رأي/ كرونيك

إذا كان الملك في خطابه يقول: الدولة لم يعد لديها ما تعطيه…فلابد إذا من إعلان الحرب على فساد الحفنة المحظوظة.

بقلم مراد بورجة

حَبَس المغاربة أنفاسهم قبيل الخطاب الملكي مساء السبت الماضي، ليس بسبب الارتفاع اليومي المهول لأعداد قتلى جائحة كورونا، تغمدهم الله برحمته، بل خوفاً من أن يتخذ الملك محمد السادس قراراً يعيدهم للحجر الصحي العام بعد القرارات التي اتخذتها معظم الدول الأوربية.

وهو الشيئ الذي سبق أن حمّل الملك فيه المسؤولية للمغاربة ونبهم وقال ” إذا استمرت أعداد الإصابات بوباء كوفيد-19 في الارتفاع، فإن اللجنة العلمية المختصة بهذا الوباء قد توصي بإعادة الحجر الصحي، بل وزيادة تشديده”.

بكل بساطة الملك بدوره يتخوف من أن يُهلك السواد الأعظم من المغاربة بالجوع حيث قال “الدولة تمكنت من دعم العديد من الأسر التي فقدت مصدر رزقها. إلا أن هذا الدعم لا يمكن أن يدوم إلى ما لانهاية، لأن الدولة أعطت أكثر مما لديها من وسائل و إمكانات”.

هذا يعني أن الهاجس اليوم لدى الملك كما الشعب أصبح اقتصادي أكثر منه صحي لما وصل إليه حال الاقتصاد بالمغرب.
فما هو الحل يا ترى؟.

خلال وبعد الخروج من الحجر الصحي الأول، ولغاية اليوم أصيب الكثيرين من المغاربة، وشفي آخرين، وأبعد الباقون من الحالات المعروفة والمسجلة لذى وزارة الصحة والداخلية.

إلاّ أنه اليوم قد يكون تعدى ثلث عدد المغاربة أو أكثر من الذين قد تكون جائحة كورونا أصابتهم وتعافوا منها دون أن يدركوا ذلك.

بتحليلات مخبرية سريعة على الدم سيتمكن هؤلاء من معرفة من أصبح من المغاربة يمتلك مضادات حيوية تمكنه من مقاومة هذا الوباء القاتل، والخروج للعمل دون خوف من ذروة الموجة القادمة.

أما الباقون فهم ملزمون بالحجر الصحي، وملزمة الدولة أن تدعمهم مرة أخرى.

وبما أن الملك يعي أن الدولة لم يعد لديها ما تسد به رمق شعبها، ولا أحد أكثرت بقول الملك هذا.

إذن فهي ملزمة اليوم، وبعد أن عبر العديد من المواطنين عن دعمهم للصندوق الملكي، في حين أن الكثيرين “داروا عين ميكا”.

فلابد للدولة أن تبادر باسترجاع الأموال المنهوبة من ناهبيها المعروفون بتبييضها، بعد أن تحصلوا عليها بواسطة التلاعبات ومن جرائم اقترفوها وهم عصابات ومافيات معروفة في شتى أنواع النصب من أجل نهب المال العام في مختلف المهن.

تكفي اليوم الإرادة الملكية القوية، وإعطاء صلاحيات واسعة للسلطات المختصة، لما يكتسيه هذا الظرف الراهن من خطورة لما عاشه وسيعيشه المغرب لتبادر هذه السلطات لتفكيك هذه العصابات والمافيات المتجذرة، وتتريكها .

أما الحفنة المحظوظة ومنها من استغلوا الجائحة واغتنوا بالاتجار في ضروريات الحماية من الجائحة، كبعض أصحاب شركات صناعة الكمامات الذين تُكلفهم صناعة كمامة ما بين 15و 25 سنتيم ويبيعونها بمبلغ 80 سنتيم وتدعمهم الدولة ب 40 سنتيم، أي بقدرة “مولاي احفيظ العظيم” بعضهم يربح درهم كامل كربح صافي عن كل كمامة حتى أصبح مدخولهم اليومي يعد بملايين الدراهم في اليوم الواحد.

أما النوع الثاني الذي اغتنى غنا فاحشا في ظرف وجيز وفي ظروف غامضة فهؤلاء حدث ولا حرج.
ونختم بالسي عزيز أخنوش وعائلته الذي اتهمته صحيفة فوربس أنه ازدادت ثروته من 1,7 مليار دولار إلى 3,5 مليار دولار، أي بمعنى آخر أصبح السى أخنوش يملك اليوم أكثر من 3222 مليار سنتيم مغربي ومازالت الصحيفة تصر على صحة هذه المعطيات لغاية كتابة هذه الأسطر.

ولا ننسى ملف المحروقات أن تعجل الدولة بفرض أداء 9 ٪؜ من مداخل الشركات المدانة من طرف هيئة المنافسة.

ونمر بعد ذلك لهؤلاء الذين حصلوا على تراخيص الامتياز دون غيرهم في البناء وربحوا الكثير من ملايير الدراهم من وراء ذلك.

أوقات عصيبة آتية لا محالة يلزمها تفكير عميق وأسئلة يروج لها ويتساءل العديد من المغاربة نفس التساؤل الذي سبق أن طرحه الملك محمد السادس مع الشعب وتساءل عن “أين هي الثروة، ولماذا لم يستفد منها جميع الدول المغاربة”.

نحن نعرف أن الملك لن يخلف وعده، فهو من قال أن هناك “حفنة محظوظة اغتنت غناً فاحشا، في حين ازداد الباقي فقراً مدقعا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى