل في نجاح أي مشروع تنموي، في ظل نظام سياسي محافظ، لا يملك الآليات السياسية المؤسساتية الناجعة، والضرورية لتنفيذ برنامج اقتصادي بديل”.

وفضل نجيب أقصبي، في العرض نفسه، الذي احتضن فعالياته المقر المركزي للاشتراكي الموحد، أن يبين العلاقة بين الإصلاحات السياسية والدستورية، وبين نجاعة الخيارات الاقتصادية، قبل أن يقدم المقترحات والبدائل، لأن مشكل النظام السياسي الحالي هو أنه يقرر في الاختيارات الكبرى الاقتصادية والاجتماعية والمالية، ولكن دون ارتباط بصناديق الاقتراع، التي هي، في النهاية، المعبرة عن حاجيات الناس.

وأوضح أقصبي أن أولى عناصر فشل النموذج الاقتصادي المغربي لأن الخيارات الاقتصادية الكبرى لا تستند للحاجيات الفعلية للشعب، فضلا على تداخل المسؤوليات، ووجود حالات غموض فيها، والحال، يتابع أقصبي، أن نجاعة أي مشروع اقتصادي تقتضي أقصى درجات الوضوح في المسؤوليات، في السياق نفسه، أكد أقصبي أننا في النهاية، عدا الخلط وعدم الفصل في السلط، نحن أمام نظام سياسي لا يساءل ولا يحاسب.

وأشار الباحث الاقتصادي في المداخلة نفسها، إلى أنه يقال لنا اليوم أن النموذج الاقتصادي والتنموي في المغرب فشل، وأن تقديره أن فشل هذا النموذج راجع لأنه دبر في ظل نظام سياسي المسؤوليات فيه مختلطة وغامضة، والخيارات الاقتصادية الكبرى فيه لم تكن تراعي الحاجيات الأساسية للمغاربة، وتساءل أقصبي، في الآن نفسه، هل المغرب اليوم فعلا يعيش وضعا يمكن أن ننعته باقتصاد السوق، والحال أن الكل اليوم يقر أن منطق الريع مازال يسيطر على مجمل آليات الاقتصاد بالمغرب.

وشدد أقصبي على القول إن مختلف الإمكانيات والوسائل والطاقات التي عبأتها الدولة تجاه القطاع الخاص طيلة السنوات الماضية، فشلت وأن هذا التشخيص وارد في التقارير الوطنية والدولية، التي تتحدث عن فشل القطاع الخاص في القيام بدوره في الاستثمار وفي الرفع من الإنتاجية وفي خلق الثروة وفي حسن توزيعها.

والفشل نفسه كان من نصيب رهان الاندماج في العولمة، وفي فشل تطوير صادرات المغرب، اليوم حسب ما هو وارد في احصائيات المندوبية السامية للتخطيط، إذ أن المغرب يخسر كل سنة نقطة في نسبة النمو جراء العجز التجاري، وبالتالي الصادرات التي جرى الرهان عليها لتطوير النمو أصبحت عائقا فعليا، بدل أن تكون رهانا من رهانات التطور والنمو.

وأضاف أقصبي أننا وأمام إقرار الجميع بفشل النموذج التنموي بالمغرب، وأمام ضعف الاقتصاد المغربي المحصور في 120 مليار دولار، أي 3000 دولار للشخص، وهو رقم جد ضعيف مقارنة بدول ناشئة حيث المعدل هو 30 ألف دولار للشخص، أي لخمس حتى العشر مرات مما يوفرها الاقتصاد المغربي، نحن إذا في المحصلة يقول أقصبي أمام اقتصاد ضعيف يعاني من وثيرة نمو ضعيفة لا تتجاوز 3 حتى 3،5 في المائة، وهي نسبة نمو لا تصل حتى النصف مما ينبغي أن يبدل على فترة زمنية لا تقل عن 10 حتى 15 سنة، لكي نواجه بطالة الشباب ونحسن نسبيا من الدخل للمغاربة، ولنحسن ظروف العيش لهم.

إننا، يضيف أقصبي، في المداخلة نفسها، أمام فشل نموذج اقتصادي وتنموي مورس في المغرب في ظل نظام سياسي، لا يساءل ولا يحاسب، وبالتالي نحن أمام خيارات كبرى جرى إقرارها وتنفيذها دون أن تكون تعبيرا عن الحاجيات الفعلية لعموم المغاربة.

وقال أقصبي، في معرض الحديث عن البديل الشعبي، ينبغي الإشارة أنه وبرغبتنا في الديمقراطية، المغاربة أيضا يريدون اقتصادا قويا ناجع ومتكامل ومندمج ومنفتح، وهذا لن يتأتى إلا في ظل نظام سياسي فيه فصل حقيقي للسلط، وفيه وضوح في المسؤوليات، وفي ظل نظام سياسي الاختيارات الكبرى والأساسية تنبثق من صناديق الاقتراع، وفي ظل نظام سياسي الذي يقرر وينفذ يجب أن يخضع للمسألة والمحاسبة.

وفي السياق نفس ، أكد نجيب أقصبي، أن أي مشروع اقتصادي وتنموي بديل يجب أن ينبثق من رؤية، وهي في تقديري بناء اقتصاد وطني في خدمة المواطن وفي ظل مشروع مجتمع ديمقراطي ومتضامن، نحن، يضيف نريد اقتصادا قويا ومنتج مندمج ومدمج ومزدوج ومنفتح ومنافس،  ويحفظ التوازن البيئي و كرامة المواطن.

وفي معرض تفسيره لكل كلمة في هذا البديل، الذي اقترحه أقصبي في مداخلته، أكد أن الاقتصاد القوي والمنتج هو الذي يلبي الحاجيات الفعلية للمواطنين، اقتصاد مزدوج، أي اقتصاد يضيف أقصبي، يوفق بين منطق السوق ومنطق المصلحة العامة، اقتصاد يوفق بين مصلحة القطاع الخاص، ومصلحة المجتمع، يوفق بين الربح وبين التضامن، أي لا نريد اقتصاد رأسمالي عشوائي بكل ما ينتجه اليوم أمامنا من كوارث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى