الرئسيةسياسة

اسماعيل العلوي: محمد بنسعيد ايت إيدر غادر عالمنا و في قلبه “غصص”

قال مولاي اسماعيل العلوي، الأمين العام السابق حزب التقدم والاشتراكية ، إنه سيطلق مما سأسميه “غصص” صاحبت بل حضنت خاطر هذا المناضل الشهم حتى اللحظات الأخيرة من حياته، وربما بعض قائل يقول، إنني أبالغ، والحقيقة يضيف اسماعيل العلوي، أنني استعمل هنا غصص كجمع للغصة، بما هي مرارة قرارت القدر التي لم تساير رغبات المرء، وهذا الإحساس، هو الذي ما سيعرب عنه جميع المناضلين عندما ينظرون وهم مشرفون على نهاية حياتهم، وهم يعايشون واقع بلدهم.

جاء ذلك حلال المناظرة الدولية، التي نظمها مركز محمد بنسعيد ايت إيدر، تحت عنوان، “محمد بنسعيد ايت ايدر…مسار متعدد” يومي الجمعة والسبت 7 و8 فبراير بالدارالببيضاء، حيث أكد، أن الإحساس بالغصة يعني نظر هؤلاء المناضلين  إلى العديد من الآمال التي روادتهم، والتي لم تحقق.

واضاف المتحدث ذاته، قائلا، انه مقتنع وبمجرد الاطلاع على هذه الغصص، سيجعلنا نقترب مما كان يخالج فؤاد فقيدنا الكبير، وسيذكرنا جميعا في الوقت نفسه، بالواجب الذي يجب علينا القيام به ونحققه اكبارا لما سبقنا إليه محمد بنسعيد.

واتهبر اسماعيل العلوي، أن الغصة أو الحرقة الأولى تجسدت وهي التي ادمت فؤاد الراحل، في أحوال شعبنا، إن على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي أو الثقافي، وهي أحول متداخلة فيما بينها، وتصنيفها ووضع ترتيب لاولوياتها لا يعدو أن يكون سوى سعيا لمحاولة تفكيك الإشكال.

وتابع اسماعيل العلوي في مداخلته في المناظرة، قائلا: إن وطننا الذي تخلص منذ ما يقرب 70 سنة من القيد الاستعماري المباشر، والذي مزق ترابنا إلى ستة وحدات منفصلة بعضها على بعض إداريا واقتصاديا، من طنجة باعتبرها كيانا خاضع لحكم دولي، والشمال وجزء من صحرائنا الغربية ومنطقة سيدي إفني وطرفاية والساقية الحمراء ووادي الدهب الخاضعة للنفود الاسباني، ناهيكم عن مناطق الصحراء الوسطى التي استحود عليها الفرنسيون وضموها لما كانوا يعتبرونه مستعمرة دائمة وتابعة إليه إلى الأبد.

واسترسل المتحدث ذاته، أنه يمكن ومن خلال هذا الواقع المبتوث، أن تصبح بؤر نزاع بين الإخوة، أو على الأقل مثار شقاق بينهم إذا لم يتعقل الطرفان المعنيان بالموضوع، ويتجاوزا الإشكال في إطار مغرب كبير، يضم كل من المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريطانيا، وعدم تحقيق هذا الهدف يمثل غصة من بين الغصص التي المت قلب الراحل محمد بنسعيد آيت إيدر، ومات وهو متأثرا بها.

في السياق ذاته، قال ألامين العام السابق لحزب التقدم والاشتراكية، إن هذا الوطن الذي أعلن عن استقلاله قبل نحو 70 سنة، مازال يعاني من عدم قدرته على تحقيق ما كان يؤمل ويرغب فيه اقتصاديا، أي تطوير اليات إنتاج وتعزيزها، وذلك بإثمار كل الطاقات التي تزخر بها البلاد، وكل الإمكانات الكامنة في شعبه. ويعزى يضيف اسماعيل العلوي ذلك، إلى تشبث المتعاقبين على غرفة الاقتصاد بحلول “خجولة” وطرق تدبير غير ناجعة، وغير قادرة بالتالي على إبداع خطط تعفينا من الاكتفاء في ميدان محاربة الفقر والحاجة عن طريق التصدق.

وأضاف اسماعيل العلولي في مداخلته في المناظرة، أن ذلك يجري بتوظيف أموالا لا يستها بها وبلا أمل في استرجاعها، مما يثقل كاهل خزينة الدولة بشكل كبير وغير مجدي، بل إنه من الممكن أن يؤدي بالبلاد إلى تطبيق المثل الشعبي الذي يقول ” ولف عادة واترك عادة عليها تعادا”، وفي هذا الاطار ذكر اسماعيل العلوي، أنه وفي تجارب العديد من الشعوب، التي سلكت هذا الأسلوب، ومارست هذا المنهج، عندما أرادت أن تقضي على البؤس والفاقة دخلت في مرحلة الفتنة والاضطراب.

وتابع المتحدث نفسه، أنه ما يمكن تسجيله على هذا النهج العام أنه لا يؤدي سوى إلى الركود واستمرار التخلف واتساع الهوة فيما بين الطبقات الاجتماعية، وأيضا فيما بين فضاءات أقاليم الوطن، في وقت نحن في أمس الحاجة إلى مزيد من رص صفوف أفراد الشعب، أمام تطور العالم وتجادباته المتناقضة، مضيفا أن الأرقام التي تصدر عن الهيئات الرسمية بما فيها الحكومة، تؤكد هي نفسها صعوبة المرحلة التي نمر بها، والتي تؤدي بكل غيور على وطنه وشعبه، من أمثال محمد بنسعيد إلى غضب يتحول مع مر الزمن إلى غصة وحرقة ترافقه حتى الوفاة.

وقال اسماعيل العلوي، إنه وعلى عكس من يحلوا لهم نعت ما نمر به بالصحوة الاقتصادية، فإننا عكس هؤلاء نرى أن الأوضاع الاجتماعية التي تمر بها البلاد، مازالت متردية ماديا ومعنويا بالنسبة لأغلبية المواطنات والمواطنيين، بل تزداد تدهورا يوما بعد يوم، فيما أن ما يوصف بالدعم الاجتماعي المشار إليه أعلاه يهم استنادا لتصريحات موثوق بها، أسر تقدر بخمسة مليون، وإذا اعتبرنا يضيف امساعيل العلوي أن كل أسرة تضم 5 أو 6 أفراد نكون أمام 25 مليون مغربي معنيين بهذا “الدعم الاجتماعي”، الذي لا ييسمن ولا يغني من جوع، ويؤثر سلبا على الميزانية العامة، لأنه يذهب هباء منثورا.

واعتبر المتحدث نفسه، في السياق ذاته، أنه توجد سياسيات يمكن أن توظف هذه الأموال المتجهة لهذه العملية الخرقاء، التي بإمكانها أن تتيح إغناء مجتمعنا عبر رفع رقم الناتج الداخلي الخام  بشكل ملحوظ ، مشيرا في هذا الصدد للفئة الشابة التي تصل إلى حوالي 5،9 مليون تتراوح أعمارهم و “الذين لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين” أو من يوصفون بـ”النييت”، وهم شباب قادر على امتلاك مهارات تساعدهم على الالتحاق بالفئة المنتجة، وإحدتث ثورة داخل مجتمعهم.

إن هذا الواقع الأليم يؤكد اسماعيل العلوي، يفسر في بعض جوانبه مدى اهتمام محمد بنسعيد بقضايا الشباب دكورا ونساء طيلة حياته، وفي هذا الصدد  ينبغي الإشارة لأوضاع النساء والاهتمام الذي كان يوليه الفقيد لقضايهن، وبالخصوص في ميدان المساواة، التي من المفروض أن تتحقق طبقا لمنطوق دستور البلاد، وفي هذا الباب يقول اسماعيل العلوي والذي يشكل بدوره مصدر غصة، و التي بقيت في ذهن الراحل بنسعيد، إلا أن وافته المنية، حيث سبق لي شخصيا أن تناولت الموضوع معه، فحثني على التامل في صورة النساء، وما اثار انتباهي وتساؤلي بعد ان عدت لقراءتها هو ان فقهاؤنا قبل قرون من الزمن، لم يترددوا في ترك العنان لنزعاتهم الدكورية، مما دفعهم لغض الطرف عن ضرورة احترام النص القراني، القاضي مثلا باعطاء الاسبقية لاحترام إرادة الهالك.

وأضاف في السياق ذاته، بعد أن تحدث عن وصية الهالك، والتي توصي بعد تصفية الدين المترتب على ذمته، ان هؤلاء الفقهاء اعلنوا أن لا وصية لوارث، متسائلا اسماعيل العلوي، عن أي منطق استند فيه هؤلاء في تشريعهم هذا، حيث أصبحوا يحرمون ما أحله الله، بل ما فرضه بلسان صريح في كتابه العزيز.

وتابع المتحدث نفسه، أن قارئ سورة النساء سيلاحظ تكرار كلمة “معروف” لاسيما حينما يتعلق الموضوع بالتعامل مع النساء، والمعروف هو سلوك اجتماعي يتطور بتطور المجتمع والحقب الزمنية، وبالتالي فان المقصود من  كلام الله من هذه الاية، والخاصة بأوضاع المرأة ومكانتها، هو أن هذا الأمر يعني “أيها البشر دبروه فيما بينكم”، في إطار معاني الاية “أمرهم شورى بينهم”.

لاشك يقول اسماعيل العلوي، أن هذا المضوع الخاص في علاقة الجنسين في المجتمع يقتضي تملك جميع أفراد هذا المجتمع، لكل وسائل المعرفة وإدراك مستلزمات التطور مما يعود بنا إلى موضوع محاربة الأمية والجهل، وتعميم المعارف وفتح مجال التعليم مدى الحياة في وجه جميع المواطنات والمواطنيين، وهي الملاحظة الهامة يشبر اسماعيل العلوي التي تدفع من وجهة نظره إلى طرح إشكالا لطالما شغل بال محمد بنسعيد، ألا وهو موضوع التعليم، ومناهجه ومضامينه ومستواه ليس العلمي فقط، بل وما مدى قدرته على منح المتعلمين حسا وفكرا نقديين وروحا مدنية عالية.

وقال اسماعيل العلوي في مداخلته، أنه لن يقف حديثنا عن “غصاص” الراحل محمد بنسعيد عند هذا الحد، إذ بالإضافة إلى ما يعانيه شعبنا من مثبطات ومشاكل فإن منغصا أخر، كانت تحتل مكانة ملحوظة في تفكير ونشاط ايت إيدر، وهذه الغصة هي قضية الوحدة الترابية، وضرورة صيانتها على مستويين اثنيين، على مستوى الشعب وعلى مستوى التراب الوطني، وضرورة إيجاد الحل الأنجع للمعضلة التي تركها لنا الاستعمار الفرنسي والإسباني عن قصد، ألا وهي يضيف اسماعيل العلوي، مجابهة التقسيم التي خضعت لها الأوطان، ومن جهة ثانية إيجاد الحل الأمثل والكفيل بتجاوز الحزازات بين الأشقاء والتي سبق أن نجمت ومازالت عن الرفض لما تركه الاستعمار من مشاكل وفخوخ ودسائس.

في السياق ذاته، أكد اسماعيل العلوي أنه ومن أجل كل ذلك، كان محمد بنسعيد من مناصري الحل الرامي إلى تجاوز هذا الواقع الموروث والمسموم، وذلك بالاجتهاد من أجل تحقيق حلم أجيال من الوطنيين الأبرار، والذي سبق أن أعلن عنه في مؤتمر طنجة 1958،  قبل أن يعلن عن تأسيس الاتحاد المغربي العربي في مراكش  سنة 1989، والذي للاسف لم يكتب لهذا المشروع الوجود على أرض الواقع، بل أخذ البعض، يطعن في مبدأ توحيد الصفوف متجاهلا ما تتمتع به شعوب هذا الاتحاد من أرضية إثنية ودينية وثقافية ومصالح اقتصادية توحد بينها، في عالم سعت شعوب أخرى لم تكن تتوفر لها مثل هكذا مؤهلات للتوحيد، وخير مثال الاحاد الأوربي.

إن الحلم المغاربي الذي لم يكتب لمحمد بنسعيد ايت إيدر أن يراه وهو على قيد الحياة، والذي يمكن إضافته إلى حلم اخر، انطلق فيه الراحل من كونه الأمازيغي الفخور بأصوله وانتسابه الثقافي، والمتمثل في حلم مراجعة ميثاق الجامعة العربية، بغاية تكوين مجمع دولي يتميز في الاشتراك في تكتل مناصر للتعددية اللغوية والثقافية، مع التأكيد على ما تتقاسمه الشعوب المكونة لهذه الجامعة يؤكد اسماعيل العلوي، كا يجعلها بالضرورة مؤيدة لدور حيوي وحاسم في مناهضة الامبريالية الغاشمة ومجابهة الصهيونية العنصرية وطردها من ارض فلسطين، وذلك بإنشاء دولة يتعايش فيها كل من يرغب في ذلك، شريطة أن يحترم حرية الأفراد ومعتقداتهم الدينية ويرفض كل أنواع التمييز والفصل العنصري الابارتييد المقيت والسائد اليوم في الكيان الصهيوني، والمبني على أساطير الأوليين، والتي لم يبق لها في عالمنا اليوم، أي معنى.

وفي الأخير حي اسماعيل العلوي في مداخلته، صمود المقاومة الفلسطينية التي عبر ويعبر عنها الشعب الفلسطيني، معتبرا أن روح الصمود التي ابان عنها تلزمنا بالوقوف إلى جانب هذا الشعب البطل، لا بحافز عرقي أو أي حافز اخر، بل لأننا وأفراد شعبنا في خندق واحد تجمعنا قيما كونية واحدة مناهضة للاستعمار والقمع والتنكيل وهضم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، معلنا تأسفه عن المستوى الباهت والهزيل، الذي ظهرت به الحكومات العربية والإسلامية، أمام عجرفة الصهيونية وحامييها الإمريالية الأمريكية، التي تجرأ قائدها الأكبر، رئيس الولايات المتحدة ليتقدم بمقترح أخرق يرمي الى اعتبار الشعب الفلسطيني الشقيق البطل وكانه قطيع يزج به كما أرادت به إرادة هذا الرئيس، وتحويل بلدهم لمركز اصطياف.

وعاد اسماعيل العلوي في معرص حديثه عن غصص الراحل محمد بنسعيد ايت ايدر، للإشارة إلى غصة لازمته حتى رحيله، ممثلة في  تعميم الحريات وضمان حقوق الإنسان في الوطن، وحلق اقتصاد وطني متحرر يضمن الكرامة والإنصاف لكل مواطنييه، فضلا عن  غصة جمع القوى التواقة للحرية والكرامة والعدالة، لتكون اداة إنجاز هذه المهام التاريخية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى