حول العالمكورونا

في الخليج مقيمون ومغتربون يموتون دون نظرة وداع أخيرة من أحد

بقيت جثة المواطن الهندي، الذي توفي في دبي بفيروس كورونا، داخل سيارة الإسعاف مقابل غرفة حرق الجثث، بانتظار وصول صديق أو زميل يلقي عليه نظرة وداع، لكن بعد ساعة تقريبا لم يظهر أحد.

وبصمت مطبق، بدأ 4 رجال ارتدوا ملابس الحماية من الفيروس مهمتهم، فحملوا الجثة التي لفت بغطاء أبيض إلى غرفة المحرقة، حيث تحولت في غضون ساعتين ونصف الساعة إلى مجرد رماد في علبة فضية.

ويعمل ملايين المغتربين في الإمارات ودول الخليج الأخرى، وقد شكلوا على مدى عقود طويلة العمود الفقري للقوة العاملة في مستشفيات ومصارف ومصانع وورش البناء في هذه الدول الثرية.

وأمضى العديد منهم سنوات طويلة وهم يكدون في عملهم لإرسال المال لذويهم، حالمين بالعودة يوما إلى موطنهم لبدء عملهم الخاص أو حتى بناء منزل.

لكن حتى وهم جثة هامدة، فإن نقلهم إلى أوطانهم في زمن فيروس كورونا المعدي أصبح أمرا شبه مستحيل.

ويقول ايشوار كومار، المسؤول في مركز حرق الجثث في موقع صحراوي بعيد عن المناطق السكنية في جنوب دبي: “العالم كله تغير. لم يعد يأتي أحد، ولا أحد يلمس شيئا، ولا أحد يقول وداعا”.

ويضيف كومار أنه قبل بدء اجتياح الفيروس للعالم في نهاية ديسمبر الماضي، “كان الناس يأتون إلى هنا، 200 أو 250 شخصا، للبكاء وتقديم الورود. الآن يموت الأشخاص وحيدين”.

وغالبية ضحايا الفيروس في الخليج، وعددهم أكثر من 170، وغالبية المصابين الذين تجاوز عددهم 29 ألفا، هم من العمال المغتربين الباحثين عن لقمة عيشهم بعيدا عن بلدانهم، وبينها الهند، وباكستان، وبنغلادش، والفلبين والنبيال.

قبل ساعات من حرق جثة المواطن الهندي الذي كان في الخمسين من عمره، وهو شريك تجاري في شركة سياحية في دبي، واجهت جثة اختصاصية تجميل فلبينية المصير ذاته في الموقع نفسه.

وحملت شهادتا وفاتهما عبارة مشتركة هي “التهاب رئوي جراء فيروس كورونا” كسبب للوفاة.

وعادة تُسلم العلبة الفضية التي تشترى من سلسلة متاجر محلية كبرى ويوضع فيها الرماد، إلى قريب أو شخص مسؤول عن مصالح الضحايا، إذا تواجد في بلد الوفاة، أو تُرسل إلى سفارة بلاده.

ويقول سوريش غالاني، مسؤول آخر في موقع حرق الجثث الذي يضم معبدا هندوسيا، إن الضحايا “عمال ومعظمهم لا أقرباء لهم هنا. يأتي أحيانا زملاء لهم” يعملون لصالح الشركة ذاتها لأخذ العلبة.

ورغم وقف الرحلات الجوية في غالبية دول الخليج من جراء انتشار الفيروس، تحاول الحكومات في المنطقة تسيير رحلات خاصة لترحيل العديد من العمال الذين بات كثيرون منهم بلا عمل. غير أن التعامل مع جثث الضحايا هو تحد من نوع آخر، إذ إن وجود مرض معد يستوجب الدفن أو الحرق من دون تأخير.

وبحسب مصدر في وزارة الصحة السعودية “حتى الآن، تطلب العائلات دفن الجثث داخل السعودية لأنها تفضل ذلك”.

المصدر: أ ف ب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى