الرئسيةثقافة وفنونفن العيشموضة

مراكش تحتضن “أسبوع القفطان” إرثا بثوب الصحراء

تحرير: جيهان مشكور

في مشهد يتناغم فيه سحر التراث المغربي مع نبض الحاضر المتجدد، احتضنت مدينة مراكش فعاليات الدورة الخامسة والعشرين من “أسبوع القفطان”، الذي انطلق هذه السنة تحت شعار لافت: “القفطان، إرث بثوب الصحراء”.

تسليط الضوء على عمق الموروث الثقافي الصحراوي

التظاهرة، التي باتت محطة سنوية بارزة في عالم الموضة المغربية قفطان مغربي ، سعت من خلال هذا الشعار إلى تسليط الضوء على عمق الموروث الثقافي الصحراوي، ودمجه ضمن فسيفساء القفطان المغربي، باعتباره أحد أبرز تعابير الهوية الوطنية وأكثرها أناقة وأصالة.

لم يكن الاحتفال استعراضاً للزخرف والأنسجة الفاخرة فقط، بل شكل أيضاً فضاءً حقيقياً للاعتراف بالطاقات الشابة التي تصنع مساراتها في عالم تصميم الأزياء، إذ شهدت هذه الدورة تنظيم عرض خاص بالمواهب الصاعدة، نُظم على هامش الحدث الرئيسي، وجمع سبع مصممات شابات جئن من خلفيات ثقافية مختلفة، لكن جمعتهن الرغبة في تقديم رؤى فنية متجددة مستوحاة من ذاكرة مغربية غنية ومتنوعة، و وسط حضور نوعي لأسماء مرموقة في عالم الموضة والفن بالمملكة المغربية، تنافست هؤلاء المصممات أمام لجنة تحكيم وازنة جمعت بين الخبرة الإبداعية والرؤية الفنية الدقيقة.

المصمم المغربي الشهير روميو كان من بين أعضاء اللجنة، إلى جانب الممثلة ومهتمة الموضة ميساء مغربي، والمصمم المبدع حسين أيت مهدي، وقد ارتكز التقييم على معايير صارمة لا تقتصر على الجانب الجمالي فقط، بل تشمل أيضاً جودة التنفيذ، عمق الفكرة، ومدى احترام الأصالة دون إغفال لمسة الابتكار، و في نهاية المسابقة، نجحت المصممة الشابة زينب عقا في خطف الأضواء والتتويج بالجائزة الكبرى، بفضل تصاميمها التي حملت بصمة خاصة تجسد اندماج الثقافتين الصحراوية والفاسية.

لقفطان كجسر بين التقاليد والحداثة

تنحدر زينب من أصول صحراوية، و بفضل موهبتها استطاعت أن تحوّل رمال الصحراء الذهبية ومناظرها الطبيعية الخلابة إلى مصدر إلهام فني، حيث عكست هذه العناصر في تصاميم أنيقة جسّدت القفطان كجسر بين التقاليد والحداثة، فيما جذورها الفاسية من جهة والدتها أضافت بعداً جديداً لهذا المزج الثقافي، فخرجت تصاميمها وكأنها حوار صامت بين الجنوب والشمال، مرصّع بخيوط من التراث وملامح من الحلم.

منح هذا التتويج لزينب بطاقة العبور إلى العرض الرسمي للدورة المقبلة من “أسبوع القفطان”، وهو ما يُعد خطوة مفصلية في مسارها المهني وفرصة لإثبات ذاتها في محفل وطني يحظى بمتابعة دولية، و في تصريحها عقب الفوز، أعربت عن فخرها بهذا التتويج، مؤكدة أن مشاركتها لم تكن فقط منافسة، بل كانت بمثابة اعتراف بقدرتها على تحويل الإلهام الشخصي إلى رؤية فنية تلامس الجمهور والمتخصصين على حد سواء.

“أسبوع القفطان” لم يعد مجرد احتفالية بالزي المغربي التقليدي، بل تحول إلى منصة مرجعية تعكس دينامية الخياطة الراقية في المغرب، وتبرز الدور الحيوي الذي يلعبه القفطان في التعبير عن الهوية المغربية المتعددة الروافد، هذا وقد كانت الدورة الخامسة والعشرون فرصة لإبراز التداخل الإبداعي بين الحرف التقليدية والتصاميم الحديثة، من خلال برمجة غنية شملت معارض فنية، ورشات عمل، جلسات تكوينية، وعروض أزياء أبهرت الحضور ونقلت صورة مشرقة عن قدرة الصناعة التقليدية المغربية على التأقلم مع معايير الأناقة العالمية دون أن تفقد روحها الأصيلة.

في النهاية، ما ميز هذه الدورة ليس فقط الاحتفاء بالموروث، بل أيضاً استشراف المستقبل عبر فتح الأبواب أمام الشباب لتقديم قراءاتهم الخاصة للقفطان المغربي، وهو ما يؤكد أن هذا الزي التقليدي لا يزال ينبض بالحياة، ويملك من المرونة والجمال ما يضمن له الاستمرارية، جيلاً بعد جيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى