اقتصاد

إطلالة تقييمية للوحة قيادة القطاعات الاستراتيجية في الاقتصاد الوطني..البناء والأشغال العمومية و اللوجيسنيك (10/8)

بالنسبة لقطاع البناء والأشغال العمومية، تجزم الوثيقة في بداية هذه الفقرة بأنه يساهم بنسبة 6.2 ٪ من إجمالي القيم المضاف إلى الأسعار الحالية و ب21.3٪ من القيم المضافة المتعلقة بالأنشطة الثانوية بين عامي 2008 و 2017. وظف هذا القطاع أكثر من مليون شخص في عام 2017 ، أي ما يعادل 9.8 ٪ من القوى النشيطة المستخدمة، منها 11.2 ٪ في الوسط الحضري.

بسبب طبيعته الدورية، سجل قطاع العقار في السنوات الأخيرة انخفاضا مثيرا للانتباه، الشيء الذي أكده نزول الإنتاج بنسبة 51 ٪ منذ عام 2011 وكذلك تقلص عدد الأوراش (باستثناء عام 2015 ، 35 ٪ في عام 2012 ، 23.7 ٪ في عام 2013 ، 6.4 ٪ في 2014). من ناحية أخرى، أكدت هذه الوضعية تطور المقياس الاقتصادي الرئيسي للقطاع المتمثل في مبيعات الأسمنت التي استمرت تظهر انخفاضات متتالية مؤكدة في عام 2017 بانخفاض قدره 2.54 ٪. ومع ذلك، فإن بعض المؤشرات تجسد تباشير لعودة الدينامية لهذا القطاع، تذكر منها الوثيقة، على وجه الخصوص، استرداد القروض الممنوحة للمنعشين العقاريين، والتي استمرت في التطور بشكل إيجابي بعد الانخفاضات المتتالية منذ عام 2012.

قروض الإسكان التي شهدت أداء كافيا، من البداية، تتسارع وتيرتها تبعا للانطلاقة الفعلية للبنوك التشاركية في المغرب. هذه الأخيرة تقدم منتجات تمويل مخصصة لشراء العقارات والتي قد يقبل عليها بعض المشترين المحتملين. تُعزى تباشير التحفيز هذه أيضا إلى تسارع وتيرة الأشغال في بعض المشاريع، كما هي الحال في مشروع المدن الجديدة الذي تم إطلاقه عام 2004.

هكذا وبعد إنشاء مدينتي تامنصورت وتامسنا، والبناء المتواصل للمدينتين الأخريين ألا وهما شرافات ولخيايطة، شهد العام الحالي إطلاق بناء مدينة أخرى على مشارف طنجة. باعتبارها تنتمي إلى جيل جديد من المدن التكنولوجية، سيتم تزويد “مدينة محمد السادس طنجة-تيك” بأحدث التكنولوجيات وأكثرها تكيفا مع متطلبات الحياة الحديثة دون التضحية بالاندماج والانسجام بين المناطق الصناعية والتجارية والسكنية والفضاءات الخاصة بالخدمات العمومية والترفيهية.

تتلخص عائدات هذه المدينة الذكية التي جاءت كثمرة شراكة صينية مغربية، وتطلبت استثمار 10 مليارات دولار على مدى 10 سنوات، في إسكان 300.000 نسمة وفي توفير 100،000 منصب شغل. بالطريقة نفسها، تواصل الدولة – تتابع الوثيقة – تنفيذ مشاريع أخرى، خاصة في مجال محاربة السكن غير اللائق ودعم الإسكان بأسعار معقولة من خلال فاعلها العمومي العمران، وكذلك من خلال الاتفاقيات الموقعة مع القطاع الخاص. في هذا الصدد، وبالنسبة لعام 2016، بلغ إنتاج مجموعة العمران 128،788 وحدة سكنية منها 86000 وحدة سكنية مؤهلة تأهيلا حضريا.

انطلقت الأشغال لبناء 136900 وحدة سكنية بما في ذلك 105000 وحدة سكنية ذات تأهيل حضري. هذا سيسمح بتسريع وتيرة برنامج “مدن بدون صفيح” الذي يخص 56 مدينة. من المتوقع أن تستفيد خمس مدن أخرى خلال هذا العام من هذا البرنامج وهي تطوان والقصر الكبير ​​وسطات والبروج ومولاي يعقوب. أما فيما يتعلق بالسكن بقيمة 250000 درهم، فقد تم توقيع 969 اتفاقية في نهاية غشت 2016 همت بناء 1512794 مسكنا. كما أن الأشغال انطلقت في 686 مشروعا سكنيا تتوخى بناء 475297 مسكن. في ضوء الإنجازات المختلفة التي تحققت في قطاع العقار والتي تهدف إلى مكافحة جميع مظاهر المضاربة والعشوائية والفوضى والريع، يستعد (القطاع)، حاليا، لاجتياز مرحلة جديدة تتوخى تنظيما أفضل ومزيدا من الشفافية.هنا تذكر الوثيقة بأن هذا القطاع ما زال يرتكز على أسس متينة تؤهله، على وجه الخصوص، للاستجابة للطلب الكبير على السكن وسد العجز السكني المقدّر بـ 400،000 وحدة سكنية وتلبية الاحتياجات الجديدة (130000 وحدة سكنية في السنة)، بفضل دعم عمومي كبير، لا سيما في مجال الحوافز الضريبية (7.6 مليار درهم في عام 2016)، وتعبئة العقارات العمومية ( تمت تعبئة911 هكتار لصالح الإسكان في عام 2015) ومخصصات الميزانية (2.8 مليار درهم في عام 2016، من صندوق التضامن للسكنى والاندماج الحضري (FSHIU)). ومع ذلك، تلاحظ الوثيقة أن هذه الدينامية المتوقعة في قطاع العقار تتطلب بلا شك مقاربات جديدة تستند إلى استهداف أفضل وسياسة إسكان إقليمية وأكثر تفاعلية قادرة على التغلب على الاختناقات التي تعيق أي محاولة للانتعاش. الاستجابة للطلب الاجتماعي، صعوبة إقناع المنعشين العقاريين بالالتزام بالسكن المتوسط، المخاوف المتعلقة بتطبيق القانون الجديد 66-12، تلك بعض التحديات التي تنضاف إلى تحديات أخرى لا تقل صلابة وصمودا تذكر منها الوثيقة بشكل خاص: – استمرارالتعتيم في سوق العقار والاحتفاظ بالأراضي الحضرية ما يؤدي إلى عدم المساواة في الحصول عليها وإلى التقييم غير العادل وغير الأمثل للوعاء العقاري القابل للتحضر؛ – هيمنة القطاع غير المهيكل المرتبط، خصوصا، بارتفاع حجم البناء الذاتي؛ – عدم وجود التقائية بين الإجراءات العمومية، خاصة في المدن الجديدة وفي المنطقة الحضرية الجديدة (ZUN)؛ – عدم كفاية تنفيذ خطط التهيئة في ارتباط بنقص الموارد المالية، غلبة العمالة غير المؤهلة وسيئة التأطير، خاصة فيما يتعلق بمعايير البناء الجديدة (مقاومة الزلازل، النجاعة الطاقية، مكافحة الحرائق، إلخ..)، وعدم القدرة على مراقبة معايير الجودة والسلامة والتكيف مع تغير المناخ.

2- ثطاع النقل واللوجستيك في بداية الفقرة الخاصة بقطاع النقل واللوجستيك، نقرأ أن قطاع النقل يساهم بنسبة 4٪ من إجمالي القيم المضافة إلى الأسعار الحالية وبنسبة 7 ٪ من القيم المضافة إلى أنشطة القطاع الثالث بين عامي 2008 و 2017. شغل قطاع النقل ما يقرب من 500000 شخص في 2016، أي 4.6 ٪ من القوى النشيطة المستخدمة، منها 6.8 ٪ في الوسط الحضري. بذل المغرب – تواصل الوثيقة – جهودا كبيرة لكي يتوفر على بنيات تحتية حديثة، فعالة ومتطورة، حتى تواكب البلد في مساره نحو تحقيق التنمية الاقتصادية اعتمادا على مختلف الاستراتيجيات القطاعية الفاعلة. بفضل البنيات التحتية التي بنيت سابقا،

