الرئسيةسياسةمجتمع

مجلس المستشارين: ملاحظات وجهها الفريق الاشتراكي للحكومة حول مشروع قانون المالية

الحكومة وكأنها تحاول انتشال الطبقة الفقيرة من براثن العوز والخصاص وفي نفس الوقت تدفع بالطبقة الوسطى صمام أمان أي مجتمع نحو الهاوية.

في هذا الإطار، تدخل يوسف ايذي رئيس الفريق الاشتراكي- المعارضة في اجتماع مجلس المستشارين لدراسة مشروع القانون المالي للسنة المالية 2024 بعد أن حظي بمصادقة مجلس النواب.

وبعد ان أشار الى   أهمية هذه المحطة، خاصة بالنظر إلى الخصوصيات المتعددة للمجلس  من حيث اختصاصاته الدستورية  وتركيبته المتفردة التي تضم عددا من المكونات المتكاملة فيما بينها.

وذكّر بالحالة الوطنية الاستثنائية التي  أظهرت المعدن الحقيقي للمغاربة، المستعدين دائما للدفاع عن الوطن والتعبير عن وطنيتهم بكل الوسائل الممكنة، موضحا أن المغاربة برهنوا بالفعل أنهم “يستحقون الأفضل”، ولكن ليس من باب إطلاق الكلام على عواهنه، بل من خلال سلسة من الإجراءات الثورية والتوظيف الأمثل للآليات الدستورية والقانونية المخولة للحكومة من أجل التجسيد الفعلي لهذا الشعار على أرض الواقع.

وقال يوسف رئيس الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية إنه “كان يأمل في أن تلتقط الحكومة هذه الإشارات المضيئة وهي تعد مشروع القانون المالي لسنة 2024، من أجل تقديم صيغة متطورة لهذا المشروع تقطع مع الاستمرارية التي ميزت السنتين الأولتين من عمر الحكومة “،

وأضاف أن هذا الأمل قد  خاب  إثر معاينة المشروع الجديد القديم قديم، وفيه الكثير من الوعود والتعهدات أكثر من الإجراءات والبرامج الواقعية القابلة للتطبيق والاستدامة،

ووصف نفس المصدر  قانون المالية موضوع الجدل بمشروع  يتسم بمحدودية الأفق الزمني وكأن الحكومة لا يهمها سوى إنجاح ولايتها التي تنتهي سنة 2026.

وأوضح يوسف ايذي  أن المغرب أمام مشروع قانون مالي مهم يتزامن مع مرور سنتين من الولاية الحكومية الحالية، وهي مدة كافية، مكنت الحكومة باعتراف صريح من أغلبيتها البرلمانية بأنها أخدت، “مساحة كافية لمقاربة واقع مؤسسات الدولة، واكراهات التدبير العمومي، وحقيقة المالية العمومية…

وأتيحت لها  الأدوات الدقيقة لمعرفة ما تحتاجه البلاد، وما تقتضيه الظرفية من قرارات عمومية ذات بصمة إصلاحية، بروح مُتجردة وصادقة، وعبر جرأة سياسية تقطع مع الارتهان للمستقبل وتأجيل القرارات التي كلما طال زمن اتخاذها، زاد استفحال انعكاساتها السلبية، وباتت مستعصية على الإصلاح، وبالتالي التأثير السلبي على مصائر الأجيال المقبلة”.

وقال يوسف “إننا في فريقنا، من حيث المبدأ، مع التوجهات العامة والمحاور الأربعة التي حددها مشروع القانون المالي والمتمثلة في مواجهة تأثيرات الظرفية وتنزيل برنامج مواجهة تداعيات زلزال الحوز، وتكريس أسس الدولة الاجتماعية، ومواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز استدامة وتوازن المالية العمومية.”

وأضاف قائلا:”نسجل ما جاء في مشروع المالية من إيجابيات، على قلتها، كالحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية، وتخصيص 9.5 مليار درهما لتنزيل ورش تعميم التغطية الصحية للفئات الهشة، وإطلاق برنامج الدعم الاجتماعي بقيمة 25 مليار درهم،  تنفيذا للإرادة الملكية، والرفع من الاعتمادات المخصصة لقطاع الماء في إطار الجهد المبذول لمحاصرة الإجهاد المائي الذي تعاني منه بلادنا، فضلا عن الزيادة المعتبرة في ميزانيات الصحة والتعليم.” مضيفا  جوانب متعددة من القانون،  الممثلة في توجه الحكومة للحفاظ على الارتفاع المستمر لحجم المجهود الاستثماري العمومي ليصل سنة 2024 إلى 335 مليار درهما (300 مليار درهم خلال السنة المالية الجارية)،

و نبه رئيس الفريق الاشتراكي إلى استمرار سوء توزيع هذا الاستثمار العمومي بين جهات المملكة مما يساهم في تأخير وإعاقة ورش الجهوية المتقدمة.

وأضاف  أن  الفريق يختلف مع طبيعة ونوعية الإجراءات والتدابير التي تقترحها الحكومة في مشروعها من أجل تنزيل الأهداف الكبرى المسطرة، ومدى قدرتها على المضي قدما في تنزيلها وضمان وسائل تمويلها.

هذا وطرح رئيس الفريق لتساؤل حول “هل الحكومة على قدر ضعيف من الإلمام بالمعطيات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية أم إنها ضحية ثقة زائفة في المستقبل الذي لا تتحكم فيه؟”، مسجلا غياب اللانسجام وتباعد في الأرقام بين الحكومة وبعض المؤسسات كبنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط بخصوص حقيقة وآفاق الاقتصاد الوطني وتطور مؤشراته.

ووجه يرسف ايذي عدة ملاحظات، تتعلق بالتحدي الذي يواجه الحكومة في استدامة وسائل تمويل البرامج الاجتماعية بدون التغول على الطبقة الوسطى التي تجد نفسها امام خطر الانزلاق الى أوضاع اجتماعيه صعبة، موضحا أن هذه الطبقة هي التي تحقق توازن المجتمع في كل المستويات وهي التي تحرك الاقتصاد الوطني وتعزز التماسك الاجتماعي من خلال تقوية آليات التضامن التقليدي التي يبدو أن الحكومة ليست على علم بها.

وقال إن الإجراءات الضريبية التي همت الرفع من الضريبة الداخلية على الاستهلاك ومراجعة أسعار الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لبعض المواد والخدمات الأساسية وخاصة السكر والسيارات الاقتصادية ونقل المسافرين وغيرها، بالإضافة إلى الرفع التدريجي لأسعار قنينة الغاز من فئة 12 كيلوغرام ابتداء من أبريل 2024، تظهر الحكومة وكأنها تحاول انتشال الطبقة الفقيرة من براثن العوز والخصاص وفي نفس الوقت تدفع بالطبقة الوسطى، صمام أمان أي مجتمع، نحو الهاوية.
ودعى رئيس الفريق  الحكومة الى  أن تضع  في نصب عينيها مسألة الاستقرار الاجتماعي إذ بدونه لن تكون هناك تنمية أو استثمار.
وقال  إن هناك من يذهب بعيدا في إثارة هذا التحدي المطروح على الحكومة لدرجة الحديث عن احتمال استنزاف الموارد الخاصة للدولة بسبب صعوبة ضمان الاستدامة المالية لبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر للأسر.

و في هذا الصدد، أثار ا تساؤلات  و شكوك ، حول سبل تمويل هذا البرنامج، وغيره من الأوراش والمشاريع الكبرى في ظل مداخيل تأتي 90٪؜ ،  منها من المداخيل الضريبية، في حين بالكاد تصل الإيرادات غير الضريبية 7 ٪؜، ليبقى الحل المتاح هو اللجوء إلى سوق الاقتراض الدولية الذي وإن أصبح سالكا أمام المغرب خاصة بعد حذفه من المجموعة الرمادية لمجموعة العمل المالي الدولية والاتحاد الأوروبي، فإنه حلا محفوفا بمخاطر عدة سيما فيما يخص الحفاظ على السيادة الوطنية وضمان حقوق الأجيال المقبلة.

ثم وجه نفس المصدر ملاحظات اخرى تتعلق بغياب إصلاح ضريبي حقيقي في ظل استمرار الحكومة في تجاهل مراجعة أسعار الضريبة على الدخل،  خاصة بالنسبة للفئات التي تخضع لعملية الحجز من المنبع،

إضافة  إلى غياب توالي المحاولات الحكومية لتخفيف أعبائها،  والبحث عن مصادر تمويل جديدة من الرفع من الضريبة على القيمة المضافة، والضريبة الداخلية على الاستهلاك على مواد أساسية التي  تنحصر تأثيراتها السلبية على الفئات المحتاجة والبسطاء من المواطنين ذوي الدخل المحدود.

وهذا الأمر ينطبق على الهواتف الذكية التي باتت تستعمل على نطاق واسع في مجالات التعليم والعمل عن بعد مع ما قد يترتب عن ذلك من تعميق للاختلالات الحاصلة بالنسبة لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص داخل المنظومة التعليمية الوطنية.

نفس الشيء ينحسب  على الرفع من الضريبة على المشروبات الكحولية لما لها من أضرار على الصحة، وإذا كنا نتفق على أن هذا الإجراء سيوفر بعض المداخيل الضريبية والجمركية، فإننا ننبه في ذات الوقت إلى أن الرفع ١٠٠٪؜  من رسوم الخمور من وفي جميع الحالات

واخيرا أكد ممثل الفريق الاشتراكي على حاجة البلاد إلى إصلاح ضريبي حقيقي وفق مبادئ تضمن العدالة والاستقرار الضريبي بما يسهم في ترسيخ قيم التآزر والتضامن والانصاف بين الفئات الاجتماعية والاقتصادية والمجالات الترابية، ويؤدي أيضا إلى تقوية منسوب الثقة لدى المستثمرين الوطنيين والأجانب.

هذا ودعا المتحدث ذاته، للعمل على توفير شروط مجتمع متماسك ومتقدم اقتصاديا وصناعيا وحضاريا، دون الإقدام على مغامرات أو مبادرات ترقيعية غير مدروسة بالعناية اللازمة وغير محاطة بالالتزام والجدية المطلوبة، فيما شدد على ضرورة  الحرص على الإعمال الفعلي للمقاربة التشاركية مع كافة الفاعلين المعنيين بالإصلاح، باعتباره السبيل الأنجع والطريق المختصر لمباشرة الإصلاحات الضرورية في هكذا قطاعات، وهو النهج الأسلم لبلوغ النتائج المرجوة وتجنيب بلادنا التوتر وحالة الاحتقان ذات المفعول السلبي على الاستقرار والسلم الاجتماعي الذي بدونه لا يمكن لنا المضي بثبات على درب الإصلاح والتغيير المنشود.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى