سياسة

اجماهري يقرأ طبيعة العلاقة الإسبانية المغربية على ضوء المتغييرات ويعتبر الفترة الحالية ليس أزهاها

قال عبد الحميد اجماهري القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي والصحافي، إن لإسبانيا وضع خاص في القضية الترابية للمغرب، فهي الدولة التي كانت تحتل المنطقة، وهي التي تملك وثائق كثيرة متعلقة بها، وهي أيضاً بلد عضو في لجنة “أصدقاء الصحراء”، وعادة ما يكون لموقفها وقع خاص في الأوساط المغربية، والتي تعادي المغرب على حد سواء.

وأشار اجماهري، في مقال نشرته “العربي الجديد” أنه لا يخفى على المتتبعين، ومواطني الدولتين، المغرب وإسبانيا، بالتحديد، أن الفترة الحالية ليست أزهى فترة في العلاقات، بسبب اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بسيادة المغرب على الصحراء.

في السياق ذاته، أوضح المتحدث ذاته، أنه دوما كان لإسبانيا، إغراء خاص في الخيال الجماعي للمغاربة، الشعبي منه والنخبوي. فهي ليست، فقط، فردوس الماضي المفقود، الذي دخل القصائد بعد أن خرج من خريطة الأمة، وبكته كمنجات العرب الخارجين من الأندلس، في حنينيات محمود درويش، بل هي أيضاً فردوس المستقبل، بالنسبة إلى الحالمين بالذهاب إلى مجتمعٍ منفتح، وتنجح فيه الانتقالات الديمقراطية، بقوة الملكية وإرادة الإصلاحيين، مضيفا، أن إسبانيا تمرينٌ جيدٌ لفهم جيواستراتيجية، متشعبة وبسيطة في الوقت ذاته، حيث الجوار، والصحراء والبحر، والتاريخ والموشحات والموريسكيون… واستعصاء السياسة.

الكاتب والشاعر والصحافي ، أكد أن القرائن، وليس الأدلة، هي التي تقول إن الإسبانيين ليسوا راضين عن أن تكون قضية الأقاليم الجنوبية المغربية، التي كانت قد استعمرتها عقوداً طويلة قبل تحريرها من المغرب، قد دخلت منعطفاً حاسماً مع القوة الكبرى في العالم، ربما بدون علمهم، ما أحدث سوء فهم، شعر الإسبان معه بأنهم في موقف ضعف.

واسترسل المتحدث ذاته، في مقاله الذي اختار له عنوانا دالا والمنشور اليوم الثلاثاء في العربي الجديد، “المغرب- إسبانيا: الأندلس وجيواستراتيجية القنافد”، قائلا: إن الغيوم التي تراكمت في السماء ما بين ضفتي المتوسط ليست دائمة، لكنها تعود بين الفترة والأخرى، في قضايا استراتيجية، وصلت أحياناً إلى المواجهات، كما حدث في قضية جزيرة ليلى التي كادت الأمور فيها تصل إلى المواجهات العسكرية أيام اليميني خورخي أزنار. الوضع، اليوم، متباين. ومع ذلك، فعندما أراد المغرب أن يطهّر معبر الكركرات (النقطة الحدودية بين المغرب وموريتانيا) أُشعِرَ الإسبانيون، ولم يكن سرّاً، في أوساط الإعلام والسياسة المغربيين، أن الرباط أخطرت مدريد بذلك، كما فعلت مع موريتانيا وأعضاء مجلس الأمن.

في السياق ذاته، أفاد اجماهري، في المقالة ذاتها، أن علاقة البلدين كانت أمام امتحان جيوعسكري سياسي، تحرّكت البوارج فيه والفيالق العسكرية في شرق المتوسط، ويتعلق بالولاية البحرية، ونجحا فيه، وصار نقطة قوة إضافية بفضل ذلك التفاهم العميق الذي تلته زيارة وزيرة الخارجية الإسبانية، في أول رحلةٍ لها بعد تنصيبها، ومعنى ذلك أن الحرب التي خاضتها قوى اليمين، ورئاسة جزر الكنارياس، لم يكن لها صدى في الأفق السياسي الرسمي لإسبانيا، فقد كان حزب اليمين الشعبي، وحزب فوكس المتطرّف على يمينه، يسعى إلى أن يجبر إسبانيا على العودة إلى أجواء الصراع بين الجارين المتوسطيين، بل العودة إلى أبعد من ذلك، إلى فترة الانتداب الاستعماري على جزء من المنطقة، غير أن الوزيرة نبهت، بالأساس، إلى أن العلاقات لا تخضع للمزاج السياسي أو بعد السياسي، إنها قضية دولة، وقضية استراتيجية لا تخضع للمزاج السياسي.

اجماهري، أكد وفق المصدر ذاته، أن الإسبانيين مقتنعين بأن لندن لن تتأخر كثيراً في فتح قنصلية لها في الصحراء، لأنها غادرت الاتحاد الأوروبي، ومن هذا المنطلق، عاب العقل الإسباني إغفاله تطورات مهمة في المغرب. هناك أربع نقط تحتل الصدارة في الدوائر الإعلامية والسياسية في الجارة الشمالية، هي الصحراء، سبتة ومليلية والهجرة والقاصرون الذين يصلون إليها، تحتكر تفكير عديدين من كتّاب الرأي وصنّاع العمق الشعبي للتصورات السياسية في البلاد المتوسطية من أوروبا، غير أن العقل الرزين يرى أن هذه الموضوعات هامة بالنسبة إلى جيل جديد من المحللين، لكنها “أبعد ما تكون عن تأسيس رؤية شاملة عن العلاقات مع جارنا”، على حد تعبير خبير الدبلوماسية والحكامة، باوو سولانيا. والمغرب، بالنسبة إليهم، هو أيضاً سوق بالنسبة إلى المقاولات والاستثمارات، حيث تحل إسبانيا في المرتبة الثانية بعد فرنسا. وهي شريك لا يمكن القفز عليه في الأمن الإسباني والأوروبي، في محاربة الإرهاب والهجرة وغيرهما، إضافة إلى أن الجالية المغربية من أكبر الجاليات فيها.

في السياق ذاته، أكد كاتب المقال، أن كل هؤلاء يدعون إلى الانتباه إلى ما حققه المغرب من اختراق اقتصادي ودبلوماسي في أفريقيا (القنصليات، الاستثمارات الكبرى) لفائدة دول أخرى لا تنظر بقلق أو حيرة إلى اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء، ومن بينها المملكة المتحدة، الجار الصعب الآخر في جغرافية إسبانيا بفعل جبل طارق. والإسبانيون مقتنعون بأن لندن لن تتأخر كثيراً في فتح قنصلية لها في الصحراء، لأنها غادرت الاتحاد الأوروبي، (لبريكسيت قوانينه)، و”تعترف بالرؤية الاقتصادية والسياسة الأفريقية لمحمد السادس”، التي تنوي الاستفادة منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى