رأي/ كرونيك

“سجال” يساريو الاشتراكي الموحد.. أو الشجرة التي تخفي الغابة (الحلقة الأولى)

أحمد دابا

ليس السجال الذي نشب بين نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، والنائب البرلماني  عمر بلافريج ضمنا أو صراحة، والذي امتدت تأثيراته للفضاء الأزرق بصخب وانفعال، و الذي لا نظن سينتهي بتأجيل الندوة التي كان من المقرر تنظيمها أمس السبت بالذارالبيضاء والتي كان سيحاضر فيها النائب البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي عمر بلافريج، إلى جانب آخرين وآخريات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، هو الوحيد.

ليس غرضنا أن نتوقف عند هذا السجال، ولا أن ننبش في خلفياته وحيثياته في حد ذاته، لأنه من زاوية تنوير الرأي العام غير مهم، مثلما ليس غرضنا التخندق فيه، أو تسجيل نقطة لهذا أو ذاك، وإنما غايتنا أن نتوقف من خلال هذا المقال/الرأي، عن أسباب هذا الانفعال اليساري داخل حزب يحظى بكثير من التقدير لدى أوساط عديدة خاصة من الطبقة المتوسطة، غايتنا إذا إن حالفنا التوفيق هو البحث  وعرض أسبابه الحقيقية من وجهة نظر خاصة، لأنه في التقدير العام، نعتبره نقاشا انفعاليا ولأنه انفعالي، فهو بالتأكيد ليس النقاش المطلوب حقيقة، أو هو نقاش يخفي حقيقة أزمة تنظيمات اليسار،  ومنها أزمة الحزب الاشتراكي الموحد، وحقيقة وضعه السياسي والتنظيمي والمجتمعي، وحقيقة وطبيعة وأبعاد أزمته، وحتى لا نتيه في النقاش، سنخصص بحديثنا في تنظيمات اليسار تجربة فيدرالية اليسار الديمقراطي بشكل عام وتجربة الاشتراكي الموحد بشكل خاص.

1/ حقيقة الأزمة في تجربة الاشتراكي الموحد:

خاضت منظمة العمل الديمقراطي الشعبي سابقا، ومكونات يسارية أخرى ما اعتبر يومها قطيعة في تجربة اليسار المغربي، فعوض الانشقاق والتشرذم اتجهت هذه المكونات للوحدة، وعوض طمس الاختلاف اتجهت لتبني فكرة التيارات، وعوض تأسيس تنظيمي لليسار يقوم على أساس المؤسسين اتجهت الإرادة نحو تبني تنظيم المؤسسات وليس المؤسسين إلى غيرها مما اعتبر يومها قطيعة، أو رغبة في تدشين قطائع في الممارسة السياسية لليسار المغربي، فكان أن اتحدت المنظمة في منتصف يوليوز  2002 مع ثلاثة حركات يسارية هي الحركة من أجل الديمقراطية والديمقراطيون المستقلون والفعاليات اليسارية المستقلة، مشكلة ما أصبح يعرف بـ “حزب اليسار الاشتراكي الموحد PGSU”. وكانت في الحقيقة  سنة 2005، تدشينا لنقاشات و مشاورات كانت جرت بين الحزب وجمعية الوفاء للديمقراطية المنشقة عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حيت سيجري الاندماج ليولد “الحزب الاشتراكي الموحد.

أ/ انتخابات 2007 النقطة التي أفاضت الكأس

اعتبر أن غاية وجوهر وأساس الوحدة والاندماج، هو التوسع الجماهيري، وهو تجاوز الضعف والتشتت، وأن قياس النجاح من عدمه، سيكون الفيصل فيه نتائج الانتخابات، وحجم الأصوات التي سيحققها هذا الحزب الموحد.

ودون الدخول في تفاصيل لا يتسع المجال لها، كانت النتائج مخيبة وكانت أقل مما حققته منظمة العمل الديمقراطي الشعبي في آخر انتخابات ستخوضها، لنتذكر هنا أنه في عام 1997 ستحصل على 8 في المائة من الأصوات، وتنتزع أربع نواب في البرلمان، حصيلة الوحدة والاندماج ستكون نتائجه مخيبة للآمال سواء في انتخابات 2002 بدون الوفاء للديمقراطية، أو في انتخابات 2007 بعد اندماجها.

لم تكن في الحقيقة الانتخابات هي المقياس الواحد في تواضع نتائج سيرورة التوحيد والاندماج، بل كان تراجع التأثير يلمس مواقع أخرى وواجهات أخرى، ومن تم ازداد منسوب الاختلاف والصراع بين المكونات اليسارية التي اندمجت في حزب واحد، وحتى ما اعتبر مكاسب وإنجازات وقطائع، عاش هو الأخر أزمته، فلا تجربة التيارات نجحت، ولا تدشين سيرورة بناء حزب المؤسسات شقت طريقها للإنجاز، ولا الثقافة التنظيمية المبنية على المواطنة الحزبية التي كانت منطلقا من المنطلقات الأساسية في التأسيس وجدت لها في الواقع الفعلي مكانة في بنية تنظيمية سرعان ما ستعود لسابق عهدها، وحتى والاندماج قائما ظلت المكونات اليسارية قائمة وتعتبر منطلقا لكل التوافقات التي تحدث داخل حزب يساري، كان القرار المعلن أن يكون تجربة  ومنارة ضوء لليسار المغربي.

يتبع

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى