ذاكرةسياسة

“دابا بريس” تواصل نشر مواكبة الصحافي حفيظ ل”الربيع المغربي” الحلقة 10 ووصف مواكبة دوزيم ل20 فبراير بالإعلام البوليسي

تواصل “دابا بريس” نشر سلسلة افتتاحيات، كان الصحافي محمد حفيظ واكب بها ما سمي الربيع العربي، وواكب بشكل أكثر استرسالا “الربيع المغربي” مع ولادة حركة 20 فبراير، وسجل في كل السياقات، من بدء الحركة، حتى خطاب 9 مارس، حتى تشكيل لجنة وضع الدستور ومختلف النقاشات التي صاحبته، وعموما  افتتاحيات واكبت هدا الحراك المغربي، لحظة بلحظة، في هذه الحلقة العاشرة، يرصد محمد حفيظ وعبر افتتاحية ب”الحياة الجديدة” سلوك الإعلام الرسمي، الذي يصر  حفيظ أن يصفه بإعلام السلطة، وليس الإعلام العمومي، ويسجل أنه و في تتبع فعاليات هذه الحركة، ظل مخلصا لطبيعته، إعلاما سلطويا،  حد يصفه حفيظ  في هذه الافتتاحية، التي نعيد نشرها،  تعليقا على القناة الثانية ونقلها لمسيرة الحركة في 20 مارس بالدارالبيضاء في 201، ومختلف تعليقاتها، والتي فرضت على الصحافي محمد حفيظ، أن يصفها بالإعلام البوليسي

وفيما يلي الحلقة العاشرة و  افتتاحية : البوليس الإعلامي

 

كان عملا مخجلا من كل النواحي، المهنية والأخلاقية والسلوكية، ذلك الذي اقترفته القناة الثانية في ظهيرة يوم الأحد 20 مارس الجاري، حين سعت بكل ما أوتيت من وسائل، في التصوير والإخراج والمونتاج، إلى تحريف الحقائق وتزييفها وتزويرها، وهي تنقل للمشاهدين «تغطيتها» لمسيرة «حركة 20 فبراير» بالدار البيضاء.

قدمت أرقاما زائفة. وكشفت أنها زيفتها مع سبق الإصرار والترصد. فقد أعلن المذيع، قبل أن يغادر آخر مشارك المكان الذي توقفت فيه مسيرة الدار البيضاء، أن عدد المشاركين هو 1500 مشارك، قبل أن يتدارك الأمر، بعد أقل من دقيقة، ليحول الرقم إلى 5000. وبإمكان من لم يسبق له أن مارس الحساب البسيط وحضر المسيرة ألا يثق في ذلك الرقم الذي بثته «دوزيم». ثم أجهدت القناة نفسها لتقنع العالم بأن من خرج يجوب شوارع العاصمة الاقتصادية صباح ذلك الأحد، استجابة لدعوة شباب حركة 20 فبراير، هم منتسبو جماعة العدل والإحسان، التي أطنبت في وصفها بـ«الجماعة المحظورة». وبعد ذلك، استعملت المقص البليد لتقطع أوصال تصريحات شباب من حركة 20 فبراير، الذين سيجدون كلامهم محرفا عن مواضعه ومقاصده.

وهذا أسلوب يشبه تلك الممارسات التي كان بعض عناصر شرطة السير يستعملونه لتصيد مستعملي الطريق، حين كانوا يختبئون في زوايا الطرقات ومنعرجاتها ويخفون كاميراتهم وراء الأشجار والأسوار، ليغنموا صيدا ثمينا عن طريق المباغتة والاحتيال. كانت هذه الممارسة المرفوضة محط نقاش خلال صياغة مدونة السير، حيث تقرر أن يقف الشرطي في المكان الذي يراه فيه السائق، لأن الهدف من وجوده هو الوقاية من حوادث السير، وليس نصب الكمين لمستعملي الطريق. لكن بعدما بدأت هذه الممارسة الفريدة تختفي من طرقاتنا، ها هي قنواتنا العمومية تعود إلى إحيائها. لكنها، خلافا لبوليس السير، تكشف الكاميرا، حين تنصبها أمام الضحية، بينما الاحتيال يمارس في الأستوديو، والمباغتة تكون عند بث التصريح. ولذلك، يمكن من الآن أن ننعت هذا الإعلام بـ«الإعلام البوليسي». وقد فطن شباب حركة 20 فبراير لهذا، فرفعوا تلك اللافتة المعبرة التي تدعو إلى إسقاط البوليس الإعلامي.

أعود إلى مسألة الأرقام. وكما قلت، في جواب لسؤال الزملاء قي «الوطن الآن»، فإن الأمر، بالنسبة إلي، لا يتعلق بالأرقام التي يتم تداولها ويسعى كل طرف إلى توظيفها لخدمة الغرض الذي يهدف إليه. فالجدير بالانتباه، بالنسبة إلي، هو ما نجح شباب 20 فبراير في تحقيقه يوم 20 مارس. وهو، كما قلت لـ«الوطن الآن»:

أولا، نجاح حركة 20 فبراير في تنظيم هذه المسيرات، رغم كل أشكال التهديد والوعيد والقمع الذي بلغ أوجه بالدار البيضاء يوم 13 مارس.

ثانيا، استجابة المواطنين من كل الأعمار والأجناس والانتماءات والفئات والأحياء لدعوة هؤلاء الشباب، حين حضروا بتلك الكثافة وبتلك التلقائية.

ثالثا، حسن التنظيم الذي أبهر المشاركين، حيث سارت المسيرة الكبرى بالدار البيضاء بحسب المسار الذي حدده الشباب وفي التوقيت الذي حددوه وبالنظام الذي اختاروه، ودون أن يحدث أي حادث ولو بسيط.

رابعا، قدرة الشباب على ألا يقع أي خروج أو «انفلات» عن الشعارات التي سطروها واتفقوا عليها.

خامسا، قبول كل المشاركين بقيادة الشباب لهذه الحركة التي أسسوها. فقد شارك في المسيرة عدد كبير من الأشخاص الذين لهم تجربة طويلة في العمل السياسي أو النقابي أو الحقوقي، وكلهم ساروا تحت قيادة الشباب، يتوقفون حين يطلب منهم التوقف، ويجلسون حين يطلب منهم الجلوس، ويرددون الشعارات التي يرفعها الشباب، ولم يحدث أن تدخل أحدهم لتوجيه الشباب أو تقديم النصح.

ولعل ما نجحت فيه مسيرة الدار البيضاء أيضا هو أنها كانت جوابا شافيا على السلوك الهمجي الذي تصرف به والي الأمن بالدار البيضاء مصطفى الموزوني ضد وقفة 13 مارس، سواء أمام مقر الولاية أو أمام مقر الحزب الاشتراكي الموحد. وهي أيضا تكذيب للمعطيات الواهية والخيالية التي قدمها لتبرير ذلك التدخل العنيف غير المقبول، لا من الناحية الأمنية ولا من الناحية القانونية ولا من الناحية الحقوقية. فقد تابعنا جميعا كيف مرت مسيرة الأحد 20 مارس في أجواء هادئة ومسؤولة طيلة ثلاث ساعات. لقد كانت مسيرة سلمية وحضارية كذبت كل المزاعم التي أوردها الموزوني وعممها الإعلام العمومي. سار المتظاهرون في الشارع العام بمركز المدينة، حيث توجد المقاهي والمحلات التجارية، دون أن يسجل أدنى تصرف يهدد سلامة المواطنين أو ممتلكاتهم أو يعرقل السير.

ومثلما كانت سلمية في المشي، كانت أيضا سلمية في الشعارات. فلم يسجل أي «انفلات» في الشعارات التي اتفق عليها المنظمون. لقد لقن شباب 20 فبراير والي الأمن درسا يجب أن يكون له ما بعده. فلم يعد يوجد، بعد الذي ارتكبه يوم 13 مارس، أي مبرر لأن يستمر هذا المسؤول في منصبه الأمني. والحدود الدنيا للمسؤولية تفرض عليه أن يتوفر على المقومات والمعايير التي تؤهله للسهر على أمن أكبر مدينة مغربية، من حيث السكان والاقتصاد. إن استمرار وجوده على رأس ولاية الأمن بالدار البيضاء أصبح يهدد أمن المدينة وسلامة مواطنيها واقتصادها. ولنا أن نخمن ما الذي كان سيقع يوم 13 مارس لو تطورت الأمور وقام المعتدى عليهم بالرد على القوات الأمنية التي سخرها الموزوني لممارسة العنف الجسدي عليهم، بينما هم كانوا مسالمين في وقفة سلمية. لو كان للمتظاهرين إرادة للمواجهة، لكانت حدثت الكارثة.

بل إن الشكل الحضاري والسلمي الذي مرت فيه كل المسيرات التي شهدتها العديد من مدننا يوم 20 مارس يدفعنا إلى الدعوة إلى فتح تحقيق لمعرفة الجهة الحقيقة التي كانت وراء ما شهدته بعض المدن من أحداث عقب انتهاء تظاهرات يوم 20 فبراير. من حقنا أن نشك. وما يحدث يفرض علينا أن نشك.

25 مارس 2011

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى