اقتصاد

بعد تلويح الحكومة بتمزيق اتفاقية التبادل الحر بين البلدين المغرب وتركيا يتوصلان لاتفاق جديد

بعد تلويح الحكومة، في شخص وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، حفيظ العلمي، بـ”تمزيق” اتفاقية التبادل الحر بين البلدين، توصل المغرب وتركيا إلى اتفاق، الأربعاء بالرباط، على مراجعة اتفاقهما للتبادل الحر الحالي من أجل تجارة “أكثر توازنا وأهمية وذات جودة”، وذلك خلال تصريح مشترك صدر عقب لقاء أعمال عقد على هامش الدورة الخامسة للجنة المشتركة المكلفة بتتبع تنفيذ اتفاق التبادل الحر بين البلدين.

واتفق الطرفان، أيضا، على الشروع الفوري في الاشتغال على المواضيع المتفق بشأنها خلال أشغال هذا الاجتماع، وكذا تقييم التقدم المحرز حتى متم يناير 2020.

كما اتفق الجانبان، خلال هذه الدورة للجنة المشتركة المغربية – التركية، المنعقدة يومي 14 و15 يناير بالرباط، وترأسها كل من وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، حفيظ العلمي، ووزيرة التجارة التركية، روهصار بكجان، على الرقي بالتجارة الثنائية إلى مستوى “أكثر توازنا وتشجيع المستثمرين الأتراك على الاستثمار بالمغرب في الصناعة الانتاجية، إلى جانب تشجيع الصادرات المغربية نحو تركيا”.

وأشار التصريح المشترك، الذي تلاه العلمي أمام الصحافة، إلى أن المغرب وتركيا أعربا عن رغبتهما المشتركة في تعزيز العلاقات التجارية والودية “على أساس المصلحة المشتركة والتعاون”.

ويعد هذا اللقاء، الذي نظمته وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، بشراكة مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، ووزارة التجارة التركية، والمجلس التركي، للعلاقات الاقتصادية الخارجية، فرصة للفاعلين الاقتصاديين من كلا البلدين لبحث السبل والوسائل الكفيلة بتعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي.

وكان المغرب، أمام غزو المنتجات التركية لأسواقه يتجه، فعلا، نحو “تمزيق” أو على الأقل، مراجعة اتفاقية التبادل الحر مع تركيا، جراء خسائر كبيرة تقدر بنحو 2 مليار دولار سنويا.

ويذكر أن وزير الصناعة والتجارة، حفيظ العلمي، كان يراهن على زيارة وزيرة التجارة التركية، روهصار بيكجان، إلى المغرب، لإثارة الملف قصد الوصول إلى حل يخدم مصلحة الطرفين، أي تعديل الاتفاقية، في أسوأ الأحوال.

وكان حفيظ العلمي هدد بإلغاء اتفاقية التبادل الحر مع تركيا، مستعملا عبارة “تمزيق” الاتفاقية، وهو أحد الخيارات المطروحة على الطاولة مع الأتراك، وسبق للأردن أن لجأت إلى خيار إلغاء الاتفاقية المماثلة مع تركيا، في مارس 2018، وانطلقت قبل أسابيع مفاوضات جديدة بينهما على شروط جديدة.
وتزور وزيرة التجارة التركية روهصار باكجان، الأربعاء، المغرب، على وقع توتر في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، بعد تلويح الرباط بتمزيق اتفاقية التبادل الحر بين البلدين لتسبّبها بخسائر فادحة في الاقتصاد المحلي.

وشاركت روهصار في منتدى الاستثمار وبيئة الأعمال المغربي التركي، واجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين، كما ستعقد لقاءات ثنائية مع عدد من المسؤولين المغاربة، من بينهم وزير الصناعة والتجارة، حفيظ العلمي، ووزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، ووزير التجهيز والنقل عبد القادر اعمارة، تتمحور خاصة حول اتفاقية التبادل الحر في محاولة منها لإنقاذها، بعدما أصبحت تثير انزعاج السلطات المغربية، من توسع النشاط التجاري والاقتصادي لتركيا على حساب الإنتاج المحلي.

واستبق المغرب زيارة وزيرة التجارة التركية روهصان باكجان، بتهديد أنقرة بتمزيق اتفاقية التبادل الحر بين البلدين إذا لم يتم تعديلها، للوصول إلى حلول، حيث كشف وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، مولاي حفيظ العلمي، الاثنين، أن المغرب يتكبد خسائر مالية فادحة جراء اتفاق التبادل الحر مع دولة تركيا، مشيرا إلى أن هذه الخسائر تبلغ ملياري دولار، مؤكدا أن المغرب لا يمكنه أن يواصل اتفاق التبادل الحر مع تركيا على الشكل الحالي، وقال: “أخبرتهم بشكل واضح، إما الوصول إلى حلول لمراجعة هذا الاتفاق أو تمزيقه”.

وشدّد العلمي، خلال حضوره جلسة الأسئلة الشفوية أمام مجلس النواب، مساء الاثنين، على أن المغرب سيلغي أي اتفاقية تجارية من شأنها أن تلحق خسائر بالاقتصاد الوطني، ولن يقبل بتدمير أي دولة كيفما كانت لاقتصاده الوطني.

والتهديد المغربي بتمزيق وإلغاء اتفاقية التبادل الحر مع تركيا، لم تأت من فراغ، ولكن نتيجة إغراق الأسواق المغربية بالسلع، والتي أصبحت تشكل تهديدا للصناعات المحلية، وأضرت بالشركات الوطنية واليد العاملة خصوصا في قطاع النسيج.

ورغم التدابير المتخذة من طرف المغرب في 2018 بالزيادة في الرسوم الضريبية على الألبسة المستوردة من تركيا للحد من الغزو التركي للسوق المحلي، فإن تركيا أصبحت تستخدم طرقا ملتوية للهروب من هذه الإجراءات من خلال إدخال البضائع عبر الأردن.

كما أن أنقرة تستفيد بشكل كبير وغير منصف من الاتفاقية، في المقابل تفرض قيودا وعراقيل على إدخال المنتجات المغربية إلى أراضيها، وكل هذا تسبب في اتساع عجز الميزان التجاري مع تركيا.

يذكر أن تقريرا اقتصاديا أرفقته الحكومة مع مشروع قانون مالية 2020، أظهر استفادة تركيا بشكل غير متكافئ من الاتفاقية، إذ ارتفع العجز التجاري للمغرب مع هذا البلد بشكل كبير لينتقل من 4.4 مليار درهم سنة 2006 إلى 16 مليار درهم سنة 2018، في حين حققت الصادرات التركية إلى المغرب خلال العام الماضي، نمواً بنسبة 16 في المئة مقارنة بعام 2018، لتبلغ 2.3 مليار دولار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى