الرئسيةسياسة

الغلوسي يحذر… هل يصبح قائد الملحقة الإدارية “كبش فداء”؟

يرى محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن قضية “مول الحوت” التي أثارت جدلاً واسعاً في مراكش لا ينبغي أن تُختزل في قرار إعفاء قائد الملحقة الإدارية الحي الحسني، بل تستدعي تحقيقاً معمقاً وشاملاً للكشف عن جميع المتورطين في أي تجاوزات قد تكون حصلت. فبينما تم تبرير الإعفاء بارتباطه باحتجاز “مول الحوت” لساعات دون سند قانوني، وهو ما إن ثبت يشكل جريمة يعاقب عليها القانون، فإن الغلوسي يتخوف من أن يكون هذا القرار مجرد خطوة لامتصاص الغضب الشعبي، دون مساءلة باقي المسؤولين الذين قد يكونون طرفاً في ما حدث.

لا يخفي الغلوسي، استنادا لتدوينة له على صفحته على الفايسبوك، مخاوفه من أن تتحول القضية إلى نموذج آخر من التضحية بالمسؤولين الصغار، بينما تبقى الجهات النافذة بمنأى عن أي محاسبة، إذ يرى أن واقعة “مول الحوت” ليست مجرد حدث معزول، بل تسلط الضوء على إشكالات أعمق تتعلق بكيفية تطبيق القانون وانتقائيته، حيث لم يتم إغلاق المحل إلا بعد تصاعد الجدل، رغم أنه كان يزاول نشاطه منذ فترة طويلة في واضحة النهار. هذا الأمر يطرح تساؤلات حول مدى شمولية المراقبة لجميع المحلات التي تبيع السمك في مراكش، وإن كان هناك بالفعل معايير موحدة يتم تطبيقها على الجميع دون تمييز.

كما يشيد الغلوسي باستقبال والي الجهة لـ”مول الحوت” في محاولة لحل قضيته الا انه يشترط أن لا تكون بديلاً عن تحقيق قضائي وإداري نزيه يحدد المسؤوليات بوضوح.

فالسؤال الأساسي الذي يطرحه هو: هل القائد هو المسؤول الوحيد عن التجاوزات التي وقعت؟ أم أن هناك أطرافاً أخرى تمت حمايتها من أي مساءلة؟ الأخطر من ذلك، هل ستقتصر المحاسبة على هذه الواقعة المحددة، أم أن هناك إرادة حقيقية لكشف اللوبيات المتحكمة في قطاع السمك، والتي تستغل ضعف الرقابة لتحقيق أرباح طائلة على حساب المواطنين؟

بالنسبة للغلوسي، فإن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة يجب أن يُطبق بإنصاف، وليس عبر تقديم مسؤولين صغار كأكباش فداء في حين يظل “الحيتان الكبرى” في مأمن، فمثل هذه الممارسات تعمق الإحساس بالظلم وتضعف ثقة المواطنين في قدرة المؤسسات على فرض القانون بعدالة.
إن غض الطرف عن الفاعلين الحقيقيين في المضاربة والاحتكار، خاصة أولئك الذين يتمتعون بقربهم من دوائر القرار ويحظون بحماية خاصة، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الإحباط الشعبي ويجعل أي محاولة للإصلاح مجرد شعارات فارغة.

يؤكد الغلوسي أيضا، أن هذه القضية تشكل اختباراً حقيقياً لمدى التزام السلطات بمبادئ النزاهة والشفافية، لذلك، فإن المطلوب ليس فقط التحقيق في ما حدث يوم 25 فبراير، بل الذهاب أبعد من ذلك عبر تفكيك شبكات الفساد والمضاربة في قطاع السمك وغيره من القطاعات التي أصبحت مرتعاً للريع والاستغلال غير المشروع.

بالنسبة له، فقد حان الوقت لوقف سياسة التضحية بالصغار ومساءلة المستفيدين الحقيقيين من هذه الأوضاع، لأن الشعب لم يعد يقبل بأن يكون الإصلاح مجرد واجهة تخفي استمرار نفس الاختلالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى