حول العالم

تقرير إخباري شامل: العسكر في السودان يكرس الانقلاب بالإعلان عن مجلس سيادة انتقالي جديد

شكل الفريق أول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني مجلس سيادة انتقالياً جديداً استبعد منه أربعة ممثلين لقوى الحرية والتغيير، التحالف المدني المنبثق من الانتفاضة التي أسقطت عمر البشير عام 2019، بحسب ما أعلن التلفزيون الرسمي،أول أمس.

وأكد التلفزيون أن البرهان احتفظ بمنصبه رئيساً للمجلس كما احتفظ الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) – قائد قوة الدعم السريع، المتهم بارتكاب تجاوزات إبان الحرب في دارفور وأثناء الانتفاضة ضد البشير – بموقعه نائباً لرئيس المجلس.

وكان البرهان انقلب في الخامس والعشرين من أكتوبر على شركائه المدنيين وأعلن حال الطوارئ في البلاد وحلّ مجلس السيادة الذي كان يترأسه، والحكومة برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وغيرها من المؤسسات التي كان يفترض أن تؤمن مساراً ديمقراطياً نحو الوصول الى انتخابات وحكم مدني.

وفجر اليوم نفسه، تم توقيف حمدوك ووزراء وسياسيين. ومساء اليوم التالي وبعد ضغوط دولية، أعيد حمدوك الى منزله حيث وضع قيد الإقامة الجبرية. وفي الخامس من نوفمبر أصدر البرهان قراراً بالإفراج عن أربعة وزراء.

ويضم المجلس الجديد 13 عضواً من بينهم تسعة كانوا أعضاء في المجلس السابق وأربعة أعضاء جدد حلوا محل أعضاء المجلس السابق المنتمين الى قوى الحرية والتغيير.
وتم تأجيل تسمية ممثل شرق السودان في المجلس السيادي الى حين إجراء “مزيد من المشاورات”، وفقاً للتلفزيون السوداني.

وكان شرق السودان شهد احتجاجات واسعة استمرت شهراً ونصف قبل الانقلاب تم خلالها تعطيل العمل في ميناء بورتسودان على البحر الأحمر وهو المرفأ الرئيس في البلاد، ولكن قادة المحتجين قرروا تعليق حركتهم مطلع الشهر الجاري لإعطاء الفرصة للسلطات للاستجابة الى مطالبهم.

ولم يتم بعد تشكيل حكومة بديلة من تلك التي كان يترأسها حمدوك، التي يصر أعضاؤها على أنهم يمثلون السلطة “الشرعية” في البلاد.

بموجب المرسوم الذي أصدره البرهان، يضم المجلس الجديد 13 عضواً من بينهم تسعة كانوا أعضاء في المجلس السابق وأربعة أعضاء جدد حلوا محل أعضاء المجلس السابق المنتمين الى قوى الحرية والتغيير.

وأشهر الأعضاء الجدد أبو القاسم برطم، الذي كان نائباً في البرلمان في عهد البشير وهو رجل أعمال يدير شركات تعمل في الزراعة والنقل. وكان برطم استقبل فرانس برس عام 2020 في منزله المشاد على طراز البيت الأبيض في الخرطوم للدعوة الى تطبيع العلاقات بين بلاده وإسرائيل.

وبدأت السلطات الانتقالية السودانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد أن وضعته واشنطن شرطاً لشطب السودان من لائحة الدول الداعمة للارهاب وحلحلة أزمته الاقتصادية.

وانضمت الى المجلس لأول مرة كذلك سلمى المبارك التي لا تاريخ سياسياً لها والمتحدرة من أسرة صوفية عريقة، وهي ثاني امرأة في المجلس السيادي إلى جانب رجا نيقولا ممثلة الأقلية القبطية التي احتفظت بعضويتها.

وسائر الأعضاء التسعة الذين احتفظوا بعضويتهم يمثلون الجيش أو مجموعات المتمردين التي وقعت اتفاق سلام مع السلطات الانتقالية في 2020 بعد نزاعات استمرت سنوات في مناطق عدة.

والثلاثاء، دعت دول الترويكا (بريطانيا والولايات المتحدة والنروج) التي تعمل على الملف السوداني منذ سنوات الفريق أول البرهان الى عدم اتخاذ قرارات “أحادية” والى اعادة حمدوك الى موقعه.

والخميس، التقى السفراء الاوروبيون وزيرة الخارجية المقالة مريم الصادق المهدي وطالبوا مجدداً “بالعودة الى النظام الدستوري” و”الإفراج الفوري عن المحتجزين” ومن بينهم وزراء وسياسيون وناشطون وحتى بعض المارة.

ويبدو أن هذه الاعتقالات لم تضعف عزيمة أنصار نقل السلطة الى حكومة بحت مدنية، إذ دعوا مجددا الى “تظاهرة مليونية” السبت.

وفي ردود الفعل المحلي، ذكر شهود أن محتجين في شرق العاصمة السودانية الخرطوم أغلقوا طرقاً وأحرقوا إطارات في وقت متأخر من أمس، وذلك بعد قليل من إعلان القائد العسكري للبلاد تشكيل مجلس سيادة جديد.

وانطلقت الاحتجاجات في منطقة بري، معقل التظاهرات المؤيدة للديمقراطية منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير.

وتظهر الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي على ما يبدو احتجاجات مماثلة في أجزاء أخرى من العاصمة.

بينما رفض وزير الإعلام السوداني المدني المقال حمزة بلول تشكيل مجلس سيادة جديد في أعقاب سيطرة الجيش على السلطة الشهر الماضي، ووصفه بأنه “يمثل امتدادا للإجراءات الانقلابية”.

وأعرب بلول في بيان عن “ثقته في قدرة الشعب السوداني على حسم الانقلاب وتصفية آثاره واستعادة كافة مكتسبات ثورة ديسمبر المجيدة” ومواصلة الانتقال إلى الديمقراطية.

وعلى الصعيد الدولي، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، أمس، إن التطورات في السودان “مقلقة للغاية”، بما في ذلك تعيين مجلس سيادة جديد غير جامع، بينما قال مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان إن “نافذة الحوار والحل السلمي للأزمة بصدد الانغلاق”، بحسب مصدر دبلوماسي.

من جانبه، عقد مجلس الأمن الدولي صباح أمس اجتماعاً مغلقاً بشأن السودان، كان مدرجاً على جدول أعماله الأسبوعي.

ولم يصدر أي بيان مشترك من المجلس عقب اجتماعه، ولم تحاول المملكة المتحدة التي طلبت عقده إصدار بيان بسبب موقف روسيا، بحسب دبلوماسيين.

وواصلت موسكو خلال الاجتماع دعم قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي نفذ انقلاباً في نهاية تشرين الأول، مؤكدة أنه ضروري لضمان استقرار البلاد، وفق ما أفاد دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته.

وقالت السفيرة البريطانية في الأمم المتحدة باربرا وودورد لصحافيين بعد الاجتماع “ما زلنا نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن مزيد من الإجراءات الأحادية الجانب للجيش والتي تتعارض مع روح ونص الإعلان الدستوري”.

وأضافت أن مبعوث الأمم المتحدة فولكر بيرتيس أبلغ المجلس خلال الاجتماع “بشكل مباشر للغاية أن نافذة الحوار والحل السلمي بصدد الانغلاق”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى