سياسةمجتمع

الخطر الأبيض: المدارس الشريكة… التعليم الثالث الذي سيبدد عقارات وزارة أمزازي

من حين لآخر تطلع علينا بعض الكيانات المدنية التي تتقاطع اهتماماتها أفقيا مع المهام الكبرى لوزارة أمزازي، جمعيات ومكونات تشتغل مدنيا على القطاع التربوي، وقد تجد لها امتدادات جمعوية في قطاعات بكر وأخرى اجتماعية، هذه الكيانات المدنية تجتهد هذه الأيام وعينها على عقارات وزارة أمزازي وفق رؤية غريبة لتقديم صيغ هجينة لاستغلال المؤسسات المغلقة العمومية، والمساهمة في استنزاف الاحتياط العقاري للوزارة الذي هو في الوقت نفسه احتياط مالي لتمويل المشاريع الكبرى، و كما يسيل لعاب كبار المضاربين العقاريين غزة أيضا موضوع تربص لضباع في أقنعة مختلفة.

وقد تم التداول مؤخرا حول إمكانية بلورة هذا التوجه الاستنزافي في صيغة شراكة غريبة عرضتها مجموعة من الجمعيات التي تشتغل في قطاع التعليم الأولي والتربية غير النظامية، إذ عرضت مشروعا ظاهره التنمية والشراكة وباطنه التفويت والخوصصة الناعمة، فحسب تصوره بعضها، يتم تفويت هذه المؤسسات المغلقة لتدبير تربوي ثالث، لا هو خاص ولا هو عام، وفق شراكة تسمح للجمعيات والخواص باستغلال المؤسسات المغلقة في التربية، غير أن هذا التفويت الذي نعرف هل هو لجمعيات أو لخواص سيخضع لدفتر تحملات صارم جدا.

وبرر من يدفعون بهذا التصور، هذا النوع من الشراكة الهجينة، الذي تفوت فيه وزارة أمزازي مؤسساتها المغلقة، بعدم الاستفادة منها وهي مغلقة، وفتح المجال لهذا النوع من التعليم الذي نسميه: المدرسة الثالثة… أي لا خاص ولا عام، لتوظيف حاملات وحاملي الشهادات، وكثير من الكلام المبهر
من الوهلة الأولى يبدو التصور ثوريا وقويا، بإعادة الحياة إلى مؤسسات تعليمية مغلقة ، لكن العملية في جوهرها، تفويت ذكي وناعم ولا صخب ولا أثر لعقارات وزارة التربية الوطنية، ورأسمالها العيني الاحتياطي الذي من شأنه أن يضخ أموالا ضخمة، أو إعادة تأهيله ممكن لأداء مهام تربوية اجتماعية ثقافية الرياضية وانفتاحية وتكوينية جديدة رائدة.

وقد رفض الفاعلون والمتدخلون مرارا والمجتمع المغربي ، كل تفويت للمؤسسات العمومية المغلقة، ولو بالدفع برؤى ذات طابع مدني وتربوي ضمن شراكات، فالمنظومة الدولية، لا تعرف بنية ثالثة بين القطاع العام والخاص غير القطاع غير النفعي والخيري وهو قطاع يعتمد على إمكاناته الذاتية ومختلف أشكال الدعم، ويخضع بيداغوجيا للوزارة الوصية من حيث السياسية التعليمية وتكوين الأطر.

حذار….من التفويتات الملتوية، وإطلاق يد الجمعيات في عقار الوزارة، علما أن الوضع الحالي لم يعد يتحمل مزيدا من الإغراق، مذ اتخذ قرار جعل التعليم الأولي بيد الجمعيات، وهو قرار سنؤدي ثمنه غاليا مستقبلا، لأن التعليم الأولي مسؤولية الدولة، لا المجتمع المدني، والأخطر أننا أمام وضعيات شاذة تجعل كثيرا من الجمعيات تقتطع جزءا من المؤسسات التعليمية، وتجعله مقرا لها، في غياب أي تفعيل لشراكة حقيقية يستفيد منها وفق القانون أطفال المؤسسة التي تقيم فيها الجمعية بشكل غريب ومستفز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى