بركة: منطق الانتقائية ساد عملية تقديم الدعم للقطاعات المتضررة من كورونا ولا مجال للنهوض الاقتصادي دون دعم القدرة الشرائية للمواطن
تراجع حزب الاستقلال عن دعمه لمقترح احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في اللوائح، حيث قال أمينه العام، نزار بركة، إن طريقة احتساب الأصوات الحالية غير منصفة ولا عادلة، لكن لا يمكن مراجعة نمط الاقتراع هذه السنة، لأن الوقت لا يسمح بذلك.
كما انتقد بركة، خلال مروره ببرنامج “حديث مع الصحافة” الذي بث على القناة الثانية، استمرار تأخر القوانين الانتخابية.
وأوضح بركة، خلال البرنامج ذاته، “نتخوف من تأجيل القوانين الانتخابية ليكون النقاش هامشيا”، مشيرا إلى أن المشهد السياسي يعرف الكثير من الضبابية، فيما فقد المواطن الثقة في هذا المشهد وحتى في التدبير الحكومي، فتأجيل مدونة الانتخابات، ونقاش القاسم ولائحة الشباب والنساء، هو تهريب للنقاش، مستدركا “نعم هي مهمة لكنها ليست ضمن اهتمامات المواطن الذي يتخوف على معيشه ومستقبله”.
وأضاف نزار بركة أن الانفراج قريب بخصوص ملف الوحدة الترابية، بعد الانتصارات الديبلوماسية المهمة والمتتالية التي يقودها الملك محمد السادس بخصوص هذا النزاع المفتعل، آخرها الاعتراف الأمريكي التاريخي بمغربية الصحراء، وما سيرافقه من استثمارات مهمة من شأنها تعزيز وتيرة التنمية بهذه المنطقة،وبالتالي جعل المغرب فعليا بوابة حقيقية نحو عمقه الافريقي.
وقال الأمين العام لحزب الاستقلال، الأربعاء 13 يناير 2021، على القناة الثانية، إن المغرب انتقل اليوم من منطق البحث عن سحب الاعتراف بالجمهورية الوهمية، إلى منطق تأكيد الاعتراف بمغربية الصحراء، مجددا الدعوة للمغاربة المحتجزين في تندوف بالأراضي الجزائرية إلى العودة لأرض الوطن حتى ينعموا بالتنمية والديمقراطية الحقة.
وفي سؤال حول الأمازيغية، ذكر بركة بمطالبة الفريق الاستقلالي بالبرلمان للحكومة بضرورة تجاوز خلافات الأغلبية، والإسراع بالمصادقة على القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، باعتبارها قضية لكافة المغاربة، لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تكون محل أي نزاع أو خلاف، وإنما يجب أن تصان،كما يرى ذلك حزب الاستقلال، في إطار الوحدة الوطنية والإنسية المغربية المتعددة المكونات والروافد، مستحضرا هنا الدعوة التي سبق للزعيم الراحل علال الفاسي أن طالب بها، والمتعلقة بضرورة وضع كرسي خاص بالأمازيغية في الجامعة المغربية إبان الشروع في بناء دعائم المغرب المستقل بعد الخروج من الاستعمار، ومذكرا كذلك بالاحتفاء الذي توليه صحافة الحزب بالثقافة الأمازيغية من حيث المحتوى والكتابة من خلال تخصيص صفحة أسبوعية،بجريدة “العلم” بتعاون مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية .
وتوقف الأمين العام عند الأزمة الخانقة التي يعرفها المغرب، بسبب آثار جائحة فيروس كورونا،والتي أثرت سلبا على مجموعة من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وما تبع ذلك من انعكاس على دخل فئة واسعة من المواطنين، الذين بات همهم الأول البحث عن سبيل لتوفير القوت اليومي، وما رافق ذلك، أيضا، من انحدار فئات واسعة من المجتمع نحو عتبات الفقر المدقع، وكل هذا في سياق سياسي يتسم بالضبابية و”البلوكاج” الحكومي الذي بدأت معالمه منذ تكون الأغلبية، إلى يومنا هذا، ولا أدل على ذلك التماطل والتهرب من حل الاشكاليات الكبرى التي كان من المفروض أن توليها الحكومة العناية والأولوية، بدل الانشغال بالصراعات الدائمة لأغلبيتها الهشة، وغير المنسجمة، لا على مستوى الأداء، ولا في البحث عن الأغلبية البرلمانية لتمرير بعض القوانين، الأمر الذي زاد من ضبابية المشهد السياسي لدى المواطن المغربي.
وفي هذا السياق، لم يخف بركة تخوفه من استمرار الحكومة في تأجيل إخراج القوانين الانتخابية، وانشغالها في هذا السياق بأشياء هامشية التي لا تهم المواطن الذي بات همه الأول هو البحث عن قوته اليومي،واستمرار مطالبه المشروعة بضرورة تحسين الخدمات الموجهة له،وخاصة في الصحة والتعليم، وضمان العدالة الاجتماعية.
وأكد الأمين العام بأن حزب الاستقلال، منذ مؤتمره العام السابع عشر، جعل في مقدمة أولوياته الترافع عن قضايا المواطنين، والمشاكل التي تواجه مختلف الفئات والشرائح المجتمعية، والعمل بمنطق القرب الاجتماعي، وتأطير المواطنين، والاسهام في وضع الحلول و البدائل للاشكاليات التي يعانون منها، والحرص على التواصل الدائم مع المواطنين، وكل ذلك من أجل التقليص من حدة أزمة ثقة المواطنين في الأحزاب والحكومة والعمل السياسي، إذ لا يمكن تغيير هذا الوضع غير السليم، سوى بتكريس المصداقية، وربط القول بالفعل.
وفي سؤال حول التحالفات السياسية المقبلة، كان جواب الأمين العام شافيا عندما قال إن نمط الاقتراع الحالي لا يساعد أبدا على قيام تحالفات قبلية، وعلى هذا الأساس، فحزب الاستقلال سيأخذ بمنطق “الميثاق مع المواطن” أي أن تحالفه سيكون مع الأحزاب التي تتقاسم معه نفس السياسات التي ينوي حزب الاستقلال تطبيقها على أرض الواقع.
وبخصوص تشجيع المشاركة السياسية، توقف نزار بركة عند أهمية المقترح الذي تقدم به الحزب، والمتعلق بتجميع كافة الاستحقاقات الانتخابية في يوم واحد، وهو الأمر الذي يحظى بنوع من الاجماع لدى باقي الفرقاء السياسيين، محذرا في ذات السياق، من تكرار نفس سيناريو الانتخابات السابقة، التي أثرت سلبا على نسبة المشاركة، حينما تم تهريب النقاش السياسي إلى من هو “مع” أو “ضد” ما سمي في تلك الفترة بـ”التحكم”، عوض تقديم الحساب، ومناقشة البرامج والمخططات، وبالتالي لا معنى اليوم لإعطاء مسألة القاسم الانتخابي أو اللائحة الوطنية أكثر مما تستحق على حساب قضايا تشغل المواطن بدرجة أكبر.
وقال الأمين العام لحزب الاستقلال إنه لا مجال لتعليق الأزمة التي يعرفها المغرب، فقط، على شماعة فيروس كورونا، وإنما الحقيقة والمؤشرات تؤكد بما لا يدع مجالا للبس على الأداء الحكومي الضعيف منذ بدايته، هو الذي جعل المغرب يفتقد للمناعة التي كانت ستساعده على تجاوز الكثير من الاشكاليات التي عمقتها الأزمة، مستشهدا هنا بتراجع معدلات النمو خلال هذه الولاية الحكومية الحالية، مقارنة مع ماكان عليه الأمر إبان الحكومات السابقة، من 5 في المائة إلى 3 في المائة فما أقل، وعودة منحى البطالة إلى الارتفاع، والتي انتقلت من حوالي 8 في المائة إلى 12.5 في المائة، بل قد تصل حد 14.5 في المائة في الشهور القادمة، وتراجع مردودية الاستثمارات بـ50 في المائة، وارتفاع مستوى ضعف ثقة المواطن في حاضره و مستقبله.
ودعا بركة إلى الإسراع بإنقاذ المقاولة المغربية، وخاصة الصغيرة، والصغيرة جدا، من الافلاس الذي يتهددها، وبالتالي فقدان الآلاف من فرص الشغل المباشرة و غير المباشرة، مبرزا هنا أنه لا يكفي منحها القروض دون وضع برامج أخرى مصاحبة تمكنها من استعادة عافيتها الاعتيادية، وإلا ستكون عاجزة بالمرة عن أداء ما حصلت عليه من قروض بنكية عاجلا أم آجلا. مبديا في ذات المنحى أسفه في سيادة منطق الانتقائية الذي ساد عملية تقديم الدعم للقطاعات المتضررة من الجائحة، متسائلا عن سبب اقصاء قطاعات حيوية أخرى، كما حصل مثلا للصناعة التقليدية، حيث أصبح مجموعة من حرفييها في ضائقة مالية غير مسبوقة، والبعض الآخر أعلنوا إفلاسهم بالكامل، وكذلك الشأن بالنسبة لقطاع الحمامات مع استمرار فرض الإغلاق في عدد من مدن المملكة.
وخلص الأمين العام إلى أن عدم تقوية القدرة الشرائية للمواطنين، لن يساعد أبدا على النهوض بالاقتصاد الوطني المنشود.