يطمح المغرب إلى تحسين اندماجه الاقتصادي على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتعبئة إمكاناته بالكامل كمركز إقليمي يقع عند ملتقى الأسواق القارية الرئيسية. من أجل تحسين جهوده المبذولة في مجال البنيات التحتية، تذكر الوثيقة أن المغرب وضع استراتيجية لتطوير القدرة التنافسية اللوجستية في أفق عام 2030. تندرج هذه الاستراتيجية ضمن الهدف المتمثل، من ناحية، في تطوير شبكة وطنية متكاملة من المناطق اللوجستية متعددة التدفق على مساحة 3،300 هكتار، وفي تعزيز، من ناحية أخرى، ظهور الجهات الفاعلة اللوجستية المتكاملة والفعالة من خلال تشجيع الفاعلين على اللجوء إلى المناولة اللوجستية من الباطن وإعادة هيكلة قطاع النقل الطرقي للبضائع. كما تهدف إلى وضع تدابير محددة لتحسين وتطوير تدفق استيراد / تصدير والتدفقات المحلية من السلع وإلى تطوير المهارات من خلال خطة وطنية للتكوين في مجال مهن اللوجستيك. نظرا لأهمية النقل في السلسلة اللوجستية، كثف المغرب جهوده من أجل توطيد الهيكل العام للشبكة الوطنية من خلال إنجاز بنيات تحتية من الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات التي تندرج ضمن رؤية شاملة ووطويلة الأمد.

استثمارات ضخمة بذلت لربط الجهات الأربع للمملكة بهدف تحقيق انسيابية حركة البضائع والمسافرين، وكذا الاستفادة الكاملة من الوضع الجيوستراتيجي للمغرب عند ملتقى القارات الأربع (أفريقيا – أوروبا – أمريكا – آسيا). في الواقع، تشكل هذه الاستثمارات، لا سيما تلك الخاصة بالنقل الطرقي والبحري والسككي والجوي، عاملا لا غنى عنه في تحسين الأداء اللوجستي للمغرب. يهدف مخطط الطرق السيارة في أفق عام 2035، إلى: – بناء 5500 كم من الطرق المصنفة التي ستضاف إلى خط طولي يبلغ 59000 كم في الوقت الحاضر، وحماية التراث الطرقي، وفك العزلة عن المناطق القروية وتحسين مستوى خدمات الشبكة الطرقية؛ – إنجاز 2100 كم من الممرات السريعة المجانية، والتي من شأنها أن تزيد من حجم التراث الوطني من الطرق السريعة ب3077 كم في أفق 2035؛ – بناء 30000 كيلومتر من الطرق القروية مقابل خط طولي يبلغ 26000 كم تم إعداده خلال الفترة 1995-2015 في إطار برنامجي الطرق القروية.

تقدر الميزانية الإجمالية لهذه الاستثمارات بنحو 251 مليار درهم، بحسب الوثيقة. في حديثها عن الإستراتيجية الوطنية للموانئ في أفق 2030، تخبرنا الوثيقة بأنها تهدف إلى تعزيز الموقع الجغرافي الإستراتيجي للمغرب عند ملتقى أهم الطرق البحرية ارتكازا على التكامل الجهوي للموانئ (تم تحديد 6 أقطاب مينائية). هكذا تقوم هذه الإستراتيجية على ثلاثة مجالات تدخل، وهي بناء موانئ جديدة فعالة (ميناء القنيطرة الأطلسي، ميناء الناظور غرب المتوسط)، دمج الموانئ في محيطها الحضري وتحقيق الامتدادات الكبرى للموانئ الرئيسية الحالية. تكلفة هذه الاستثمارات التي تقدر بنحو 60 مليار درهم سوف ستتم تغطيتها إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

بحسب الوثيقة، لا يمكن لهذه الاستراتيجية إلا أن تكون مفيدة في مجال الربط بشبكات النقل البحري المنتظمة التي شهد مؤشرها تطوراً جيداً على مدار العقد الماضي تراوح بين رصيد من 9 في عام 2007 و 65 في عام 2016 مما مكن المغرب من الترتيب بين أحسن 20 دولة بمؤشر ربط أفضل (من بين 160 دولة). يعزى هذا الأداء إلى بناء وتشغيل المركب المينائي طنجة المتوسط على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​بطاقة إجمالية 9.5 مليون حاوية. يؤكد المخطط الاستراتيجي لقطاع الموانئ طموح المملكة لتطوير جيل جديد من الموانئ التي تضم مناطق صناعية ولوجستية والتي يعد ميناء طنجة أولها وبدايتها.

وصل هذا الأخير حاليا إلى درجة من النضج وبدأت إيجابياته تظهر بشكل ملموس. فعلا، في عام 2016، حققت المقاولات المقامة داخل المنصة الصناعية لطنجة المتوسط رقم معاملات بلغ 64 مليار درهم (بزيادة سنوية قدرها 28 ٪)، حازت منها صناعة السيارات على نصيب الأسد ب50 مليار درهم (78 ٪ من رقم المعاملات). التدفقات اللوجستية ذات الصلة (بما فيها شاحنات النقل الدولي الطرقي والحاويات ) شهدت أيضا زيادة بنسبة 21 ٪ مع229،337 وحدة، الاستثمار الخاص زاد بنسبة 102٪ ليستقر في 3.45 مليار درهم وارتفعت نسبة التشغيل ب33+ ٪ مع 6547 منصب شغل جديد. في موضوع البنية التحتية للسكك الحديدية، ندرك من خلال الوثيقة أنه في إطار عقد برنامج 2010-2015، تمت تعبئة غلاف مالي قدره 33 مليار درهم لتحديث الشبكة الحالية (2.109 كم) وإنشاء الخط الأول الفائق السرعة الذي يربط القنيطرة بطنجة (200 كم).

بحلول عام 2035 ، يهدف المكتب الوطني للسكك الحديدية، من ناحية، إلى بناء خط سككي طوله 1500 كيلومتر مخصصة للقطارات الفائقة السرعة، ومن ناحية أخرى، إلى زيادة عدد المسافرين إلى 133 مليون في أفق عام 2030 مقابل 26.5 مليون في عام 2015. وبخصوص المخطط المديري المطاري الوطني 2035، نقرأ أن المغرب، المرتبط حاليا بـ51 دولة و 113 مطارا أجنبيا عبر خطوط منتظمة، يسعى لتعزيز موقعه، كمرجع رئيسي في شمال أفريقيا، وكذا قدرته التنافسية في النقل الجوي على نطاق عالمي.

صمم المخطط المطاري، أيضا، لمواكبة استراتيجية “رؤية 2020” للتنمية السياحية. هكذا سترتفع القدرة المطارية إلى 90 مليون مسافر بحلول عام 2035 مقابل 23 مليون مسافر في عام 2010. الغلاف الإجمالي المتوقع لمخطط “أجواء 2035” يتعدى91 مليار درهم. وصولا إلى الاستراتيجية الوطنية لتنمية التنافسية اللوجستيكية، تنص الوثيقة على أنها تتمحور حول خمسة محاور، وهي: – تطوير وتشغيل شبكة وطنية مندمجة من المناطق اللوجستية متعددة التدفق على مساحة 3300 هكتار بحلول عام 2030؛ – تنفيذ تدابير محددة بهدف تحسين والزيادة في حجم تدفقات الاستيراد/التصدير والتدفقات المحلية للسلع (الحبوب، الهيدروكربونات، معدات البناء ، …)؛ – تطويرالفاعلين اللوجستيين المندمجين والنشطاء من خلال تشجيع المهنيين على اللجوء إلى المناولة اللوجستية من الباطن وإعادة هيكلة قطاع النقل البري للسلع؛ – تنمية المهارات من خلال خطة وطنية للتكوين في مهن اللوجستيك تهدف إلى الوصول إلى 173،300 خريج في مختلف الشعب اللوجستية في أفق 2030؛ – وضع إطار لحكامة القطاع وتدابير تنظيمية مناسبة، من طرف الفاعل الرئيسي الذي هو الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية (أنشئت سنة 2012).

على الرغم من الاستثمارات التي تحققت (أو تلك المبرمجة) في مجال اللوجستيك، تعترف الوثيقة بأن هناك إكراهات يتعين تجاوزها، من أهمها الضعف المسجل على مستوى استعمال عدة وسائل نقل أثناء الرحلة الواحدة (intermodalité)، وهو أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها المغرب. من جهة أخرى، يعاني قطاع النقل واللوجستيك من ضعف جودة الخدمات بسبب أوجه القصور في مجالات التدابير الجمركية، والنقص في تأهيل الموارد البشرية، وهيمنة القطاع اللامهيكل، وغياب الرصد والتتبع، وخرق قواعد الصحة النباتية وتقادم الشبكة الطرقية. هذا الوضع – تلاحظ الوثيقة – سيجعل من الضروري العمل من أجل تبني رؤية شاملة عن البنيات التحتية للنقل من أجل تطوير أوجه التكامل بين أنواعه المختلفة، وفقا لمعايير متلائمة مع الخصائص الجغرافية والديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية للأقاليم. كما لا يقل أهمية عن ذلك تعزيز حكامة أفقية للقطاع قائمة على أساس دعم التنسيق بين الهياكل المختلفة المسؤولة عنه. (يتبع)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى