سياسةمجتمع

المشاريع الكبرى لأكادير وأزمة “المقاربة التشاركية”

تتكشف كل يوم تدقيقات على ما يسمى “بالمشاريع الكبرى” المزمع تنفيذها في جهة سوس-ماسة، والتي قدمت خطوطها العريضة بمناسبة الزيارة الملكية الأخيرة لمدينة اكادير.

وعوض أن يقوم مجلس الجهة بيوم دراسي أو بأبواب مفتوحة لتعريف الساكنة بطبيعة هذه المشاريع، مواضيعها، المجالات المعنية بها، الأحياء أو المناطق التي ستستفيد منها، كلفتها المالية وأثر كل ذلك على التنمية المحلية والجهوية، فإن المجلس المذكور، آثر الصمت كعادته، تاركا “للإشاعة” و”للمعلومة المسربة” أن تملأ الفراغ التواصلي المؤسساتي المرتبط بالمدينة، وبالجهة في كليتها.

ومن بين المعطيات التي تكشفت مؤخرا، أن شركة التنمية المحلية “أكادير سوس-ماسة تهيئة” التي يترأس إدارتها أحد مرؤوسي الوالي الحالي للجهة، زمن إشرافه على وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، قد قدم مشروعا لإحداث مرآب عمومي تحت أرضي بساحة بيجوان، وإنشاء حديقة على سطحه تمتد إلى الكورنيش الحالي للشاطئ، مما سيقود عمليا إلى إزالة المطاعم والمقاهي التي تعد جزءا من “هوية” الكورنيش والمممتدة من مقهى “الجوهرة” إلى حدود مقهى “ليل ونهار”.
وإذا كانت هذه المعطيات، التي يتم تداولها اليوم على نطاق واسع بالمدينة، صحيحة وسليمة، فإن السؤال الذي يطرح على هذه الشركة ومديرها، هو أن مشروعا بهذا الحجم والذي سيقام على ملك جماعي يعود لجماعة أكادير، وبمجالها الترابي، ويشكل موردا أساسيا لمداخيلها، وأن هذه المطاعم والمقاهي تدار وفق عقود استثمر فيها القطاع الخاص، وتشغل يدا عاملة مهمة، وتعد متنفسا للمدينة ساكنة وزوارا، يأتي “تقني” بحس “تكنقراطي”، فيقدم على رسم الخرائط وتقديم الدراسات، دون أي استشارة قبلية للمعنيين مباشرة بالمشروع، ودون تقديم أية بدائل اقتصادية لمدينة تعيش اليوم إفلاسا في جميع القطاعات الفلاحة، السياحة، والخدمات… وإذا أضفنا عليها تداعيات جائحة كورونا، فالحصيلة ستكون، لا شك، أسوأ…

إن إحداث شركات التنمية، طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، يأتي في سياق الرغبة في توفير الخبرة التقنية المؤهلة، لمساعدة المجالس المنتخبة على أداء مهامها التي اتسعت على المستويين النوعي والكمي، وأن القانون التنظيمي المذكور، يشدد في كل أحكامه على منهج “المقاربة التشاركية” والانصات إلى المواطنين، ومع الأسف الشديد، أن هذا الفهم الجديد للتدبير، لم ينته إلى علم المسؤولين عن شركة التنمية المحلية لسوس ماسة، ولا غرابة في ذلك، فالذين لم ينصتوا بالأمس لساكنة الصحراء لن ينصتوا اليوم لساكنة أكادير، فعقلية التكنفراط هكذا، تهمها مصلحتها أولا وأخيرا، وتحجب عنها “التقنية” أن ترى الحقيقة كما هي، لهذا فشل “حزب التكنقراط”، وفشل الذين راهنوا ويراهنون عليهم…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى