صحةفي الواجهةكورونا

مسلمو العالم مقبلون على رمضان استثنائي جراء قيود فيروس كورونا

يأتي شهر رمضان هذا العام في توقيت صعب على العالم الإسلامي، بسبب جائحة فيروس كورونا، إذ فرضت الأزمة التباعد في الشهر الذي يعتبر المسلمون التواصل والتقارب فيه أمرا بأهمية العبادات.

فهذا الشهر، الذي يعتبره المسلمون فضيلا، هو شهر التزاور الأسري، والتجمع، والتدبر في أمور الدين، والعمل الخيري والصلاة.

إلا أن 1,8 مليار مسلم يقبلون على رمضان لم يشهدوا مثله من قبل، في ضوء إغلاق المساجد، وحظر التجول المفروض، بسبب كورونا، ومنع صلاة الجماعة من السنغال إلى جنوب شرق آسيا. ويبدو أن صلاة التراويح التي تؤدى جماعة في المساجد كل ليلة خلال هذا الشهر ستقام في المنازل هذا العام.

وفي مختلف أنحاء العالم الإسلامي، ولدّت الجائحة مستويات جديدة من القلق قبل شهر الصوم.

فمن إلغاء ولائم الإفطار مع العائلة إلى تعليق الصلاة في المساجد، يستعد المسلمون لاستقبال شهر رمضان كئيب، في ظل تفشي فيروس كورونا، وإجراءات الحد من التنقل لوقف انتشاره.

ولطالما تجمعت العائلات وقت الإفطار خلال الشهر بعد يوم من الصيام، من شروق الشمس حتى غروبها. ويتميز شهر رمضان أيضا بشعائر العبادة فيه.

وتبدو عادات شهر رمضان الذي يبدأ هذا الأسبوع، بعيدة المنال، مع وجود الملايين من السكان في الشرق الأوسط، من السعودية إلى لبنان إلى ساحات القتال في ليبيا والعراق واليمن، في عزل صحي تام.

إقامة صلاة التراويح بالحرمين مع استمرار تعليق دخول المصلين

قالت رئاسة شؤون الحرمين، الأربعاء، في بيان إن الملك سلمان بن عبد العزيز وافق على إقامة صلاة التراويح بالحرمين الشريفين، وتخفيفها إلى خمس تسليمات “مع استمرار تعليق دخول المصلين، وذلك لمنع انتشار فيروس كورونا”.

وكانت وكالة الأنباء السعودية قد قالت، الثلاثاء، إن السلطات قررت تقليل ساعات حظر التجول المفروضة على عدة مدن، خلال شهر رمضان، لإتاحة مزيد من الوقت للمواطنين لشراء احتياجاتهم الأساسية داخل نطاق الحي السكني الذي يقيمون فيه.

وكانت رئاسة شؤون الحرمين أعلنت، على تويتر، نقلا عن الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ عبد الرحمن السديس، إن السعودية مددت الإثنين تعليق الصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي خلال شهر رمضان لوقف انتشار الوباء.

وحثت السعودية المسلمين على عدم التجمع للصلاة أو الاختلاط بسبب الزيادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا في منطقة الخليج.

وقال وزير الصحة، توفيق الربيعة، في كلمة بثها التلفزيون، الإثنين، “نحن في مركب واحد، يجب أن نطبق التباعد الاجتماعي للوقاية من الفيروس”، مشيرا إلى أن شهر رمضان تكثر فيه الأنشطة الاجتماعية، معربا عن أمله بأن يكون هذا الشهر، في هذا العام، مختلفا جراء الالتزام بالاحترازات والتباعد الاجتماعي.

وأجازت العديد من السلطات الدينية، بما في ذلك المفتي العام للسعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، إقامة صلاتي التراويح والعيد في البيوت.

وفرضت المملكة، التي يزورها ملايين المسلمين، سنويا لأداء العمرة، ومناسك الحج، إجراءات وقائية صارمة للحد من انتشار الفيروس، تشمل منع التجمعات، بما في ذلك صلاة الجماعة، ومناسك العمرة.

وفي الأسابيع الماضية، بدا المسجد الحرام والكعبة، التي لطالما اكتظت بعشرات آلاف من المصلين، شبه خاليَين من المصلين.

وقال مؤذن المسجد الحرام، علي ملا، “قلوبنا تبكي”، مضيفا “اعتدنا على ازدحام المسجد الحرام بالناس، خلال الليل والنهار، وكل الأوقات”. وتابع “شعرت بألم داخلي”.

ولم تعلن السعودية، حتى الآن، عن قرار يتعلق بموسم الحج، في يوليوز المقبل، ولكن من المرجح أن يتم إلغاء الموسم، للمرة الأولى، في التاريخ الحديث بسبب الفيروس.

الشعائر الدينية والعادات الاجتماعية تحت الحجر الصحي

وفي الأردن من المتوقع أن تصدر الحكومة، بالتنسيق مع دول عربية مجاورة، فتوى تحدد كيفية أداء الشعائر الدينية، خلال رمضان، غير أن هذا الشهر يبدو مختلفا لملايين المسلمين.

وفي أفريقيا وآسيا ألقى فيروس كورونا بظلال قاتمة، وأثار جوا من الغموض.

في أسواق وشوارع مدينة القاهرة المترامية، التي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، ولا تهدأ فيها الحركة، في العادة تقريبا كان للفيروس تداعيات كارثية.

وخلال رمضان يرص الباعة في شوارع العاصمة المصرية مناضد عليها التمر، والمشمشية، والفواكه المجففة، التي يفطر عليها الصائمون، ويعرضون أشكالا شتى من الفوانيس الملونة. غير أن السلطات فرضت، هذا العام، حظر تجول ليليا، ومنعت صلاة الجماعة، وغيرها من الأنشطة.

ومع الفيروس، رفض الكثيرون الادعاءات بجواز الإفطار في شهر رمضان، مصرين أن الفيروس لا يعني منع الصيام. وكتبت دار الإفتاء المصرية، في تغريدة على تويتر، “مجرد الخوف من الإصابة بفيروس كورونا ليس مسوِّغًا للإفطار”.

وفي إرشاداتها الخاصة بشهر رمضان، أكدت منظمة الصحة العالمية عدم وجود دراسات تربط بين الصيام والإصابة بفيروس كورونا، مشيرة إلى إن الأشخاص الأصحاء “بإمكانهم الصيام، خلال شهر رمضان، كما في السنوات الماضية”.

وبينما يتساءل أصحاب المطاعم في الجزائر عن كيفية تقديم وجبة الإفطار للمحتاجين، ومطاعمهم مغلقة، في حين أن الجمعيات الخيرية في أبوظبي التي تقدم الإفطار للعمال، أصحاب الأجور المنخفضة، الوافدين من جنوب شرق آسيا، لا تدري ماذا تفعل، في ضوء إغلاق المساجد.

وفي السنغال تتجه السلطات للسماح بمواصلة العمل الخيري، وإن كان على نطاق محدود.

وفي العاصمة داكار اعتادت الجمعيات الخيرية توزيع خبز ندوجو المغطى بالشكولاتة، والكعك، والتمر، والسكر، والحليب، على المحتاجين، غير أنها ستوزعها هذا العام على المدارس الدينية، بدلا من توزيعها في الشوارع.

أما في إندونيسيا، التي يوجد بها أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم، فسيتواصل البعض مع أحبائهم عن بعد هذا العام.

وأعلن مفتي القدس والديار الفلسطينية، الشيخ محمد حسين ،أن صلاة التروايح ستكون، أيضا، في المنازل، ودعا المواطنين إلى عدم تحري هلال رمضان هذا العام.

وتأتي هذه القيود استجابة لتوصيات منظمة الصحة العالمية، التي حثّت الدول الإسلامية على “إعادة النظر جديا” في أي احتفالات دينية جماعية.

وهذا العام، قام الكثير من المسلمين بإعادة توجيه ميزانياتهم لشهر رمضان، لشراء القفازات والأقنعة، وغيرها من أساليب الوقاية من الفيروس.

وفي إيران، التي ترزح تحت عقوبات، سمحت السلطات باستئناف الأنشطة “منخفضة المخاطر” على غرار المتاجر، والشركات الصغيرة.

كما دعا المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي الشعب إلى الصلاة في المنازل، خلال شهر رمضان، للحد من تفشي فيروس كورونا المستجدّ في إيران، الدولة الأكثر تضررا به في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى