رأي/ كرونيكسياسة

نعم..حذف وزراة حقوق الإنسان في حكومة أخنوش بداية تصحيح عطب دستوري وشلل حقوقي

اطلعت على تصريح الصديقين Aziz Rhali و Adil Tchikitou بخصوص الغاء وزارة حقوق الإنسان. حيث اعتبراها انها مؤشر سلبي، ودافعا على الابقاء عليها.
شخصيا، كنت ولازلت مدافعا شديدا على الغاءها ، للأسباب التالية:

عزيز ادمين
عزيز ادمين الخبير الدولي في مجال حقوق الإنسان

أولا:

وجود آلية حكومية تتولى التنسيق بين مختلف القطاعات الحكومية في مجال حقوق الانسان، هو أحد توصيات اعلان وبرنامج فيينا لسنة 1993، وبالتالي ضروري ان توجد هذه الالية لتعزيز حماية والنهوض بالحقوق الحريات، وهو ما دفع المغرب الى أحداث المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان في مارس 2011، والتي اعتبرت من قبل المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة لمجلس حقوق الإنسان بجنيف (تصريحات نافي بلاي) من الممارسات الفضلى ، التي على الدول الاقتياد بها.

ثانيا:

وجود وزارة حقوق الانسان، يعني جعل الحقوق والحريات قطاع احادي وعمودي، في مقابل ان الحقوق والحريات هي عرضانية في كل القطاعات الحكومية ، الصحة، التعليم ، الشغل، السكن ، المدنية والسياسية التي تشرف عليهما وزارة الداخلية والعدل في حدود معينة، يعني وجود قطاع دي نفس احادي لحقوق الإنسان هو مخالف تماما لمبدا العرضانية والافقية كما اوصت بذلك مبادي فيينا.

ثالثا:

التدخل والازدواجية، بين وزارة حقوق الإنسان والمندوبية الوزارية، أدى إلى شلليهما معا، خاصة وان كل من وزير حقوق الإنسان ومندوب حقوق الإنسان يستمدان مشروعية وجودهما من خلال ظهائر التعيين، ظهير تعيين “منتخب” وهو وزير حقوق الانسان، وظهير تعيين “معين” وهو المندوب، فإن كانت القوة الدستورية لكليهما متساوية، الا ان الاعراف التقليدية والممارسة السياسية وفق النظام السياسي المغربي تميل دائما إلى ترجيح قوة “المعين” على “المنتخب “.

رابعا:

حصر مسألة حقوق الإنسان في قطاع واحد، يجعل المخاطب شخص واحد، اما الغاء الوزارة ، فالمخاطب الان أصبح متعدد، كل وزير وفق اختصاصاته…

خامسا:

وزارة حقوق الإنسان كما المندوبية الوزارية، ليست آلية حمائية ، لكونها جزء من الجهاز الحكومي، و دورها تزين وجه الدولة في الخارج وشماعة تعلق عليها الانتهاكات المرتكبة من قبل وزارة الداخلية او أجهزة او هيئات أخرى.

سادسا:

يقال، ان وجود وزير حقوق الانسان في الحكومة، ضروري للتقابل مع وزارة الداخلية، وتحقيق نوع من التوازن، وايضا من أجل إيصال الصوت الحقوقي في المجالس الحكومية، وهذه الحجية ضعيفة جدا، لكون اغلب و أشد الاعتقالات والانتهاكات كانت في فترة وجود حقيبة حقوق الإنسان، ولم تؤثر ابدا على تصحيح الاوضاع، باستنثاء التدخل هنا أو هناك للسماح بتنظيم نشاط معين او تسليم وثيقة معينة لشخص ما.

سابعا:

ان هيئات الحماية، هي القضاء بالدرجة الأولى، البرلمان، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والجمعيات الحقوقية، وليس الحكومة ولا وزارة ما… لهذا على الجمعيات الحقوقية ان تكون هي الوزارة الحقوقية المدنية الموازية للحكومة في مختلف المجالات، و السياسات الاجتماعية، والحقوق المدنية والسياسية، والتشريعات، والترافع أمام هيئات الأمم المتحدة، وتتبع ومواكبة التوصيات والتعهدات الطوعية للدولة المغربية …

ثامنا:

عشنا عطب دستوري حقيقي، ومازالت ارتداداته مستمرة، بإحدث المندوبية الوزارية بمقتضى مرسوم، اي انها تدخل في المجال التنظيمي لرئيس الحكومة وفق الفصل 72 من الدستور، في حين ان المندوب الوزاري معين بظهير ملكي، في غياب اي سند دستوري او قانوني.

فالملك بمقتضى الفصل 42 من الدستور، يمارس مهامه بمقتضى ظهائر من خلال السلطات المخولة له صراحة، واسطر على كلمة صراحة، بنص الدستور.

وبالعودة للدستور، فلا نجد اي منصب متعلق بالمندوب الوزاري، كما أن القوانين التنظيمية والعادية لا يوجد منها ما يخول للملك سلطة تعيين المندوب الوزاري.

وحتى ظهير تعيين المندوب الوزاري لم يستند على اي نص دستوري كما جرت به العادة في جميع التعيينات الأخرى.

وهذا العطب الدستوري، سيستمر إلى غاية تصحيحه بإصدار نص تشريعي(قانون) وفق الفصل 71 من الدستور الذي ينص على : يختص القانون بكل ما يتعلق بالحريات والحقوق، ويضيف الفصل نفسه ايضا : إحداث كل شخص اعتباري من أشخاص القانون العام.

بهذا النص القانوني، يمكن للملك ممارسة سلطة تعيينه بظهير وتحدد بشكل دقيق اختصاصات المندوبية وعلاقتها بالحكومة والبرلمان والهيئات الأخرى والمجتمع المدني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى