جبهة للدفاع عن الحق في ممارسته… تصعيد نضالي ضد مشروع القانون التنظيمي للإضراب
وفي إطار تحركاتها التصعيدية، قررت"جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الإضراب" تنظيم وقفة احتجاجية أمام البرلمان يوم الثلاثاء 17 ديسمبر 2024 على الساعة 12 زوالًا، ودعت كافة المسؤولين في التنظيمات المشكلة للجبهة إلى الحضور بكثافة للمشاركة في هذه المحطة النضالية، و تعتبر هذه الوقفة بمثابة خطوة إنذارية للحكومة، تؤكد من خلالها الجبهة على تمسكها بحقوق المواطنين في ممارسة الإضراب، وهي تذكير بأن الطبقة العاملة لن تصمت أمام محاولات استعبادها تشريعياً.
جاء ذلك، في اجتماع عقدته “جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الإضراب” يوم 11 ديسمبر 2023، حيث كشفت النقاشات عن خفايا المشهد التشريعي، وسط انتقادات لتراجع مفاهيم التوافق والحوار الاجتماعي التي باتت تُعتبر، وفق المجتمعين، مجرد شعارات جوفاء تخفي وراءها سياسات أحادية وإقصائية.
علاوة على ذلك، أعلنت الجبهة عن تنظيم ندوة علمية تستحضر كافة الأبعاد القانونية والحقوقية والاجتماعية لهذا المشروع، وستعلن الجبهة في وقت لاحق عن موعد ومكان الندوة، التي تعتبرها منصة أساسية للنقاش والتحليل العميق حول تداعيات هذا المشروع على الحقوق العمالية والمدنية في المغرب، الذي يبدو وكأنه صُمم بعناية لإرضاء أصحاب رؤوس الأموال على حساب حقوق العمال.
و في وقت تتبجح فيه السلطة الحاكمة بشعارات التقدم والحداثة، تسير نفس السلطة بخطى متسارعة نحو تمرير مشروع قانون تنظيمي يُنظر إليه كخطوة جديدة لتقييد الحريات النقابية والاجتماعية، فيما وصفته الجبهة بأنه محاولة للتضييق على ما تبقى من حرية نقابية واجتماعية، معتبرة ذلك تهديدًا مباشرًا لأحد أبرز حقوق العمال والنقابيين.
في هذا السياق، أكدت جبهة “الدفاع عن الحق في ممارسة الإضراب” في بلاغها على موقفها الرافض لهذا المشروع الذي تصر الحكومة على تمريره دون أدنى اعتبار لرأي التنظيمات الاجتماعية والسياسية والحقوقية.
هذا و أشارت الجبهة إلى كون الحكومة لم تكتف فقط بتجاهل التعديلات المقترحة من مكونات الجبهة في البرلمان، بل أبدعت في إبقاء مواد تكبيلية للحق في الإضراب، مصرة بذلك على تعميق الفجوة بين الشعارات الدستورية الجميلة والممارسات الواقعية المخجلة، فهذه المواد لا تكتفي بتقييد العمال فحسب، بل ترسل رسالة واضحة: “الإضراب حق… ولكن بشروطنا”، شروط تقوض جوهر الحق وتتنافى مع المواثيق الدولية، وكأننا أمام نسخة محلية من ديمقراطية قائمة على التقييد بدل التمكين.
ومع ذلك، و وسط هذا العبث التشريعي، كان هناك ومضة أمل، حيث أشادت الجبهة بالدور البارز الذي تلعبه الفرق البرلمانية والمجموعات البرلمانية، إضافة إلى البرلمانيين غير المنتسبين، الذين صوتوا ضد المشروع في لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، في خطوة نادرة تُظهر أن روح المقاومة لا تزال حية في بعض زوايا المؤسسة التشريعية، كما نوهت الجبهة بالدور النضالي المستمر الذي تقوم به الحركة النقابية في مواجهة هذا المشروع، معتبرة أن هذا التحرك يشكل خطوة هامة في التصدي للحد من اجهاض الحقوق الاجتماعية.
في هذا السياق، طالبت الجبهة الحكومة بمراجعة مقاربتها الأحادية، داعية إياها إلى ضرورة التوافق مع جميع المكونات والأطراف المعنية، وقالت الجبهة إن مشروع القانون التنظيمي للإضراب يحمل أبعادًا مجتمعية واجتماعية وحقوقية هامة، مما يستدعي مشاورات أوسع وأعمق مع مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين.
وذكرت الجبهة بأن هذا المشروع ليس مجرد إجراء تقني، بل هو قضية حساسة تمس الحقوق الأساسية للمواطنين، وخاصة حقهم في التعبير والاحتجاج السلمي. وأكدت أن هذه الإجراءات ينبغي أن تتم في إطار التوافق الشامل وليس عبر الاستقواء بالأغلبية البرلمانية.
في النهاية، يبدو أن مآل حقوق العاملين بات مرهونًا بمدى قدرتهم على الصمود في وجه مشروع قانون يجعل من الإضراب جريمة لا تغتفر.
الحكومة، التي تلوح بأغلبيتها البرلمانية كأنها صكٌ على بياض، تتجاهل أن شرعية القوانين تُستمد من توافقها مع الإرادة الشعبية، ومن تم ان ما يحدث اليوم ليس مجرد معركة حول قانون تنظيمي، بل هو اختبار حقيقي لما تبقى من مصداقية الدولة في احترام التزاماتها الدستورية والدولية، و إذا كانت الحكومة تظن أن الأغلبية البرلمانية تكفي لتمرير مشاريعها دون حوار، فإنها تخاطر بفقدان ما تبقى من ثقة المواطنين في المؤسسات. وبينما تستمر معركة الحق والباطل، يبقى السؤال الأهم: هل ستقف الطبقة العاملة مكتوفة الأيدي أمام هذا الاستهداف الممنهج، أم ستعيد للشارع زحفه الذي لا يرد؟